الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الرحيل!

الرحيل!
22 ابريل 2009 22:52
مساء الاثنين الماضي كنت أحضر عرض مسرحية ''الفرن'' لمسرح بني ياس بقاعة الظفرة بالمجمع الثقافي، هذا المبنى العتيق الذي يحتوي أنفاساً وتفاصيل من الثقافة والإبداع الإماراتيين وتجلياتهما، يحتوي ذاكرة واسعة من مسيرة التشكيل والمسرح والسينما والشعر والموسيقى•• بين ردهاته حنين وجدرانه تحفظ ذاكرة الجمال منذ افتتاحه؛ وأنه لم ولن يسقط من ذاكرة الثقافة المحلية والعربية، لما شكله من حاضن لفعاليات وأحداث فنية وثقافية• في هذا المبنى الشامخ، وقبل عرض مسرحية الفرن، حيث كنت أجلس بين جمهور قليل، سمعت أحد الجمهور المنتمين إلى الحركة المسرحية المحلية يحمل هاتفه ويغادر القاعة بكلمات مليئة بالحسرة، وفهمت أن أحداً ما قد غادر الحياة، وهو ما أكده رفيق له كان بقربه، ولكن لم أعرف من هو المتوفي، وفوراً غيرت موقع جلوسي كي أتفادى سلبية الموقف ولكي أتمكن من التواصل مع عرض ''الفرن''• وفي أثناء وعند مغادرتي مسرح الظفرة في المجمع الثقافي تلقيت عدة مسجات تفيد أن المسرحي المبدع سالم الحتاوي (48 سنة) قد رحل عن الدنيا• هكذا تلقيت خبر موت الحتاوي داخل ليلة مسرحية، وهو ابن المسرح الذي عرفه جمهور الإمارات من خلاله وبالتحديد من خلال الكتابة المسرحية الخصبة، وكأن قدري يريد لي أن اسمع اسم سالم الحتاوي لأول مرة وان يرسخ في ذاكرتي عن طريق ما يقدمه لنا المسرح، وأن أعرف بخبر رحيله أيضاً من خلال أجواء المسرح• في أجمل مراحل العمر السنية غادر الحتاوي الحياة•• غادر تاركاً نتاجاً إبداعياً مهماً على صعيد النص المسرحي والكتابة الدرامية، فالحتاوي الذي عرفه جمهور المسرح الإماراتي منذ مطلع التسعينات بغزارة إنتاجه الكتابي، كتب الكثير من النصوص المميزة والمهمة وقدمت الفرق المسرحية جلها، كما كانت مشاركاته في مسابقة أيام الشارقة المسرحية، لافته وذات حضور مميز وبصمة لا يمكن تجاهلها•• وبسبب غزارة إنتاجه، اعتقد الكثيرون انه ظاهرة سوف تختفي سريعاً، إلا أن الحتاوي خيب ظنهم واستمر في الكتابة منجزاً 32 نصاً مسرحياً، وبالتأكيد هناك نصوص أو مسودات نصوص تركها الحتاوي وغادر حياتنا موجوعاً في القلب• وكأن سالم الحتاوي كان يعرف برحيله المبكر عن الحياة، وكأن تلك الغزارة في الإنتاج الكتابي كانت سباقاً مع الزمن لتكريس بصمته في المسرح الإماراتي، التي بالتأكيد قد رُسخت ولن تمحوها السنين• عند منجز الحتاوي المسرحي يجب التوقف كثيراً•• فهو لا يعد من أهم كتاب المسرح في الإمارات بسبب نقص في عدد الكتاب كما يدعي عليه البعض، بل الحتاوي كاتب متميز وكان وسيكون له هذا التميز حتى وسط كم كبير من كتاب المسرح•• وهنا علينا احترام هذه التجربة كثيراً وأن تجمع مسرحياته في كتب وان ينشغل على نصوصه في ورش عمل تقدم في الجامعات وكذلك في الفرق المسرحية•• وأن ترسخ تجربته المسرحية ويستفاد منها في المكان• وداعاً سالم الحتاوي•• وداعاً أيها الرجل الطيب•• وداعاً ايها الجميل• saad.alhabshi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©