الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دارفور... ما بعد طرد المنظمات

دارفور... ما بعد طرد المنظمات
22 ابريل 2009 22:27
أثناء رحلته التي قادته إلى السودان في الأسبوع الماضي زار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، جون كيري، إقليم دارفور الذي يمزقه الصراع ليصف الوضع بـ''المأساة الإنسانية'' مؤكداً أنها ''مأساة'' تبقى ''على رأس الأولويات''• فبعد انقضاء أكثر من شهر ونصف على طرد 13 من وكالات الإغاثة الدولية العاملة في السودان بتهمة التجسس على الحكومة زاد الوضع تدهوراً في الإقليم الذي كان قبل ذلك يتلقى أكبر جهد إغاثي في العالم• واليوم تتفاقم المخاوف بشأن تراجع جهود الإغاثة في منطقة غرب دارفور شبه الجافة، حيث يعيش ما يناهز 2,7 مليون نسمة من اللاجئين الموزعين على المعسكرات، بالإضافة إلى تنامي مخاوف انعدام الأمن بالنسبة لموظفي الإغاثة والمزاعم عن استعداد فصائل التمرد لتغيير الوضع• وعن الحالة المتدهورة في دارفور بعد طرد منظمات العمل الإنساني يقول ''آلان مادونالد''، الذي يعمل في منظمة ''أوكسفام'' البريطانية: ''لقد بدأنا نلمس التداعيات الخطيرة لطرد المنظمات الدولية من دارفور، لكن الأمر سيزيد سوءاً خلال الشهور المقبلة''• يُذكر أن الصراع الذي عمر لأكثر من ست سنوات بين القوات الحكومية ومتمردي دارفور خلف حسب تقديرات الأمم المتحدة 300 ألف قتيل وتسبب في تهجير ما لا يقل عن ثلاثة ملايين نسمة• وأكثر من ذلك بات مصير دارفور أكثر هشاشة بعد إصدار محكمة الجنايات الدولية في الشهر الماضي مذكرة توقيف في حق الرئيس السوداني، فجاء رد الفعل الحكومي بطرد منظمات الإغاثة الإنسانية مثل ''أوكسفام'' و''كير'' و''أطباء بلا حدود''• وفيما تقول الحكومة السودانية إن الوضع الإنساني في دارفور مستقر على رغم طرد المنظمات الإنسانية تصر الأمم المتحدة على أن الثغرة التي تركتها مغادرة وكالات الإغاثة الدولية ما زالت قائمة، فخلال أسبوع واحد في مطلع شهر أبريل الجاري فقد عشرة أشخاص حياتهم من بينهم طفلان في مخيم ''زمزم'' شمال دارفور بسبب الإسهال، هذا ناهيك عن انهيار الخدمات في المخيمات مثل آلات ضخ المياه والمراحيض والوقود، وفي بعض الأحيان قامت الميلشيات الموالية للحكومة بنهب المواد الغذائية المخصصة للاجئين• وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق أعمال الإغاثة فقد تركت عملية الطرد أكثر من خمسة آلاف طفل يعانون من سوء التغذية، فضلا عن النساء الحوامل دون غذاء كافٍ، ومن بين 650 ألف شخص ظلوا في المخيمات بعد طرد المنظمات الدولية لا يحصل حالياً سوى 30 في المئة منهم على التغطية الصحية الضرورية• ووفقاً لتقارير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أصبح النساء والأطفال في المخيمات أكثر عرضة لهجمات المليشيات المختلفة، لاسيما بعد تسجيل ارتفاع في الهجمات التي تسهدف اللاجئين منذ شهر مارس الماضي• وفي بعض المخيمات رفض اللاجئون تلقي المساعدات الإنسانية احتجاجاً على طرد الحكومة للمنظمات الإنسانية، ومع أن قادة أحد أكبر المخيمات في دارفور، ''كلما''، بدؤوا يقبلون تلقي المساعدات بعد ثلاثة أسابيع من الرفض، إلا أن مقاومة أعمال الإغاثة ما زالت مستمرة، وهو ما يوضحه ''إيدي رو''، رئيس برنامج الغذاء العالمي في جنوب دارفور بقوله: ''كان قادة المخيم واضحين في رفضهم التعامل مع منظمات الإغاثة المحلية، لأنهم يعتبرون أنها خاضعة للحكومة في الخرطوم وبأنها طريقة لاختراق المخيم''• وفي زيارته الأسبوع الماضي إلى السودان أعلن السيناتور كيري موافقة الحكومة على تسهيل مهام الإغاثة في دارفور، مضيفاً أن المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، سكوت جارشن، تفاوض أثناء زيارته الأخيرة ''مع الحكومة في الخرطوم للتوصل إلى اتفاق صلب يشمل العديد من النقاط الإيجابية لمعالجة الأزمة الإنسانية المستفحلة في دارفور'' في إحالة ربما إلى احتمال عودة المنظمات الإنسانية المطرودة إلى العمل في الإقليم، وإن كان الرئيس السوداني قد أكد مراراً أن قرار الطرد لا رجعة فيه• وفي غضون ذلك أصبح جو العمل بالنسبة لموظفي الإغاثة محفوفاً بالمخاطر مع تزايد حالات اختطاف العاملين الأجانب منذ أن غادرت المنظمات الدولية إقليم دارفور، حيث تعرضت عاملتان في منظمة الإغاثة الطبية إلى الاختطاف في الخامس من أبريل الجاري دون أن يفرج عنهما، كما قُتل موظف إغاثة سوداني بعدما تعرض لإطلاق النار في شهر مارس الماضي• ويشي الهدوء الذي التزمه المتمردون في الإقليم بعد صدور مذكرة الاعتقال ضد الرئيس السوداني بأن شيئاً ما يعد في الخفاء وبأن العنف قد يندلع مجدداً، فقد زعمت ''حركة العدل والمساواة''، وهي أكبر جماعة متمردة في دارفور، أنها حققت العديد من ''المكاسب'' خلال الأسابيع الأخيرة أهمها استمالة قائد كبير ينتمي إلى ''جيش تحرير السودان'' بقواته البالغ عددها 500 جندي إلى صفوف الحركة• وفي تصريح لأحمد حسين آدم، المتحدث باسم العدل والمساواة، حذر الحكومة السودانية مباشرة من أن ''العنف سيتصاعد قريباً''• لكن مع ذلك يشكك المراقبون في جدوى هذا الانضمام ومن بينهم ''ولفام لاشر''، الخبير في الشؤون السودانية بمجموعة مراقبة الأزمات إذ يرى أن ''التحالفات السابقة بين حركة العدل والمساواة وفصائل المتمردين كانت تحركها دوافع انتهازية وثبت أنها لا تعمر طويلا''• هبة علي - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©