السبت 30 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرية التعبير عن العواطف أساس الصحة النفسية للطفل

حرية التعبير عن العواطف أساس الصحة النفسية للطفل
14 مارس 2010 20:15
تعد عملية التعبير عن العواطف من أهم مستلزمات الصحة النفسية والبدنية للطفل والراشد على حد سواء، إلا أنها عملية مهمة للغاية بالنسبة للطفل، لأن أساليب التكيف لديه لم تصل بعد إلى الدرجة الكافية التي تمكنه من إيجاد البدائل الصحيحة التي يتمكن من خلالها تفريغ ما لديه من شحنات عاطفية وانفعالية. فإذا لم يكن المناخ المنزلي يتيح للطفل الفرصة كي يعبر عن عواطفه وأحاسيسه، فإنه سيعاني من الكبت والضغوط والتوترات، لأنه سيضطر الى التعامل مع عواطفه «المكبوتة» داخلياً بما يفضي به في النهاية إلى دوامة من الإضطرابات النفسية، إذ أن العواطف «المكبوتة» تتحرك نحو «اللاشعور» وتستقر به، وتعبر عن نفسها في صورة أعراض عصابية. وفي كثير من الحالات - إن لم لكن جميعها- لا يفهم الوالدان أسباب سلوك الطفل على نحو معين، رغم أن تلك الأسباب ترتبط مباشرة بالمناخ المنزلي وتصرفاتهما الضاغطة، ولم يجد الطفل متنفساً لهذا الضغط إلا من خلال التقليد مثلاً، لكن هذا المتنفس»الوحيد» لا يرضى الوالدان، ويقابلاه بالشدة أو الإستنكار، ففي هذه الحالة يلجأ الطفل إلى ما يعرف «بالاستجابات سيئة التكيف» وذلك بفعل الحافز الانفعالي الذي ينخفض عن طريق العرض العصابي أو النشاط الدفاعي، بمعنى أن الطفل «يتعلم» الأعراض المرضية كالخوف والقهر، كما يتعلم الميكانيزمات الدفاعية كالنكوص والنقل والتبرير والإسقاط وغيرها. فالتوازن العاطفي يحدث لدى الطفل، إذا لم يتح له المناخ العائلي أن يعبر عن إنفعالاته وعواطفه، وكذلك إذا تكررت المواقف التي تربك حياته النفسية أو التي تثير في نفسه الغضب أو الحزن أو الخوف. كما أن الحرمان من الأم مثلاً، حرمان من العاطفة بكل مشتملاتها، وفي حالة وجود الأم دون أن تشبع الحاجات العاطفية للطفل يكون المناخ العائلي غير مكتمل من حيث البناء والمحتوى النفسي، وإن بدا مكتملاً من حيث البناء الفيزيقي، وفي هذه الحالة يضطرب التفاعل العائلي في إحدى حلقاته الرئيسية، لأنه لا يصبح قائماً على أسس الود والحنان بما يكسبه صفة الدوام، كما يفتقد الثراء العاطفي والترابط النفسي الذي يمكن من خلاله الطفل أن يكتسب ويتعلم كيف يعيش، وفيه ينمو وتتكون شخصيته وعاداته واتجاهاته وميوله، انه يشعر بأنه مرغوب، ومقبول، ومحبوب، ومن ثم تتشكل الدعامة الأولى والأساسية لتقوية الروابط الوجدانية بين الأطفال والوالدين، وفي هذه الحالة يكون هناك المناخ العائلي الذي يمكن الطفل من تنمية قدراته من خلال اللعب ومشاركة بقية افراد الأسرة في الخبرات المختلفة، انه لا يصدم بأمور لا يفهمها، ولا يكلف بأمور يصعب عليه القيام بها فلا يدب اليأس إلى نفسه، وفي المناخ العائلي المفعم بالعواطف يتم إشباع ميل الطفل لأن يشعر بذاتيته وتقابل سلوكياته المقبولة بالإستحسان والتشجيع، وتشبع ميوله في الانجاز، كما يتعلم كيف لا يكون انانياً، وكيف يحترم حقوق الآخرين، ويتلاءم مع غيره من أفراد الأسرة ، كما أن المناخ العائلي العاطفي أيضاً يجعل الطفل دقيق الملاحظة لأساليب ومحتويات السلوك والإستجابات، وتتكون لديه - بطريقة لا شعورية - الإتجاهات الإيجابية نحو الوالدين، فلا تكون هذه الإتجاهات مرتبطة بالأب كرمز للسلطة بما يتجسد في كراهية المجتمع فيما بعد. وإذا كان على الأسرة أن تحافظ على أبنائها بحيث لا يتورطون في خبرات عاطفية سلبية أو فاشلة، فالمراهق أو المراهقة قد يمر بتجربة عاطفية تنتهي بالفشل، وقد يعاني نتيجة ذلك من إضطرابات نفسية متعددة، كما قد يعيش في حالة عزلة اجتماعية وانسحاب من المواقف، في مثل هذه الحالة يأتي دور الأسرة بحيث يتفهم الوالدان الموقف ويساعدان المراهق في أن يتغلب على انفعالاته ومشاعره، ويكتشف طريقه بنفسه في التخلص من الأحاسيس المؤلمة، غير أن المشكلة الحقيقية في مثل هذه الحالات وما شابهها، يأتي من مصدرين، الأول أن المراهق قد يخفي تجربته على الوالدين سواء من منطلق الخوف أو من منطلق الخصوصية وبالتالي لا تتمكن الأسرة من تقديم المساندة والدعم له كي يتجاوز محنته، في مثل هذا الموقف لا يخلو الأمر من دلالة على أن هناك خطأ من نوع ما في المناخ العائلي، فقد يكون هذا المناخ لا تتاح فيه للأبناء الفرصة أو الحرية للصراحة والتعبير عن تجاربهم ومشاعرهم من الأساس، أما المصدر الثاني، فهو أن رد فعل الأسرة يمكن أن يتسم بالإيذاء البدني أو العقاب النفسي للمراهق، فتزداد ضغوطه شدة وتصبح معاناته مضاعفة، بسبب الفشل العاطفي مضافا الى ردود الفعل العقابية من جانب الأسرة، في الوقت نفسه يمكن ان يكون رد فعل الأسرة سلبياً، وكأن الأمر لا يعنيهم وبالتالي يتركون المراهق وحده يواجه الأزمة، وهنا يفتقد الدعم أو المساندة مما يفضي به الى مزيد من الضغوط وقد يدخل في تجارب عاطفية جديدة يكون مصيرها المصاعب أو الفشل وينتهي به الأمر الى الدخول في دوامة من الأمراض النفسية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©