الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سالم الحتاوي•• مبدع صاغ حالة مسرحية مميزة في المشهد الثقافي

سالم الحتاوي•• مبدع صاغ حالة مسرحية مميزة في المشهد الثقافي
22 ابريل 2009 05:19
فجعت الساحة الأدبية والمسرحية والفنية في الإمارات مساء أمس الأول برحيل الكاتب والمؤلف المسرحي الإماراتي الشاب سالم الحتاوي (48 عاماً) والمولود في دبي عام ،1961 والذي يعد واحدا من أغزر كتاب المسرح في الإمارات وأكثرهم إنتاجا وتنويعا في مواضيعه المسرحية والدرامية التي أثمرت عن حصاد لامع من التقديرات والحافلة بالجوائز والإشادات والتنويهات النقدية والاحتفائية• ساهم الحتاوي في إثراء الحركة المسرحية المحلية منذ أواسط التسعينات من القرن الماضي، كما كتب للتلفزيون أعمالا مازالت حاضرة في ذاكرة مشاهدي الدراما الرمضانية مثل (بنت الشمار) و(الكفن) و (آخر أيام العمر)، وكانت له مشاركات مميزة في مهرجانات مسرح الطفل ومسرح الشباب والأفلام الروائية القصيرة• ومنذ مسرحيته الأولى (أحلام مسعود) التي قدمها لمهرجان أيام الشارقة المسرحية في العام ،1994 أفصح الحتاوي عن موهبته المبكرة وقدراته التخيلية في صياغة حالة مسرحية تمزج بين النقد الاجتماعي وجماليات الحوار المسرحي والبناء الدرامي، وكان فوز مسرحية (أحلام مسعود) بجائزة أفضل نص مسرحي في تلك الدورة بمثابة المفاجأة المدهشة التي دفعت الحتاوي إلى تطوير آليات الكتابة لديه والافتتان بهاجس التأليف المسرحي، حيث استمر هذا الهاجس في التوسع والتشعب والإيغال نحو الموروث الشعبي والحكايات الإنسانية البعيدة والحافلة بالألوان والظلال التي يمكن أن تنعكس على الحاضر وتحاور إشكالياته وتعقيداته الراهنة• وأبان الحتاوي عن موهبته الصاعدة بقوة في مجال الكتابة للمسرح عندما شارك في الدورة التالية لأيام الشارقة المسرحية في العام 1996بأربع مسرحيات دفعة واحدة، وهي : (ليلة زفاف) و (صمت القبور) و(الملة) و ( إنها زجاجة فارغة)، واعتبرت هذه المشاركة الغزيرة في دورة واحدة سابقة أولى ومفرحة في أيام الشارقة، كما أنها كتبت شهادة ميلاد كاتب مسرحي مبدع ومتوهج في حقلي الكتابة بالفصحى والعامية على السواء• في تلك الدورة فازت مسرحيته (ليلة زفاف) بجائزة أفضل نص مسرحي وحازت الأعمال الثلاثة الأخرى جوائز عدة في مجال التمثيل والإخراج والعمل المتكامل• تشكلت موهبة الكتابة لدى الحتاوي في مرحلة الدراسة الثانوية، وتعززت هذه الكتابة واكتسبت نوعا من الانتباه الجمالي والمعرفي عندما ذهب الحتاوي لدراسة الهندسة في الولايات المتحدة الأميركية في العام 1984 حيث ساهم شعوره بالانفصال والحنين المضاعف في استدعاء الذاكرة الشخصية والعامة وقولبتها في كتابات وخواطر مسرحية أولى شكلت فيما بعد المنصة الذهبية التي أسست لكتابة حقيقية وأكثر جرأة ونضجا وتطورا• تعددت مواضيع الأعمال المسرحية والدرامية التي قدمها الحتاوي بين الهموم الاجتماعية والقضايا العامة والمشاغل الإنسانية المتعانقة مع أسئلة الهوية والوجود بأبعادها النفسية والفلسفية• وساهمت هذه الأعمال في إضفاء نوع من الحراك والدافعية الكتابية المشحونة بحس المغامرة والتجريب وتنويع الرؤى والأفكار والتلمسات والحوارات الصادمة بين الذات والآخر، وبين الذات وأسئلتها المقلقة والمسكوت عنها• ونذكر من هذه الأعمال التي لاقت صدى مميزا في المشهد المسرحي المحلي والخليجي والعربي أيضا : '' عرج السواحل'' و '' الياثوم'' و''زمزمية'' و '' زهرة'' و '' كل الناس يدرون'' و'' الجنرال''• وفي شهادات لـ ''الاتحاد'' من مجموعة من الفاعلين في الحقل المسرحي والفني الإماراتي حول تجربة الحتاوي المسرحية والإبداعية الثرية، يقول الدكتور حبيب غلوم : '' لقد فقدنا كمسرحيين أخا وإنسانا كان يتمتع بروح جميلة وأخلاق عالية، حيث كان الحتاوي ينأى بنفسه عن جو التحولات والصراعات الفنية، وخسارة كاتب بحجم الحتاوي هي خسارة مضاعفة لأننا خسرناه كصديق ثم خسرناه كمبدع وكاتب مميز وذلك بسبب ندرة كتاب الدراما في الإمارات، حيث كان الراحل من أهم أربعة كتاب محليين على مستوى الدولة ممن ساهموا في إثراء وتكوين بنية المسرح والدراما في المكان'' يقول الفنان عبدالله صالح كان الحتاوي بمثابة توأمي الروحي والفني، وكانت لقاءاتنا شبه يومية حيث كنا نتناقش حول مشاريعه وأفكاره المسرحية والدرامية القادمة، وأعتبر رحيله بمثابة خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها، خصوصا أن الراحل كان من الأشخاص المهمومين بالكتابة المسرحية للخروج من حالة الشح في النصوص المحلية الموجهة للخشبة وللشاشة الفضية'' ويقول الفنان محمد سعيد : ''رحيل الحتاوي خسارة مؤلمة لنا جميعا كمسرحيين وفنانين، وهي خسارة تضاعف من شعورنا باستحالة تعويض هذه المواهب الفاعلة والمؤثرة والتي كانت تملك وتخزن الكثير من المشاريع القادرة على تشكيل ملامح المسرح الهادف والرصين'' وأضاف سعيد '' كان الراحل يتمتع بأخلاقيات عالية وكان محبوبا من الجميع، ولم يدخل أبدا في مناوشات وصدامات مع المحيطين به في الوسط الفني، بل بالعكس من ذلك كان يساهم كثيرا في التخفيف من حدة الخلافات والتوترات التي عادة ما تنشأ بين الفنانين في ظل الحماس الزائد عند الدخول في الأجواء الفعلية للعمل المسرحي أو التلفزيوني'' • أما الممثل ومهندس الإضاءة محمد جمال فيقول : '' لقد فقدنا كاتبا مسرحيا مميزا وثريا في نتاجه سواء في مسرح الكبار أو الأطفال أو في الدراما التلفزيونية، ومن آخر الأعمال التي جمعتني بالراحل هي مسرحية '' ياسمين والمارد الشرير'' التي كتبها لمهرجان مسرح الطفل الذي أقيم مؤخرا، ولمست تواضع وشفافية الحتاوي وحسه الإنساني العالي عندما توجه إلى بعد انتهاء العرض وعانقني بقوة وهنأني على إيصال فكرة العمل من خلال الإضاءة والمؤثرات البصرية التي اشتغلت عليها، ولا شك أن رحيل الحتاوي سيترك فراغا مسرحيا وإنسانيا وثقافيا كبيرا يصعب تعويضه''• ويقول المخرج والممثل محمد العامري ''ان وفاة الحتاوي فاجعة كبيرة تمسنا جميعا وتتركنا في ذهول، لأن الحتاوي كان مثالا للالتزام والفنان والمبدع الحقيقي، ويعتبر رحيله خسارة ليس فقط للساحة الإمارات بل للساحة الخليجية الأوسع''• تشييع الحتاوي في مقبرة القوز بدبي صباح أمس دبي (الاتحاد) ــ شيع في العاشرة والنصف من صباح أمس الفنان والكاتب المسرحي سالم الحتاوي إلى مثواه الأخير في مقبرة القوز• وكان الحتاوي توفي مساء أمس الأول نتيجة لوعكة طارئة ألمت به ودفعت إلى إدخاله المستشفى، فتفاقمت عنده حالة القلب ثم زاد عليها الفشل الكلوي الذي كان من الصعب السيطرة عليه ما أدى إلى وفاته• وكان على رأس المشيعين بلال البدور المدير التنفيذي لهيئة الثقافة في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ورئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين إسماعيل عبد الله وعدد كبير من الفنانين والمبدعين في دولة الإمارات• وأعلنت جمعية المسرحيين أنها ستقيم مساء الجمعة المقبل بيت عزاء لتقبل العزاء في الفقيد• وحول رحيل الحتاوي قال بلال البدور إن هذا الرحيل المفاجئ يشكل فاجعة للحركة المسرحية في الدولة، حيث تعاني هذه الحركة من نقص هائل في كتاب الدراما عموما والنص المسرحي خصوصا، ويضيف البدور أن رحيل الحتاوي يأتي بعد جهود كبيرة بذلها في الفترة الأخيرة، ومساهمات فاعلة ومؤثرة وحضور بارز على مستوى المسرح الخليجي لا المحلي فحسب• وأشار البدور إلى حجم الحضور الكبير للمشيعين من فنانين ومؤسسات ثقافية، فقد شارك في التشييع جميع مسارح الدولة واتحاد كتاب وأدباء الإمارات وسواهم، الأمر الذي يؤكد حجم الخسارة وحجم الاحترام الذي يكنه الجميع لهذا المبدع• وبخصوص ما يمكن أن تقوم به الوزارة تجاه الراحل قال إن تخليد الحتاوي يتم بوسائل عدة كإطلاق اسمه على إحدى الدورات المسرحية في المهرجانات، وتقديم أعمال مسرحية حول مسيرته الإبداعية، إضافة إلى طباعة أعماله ونشرها على أوسع نطاق•
المصدر: إبراهيم الملا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©