الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لحظات الأمل والألم

لحظات الأمل والألم
22 ابريل 2009 23:23
«زمن جميل مضى».. هكذا يطلق الناقد والمفكر المصري جابر عصفور على سنوات عمره الأولى، في الكتاب الذي صدر مؤخرا ويضم مجموعة من المقالات المتفرقة، كتب معظمها بين عامي 2001 و2002 وكلها عنه هو، في مرحلة التكوين العلمي والنقدي. ومن يتابع جابر عصفور الناقد والكاتب يعرف بعض ما جاء في هذا الكتاب مثل انه تلميذ د. سهير القلماوي وانه يجل استاذه واستاذها د. طه حسين. لكن هذه المقالات تضيف الكثير من التفاصيل عنه وعن رفاق جيله. ولا نستطيع الادعاء أننا بإزاء سيرة ذاتية، على غرار أيام طه حسين، ولكنها فصول ومقالات منفصلة وإن كانت متصلة في الموضوع والشخصيات. جابر عصفور من مدينة المحلة الكبرى، قضى بها سنواته الأولى مع رفاق الصبا القاص سعيد الكفراوي والمفكر نصر حامد أبو زيد والشاعر محمد صالح وغيرهم، ومن هؤلاء صديق اسمه «زكريا النوابتي» الذي كان معلما لسعيد الكفراوي، وكان زكريا يكتب القصة القصيرة عن المجتمع الريفي وما يجري به، وكان موهوبا بحق، والتفت بعض النقاد الى قصصه مبكرا، لكن لم يكن جابر يعرف ان زكريا منخرط في جماعة الإخوان المسلمين وان شقته التي كان يستضيفهم بها، كانت مركزا لاجتماعات الجماعة وقيل ان الاسلحة كانت مخبأة بها، وكان متأثرا بكتابات سيد قطب، وقد القى القبض عليه في سنة 1965 وحكم عليه بالسجن المؤبد، الى ان افرج عنه مطلع السبعينيات، حين قرر الرئيس السادات ان يعيد احياء الجماعة، فواصل زكريا دراسته والتحق بكلية الآداب التي كان جابر قد صار استاذا بها، واخذ يرعى زميله القديم، حتى تخرج واختفى. الى انه كان في زيارة لمدينة صنعاء، فوجد زكريا أمامه، حيث كان يعمل هناك، ودعا زكريا صديقه القديم الى بيته لتناول الغداء، وحدثه عن أيام السجن، وقصة كتاب المستشار حسن الهضيبي «دعاة لاقضاة» الذي تصدى فيه لدعاة التكفير والعنف، وقال انه تحت وطأة التعذيب قدم قائمة برفاقه وكان اسم جابر من بينهم ولم يكن زكريا وحده، كان هناك نصر أبو زيد، فقد كان متأثرا بأفكار سيد قطب وحسن البنا، وعمل فني لاسلكي نظرا لظروفه الأسرية، ثم التحق بكلية الآداب «منتسبا» وتفوق وصار معيدا بها، حتى وقعت له الازمة التي انتهت بتكفيره وغادر مصر الى هولندا، حيث يعمل محاضرا في جامعة «ليون». كان جابر قد تعلم في مدرسة للأقباط بالمحلة الكبرى، ولم يكن يشعر بأي مشكلة مع زملائه الأقباط، وكان اساتذته الاقباط يحثونهم على الذهاب الى المسجد لأداء الصلاة وذهب الى مقر جماعة الإخوان المسلمين، حيث كانت بها مكتبة وملعب لممارسة الرياضة، لكنه نفر بشدة نظرا لجهامة القائمين عليها وعبوسهم الدائم، فضلا عن ان المكتبة لم تكن بها الكتب الأدبية التي كان شغوفا بها. ومن الطرائف التي يحملها الكتاب، وقد يكون فيها ما يؤلم، أن جابر وهو طالب بكلية الآداب، كان يذهب أحيانا الى كافتيريا كلية الحقوق المجاورة لكليتهم، وفوجئ بأن طلاب الحقوق يعبرون زملاءهم طلاب الآداب أن كليتهم اسمها «كلية فاطمة»، وان كافتيريا الكلية تضم الفتيات الجميلات، وألمته تلك التسمية، لكنه حين راح يبحث عن أصلها، بدأ يفخر بكليته، كلية فاطمة، أي الأميرة فاطمة اسماعيل، ابنة الخديو اسماعيل التي تبرعت بأطيانها ومجوهراتها لبناء الكلية التي كانت نواة لجامعة القاهرة، بكلياتها العديدة والمتنوعة. ويشهد عصفور ان «كافتيريا الأداب» شهدت في تلك الفترة ـ سنة 1964 وما بعدها ـ حوارات فكرية وثقافية عميقة، بين مختلف التيارات الفكرية والثقافية حول القضايا القومية والقطرية التي كانت تشغل طلاب ذلك الزمان، فقد كان بينهم البعثي والناصري والاشتراكي وغير ذلك، وكان الطلاب من مختلف انحاء العالم العربي. وعلى عادته لا تخلو كتابات جابر عصفور من طرح التساؤلات التي تستوجب من الجميع التفكير فيها، مثل الاهتمام الشديد لدى المثقفين والنقاد بفترة الستينيات والتساؤل.. هل لأنها حملت الكارثة الكبرى في عام 1967؟ أم لأنها كانت مليئة بالأنشطة الثقافية والفكرية؟ ففي يوم واحد مثلا شاهد فيلم «الطريق» لنجيب محفوظ، ولم يعجبه لأن المخرج لم يفهم الأبعاد المتيافيزيقية لرواية محفوظ، لكنه شاهد في اليوم نفسه فيلم مأخوذ عن رؤية كازنتز اكس « المسيح يصلب من جديد» وخرج من الفيلم ليشارك في ندوة بجمعية الأدباء وكان صلاح عبدالصبور يلقي فيها الجزء الأول من مسرحيته الشعرية عن الحلاج. ويرتبط بالتساؤل حول سنوات الستينيات، تساؤل آخر حول ثورة يوليو 1952 وشخصية الزعيم جمال عبدالناصر، فهو يشيد بالثورة وبعبد الناصر ويعد نفسه إبنا للثورة، التي حققت جلاء الانجليز عن مصر وأشعلت تيار الاستقلال في المنطقة، وكذلك تأميم قناة السويس ومواجهة القوى الاستعمارية، فضلا عن تحقيق العدالة الاجتماعية لكنها رغم ذلك لم تهتم بالحريات السياسية والفكرية، مما ادى الى وقوع نكسة 1967 وما تلاها بعد ذلك. وبهذا المعنى ينتقد الثورة وزعيمها عبدالناصر، لكنه لا يغفل أبدا الجوانب الايجابية لها، والتي أتاحت لجيله التعليم المجاني في الجامعة وأطلقت الأحلام والآمال الوطنية والقومية الكبرى، في المجتمعات العربية كلها. ? الكتاب: زمن جميل مضى ? المؤلف: د. جابر عصفور ? الناشر: سلسلة كتاب اليوم - مؤسسة أخبار اليوم دراسات نقدية لعبدالله الحامدي في التشكيل القطري تجارب وتجاذبات فنية مفتوحة على كل الاحتمالات محمود إسماعيل بدر «بزوغ أولى ومضات الفن التشكيلي القطري يشبه الى حد بعيد الموجة الأخيرة التي تركت أنفاسها على مساحة الرمل وما زالت مفتوحة على أجمل الاحتمالات.. وبغير هذه الرؤية التبسيطية للولوج الى عوالم التعبير بالشكل لدى فناني قطر يبدو من العسير المضي سريعا بين تجاذبات الحركة التشكيلية القطرية وتجاربها الأكثر انخطافا وتعقيدا». هكذا افتتح الناقد عبدالله الحامدي مقدمة كتابه «ملامح تشكيلية قطرية ـ دراسات نقدية» الصادر عن منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث في 186 صفحة من القطع الكبير، وهو بالمناسبة كتاب موثق بصور لأعمال 10 فنانين قطريين ما بين التشكيل والتصوير والنحت هم: جاسم زيني، حسن الملا، سلمان المالك، علي حسن، عيسى الغانم، فرج دهام، محمد العتيق، محمد علي عبدالله، وفيقة سلطان، يوسف أحمد. نقد حيادي قدم للكتاب الشيخ سعود بن محمد بن علي آل ثاني رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث ونقتطف من التقديم: «عبد الله الحامدي مؤلف هذا الكتاب شاعر وناقد متخصص في الشؤون الثقافية والفنية، لا سيما الفن التشكيلي، ويتسم تعامله مع الموضوعات التي يتناولها بقدر كبير من الحياد المبني على أرضية معرفية وفكرية رصينة، كما يعد الحامدي من خيرة العارفين بالحركة التشكيلية القطرية». وفي الحديث عن الكتاب نجد أن ما يلفت الانتباه في الحركة التشكيلية القطرية هو احتواؤها منذ انطلاقتها في مطلع الستينيات من القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحالي شتى الاتجاهات والمدارس والأنماط التشكيلية جنبا الى جنب حتى لكأنها صورة موازية لدولة قطر البلد العربي المنفتح على مختلف ثقافات وفنون العالم أخذا وعطاء. وقد أرسل هذا التنوع إشارة تلقفها التشكيليون ووضعهم إزاء مسؤولية ريادية تتطلب منهم جهدا تثقيفيا تنويريا يتعلق بالطرف الآخر للعمل الفني أي المتلقي، كما تتطلب منهم في الوقت ذاته اجتهادا ذاتيا يمثل طموح المبدع صاحب المشروع التشكيلي الحقيقي. تحت عنوان «من الأكاديمية الى الفطرة» قدم المؤلف التشكيلي جاسم زيني مشيرا الى انه رائد التشكيل القطري وأول مبتعث لدراسة الفن خارج بلده، ووصفه بأنه عالم قائم بذاته، يلتقي عنده كل التشكيليين القطريين بأجيالهم المختلفة ويفترق عنهم بخصوصية تجربته التي تكرسه دائما أبا روحيا لهم. وقال: «استثنائية زيني تنبع من التقاء عناصر مختلفة في تجربته المشحونة بالذكاء والذاكرة التفصيلية القوية التي تسعف المشهد البصري الذي يرسمه بجزئيات بسيطة لكنها تقيه من الذوبان في زحمة المشاهد». وعرض الكتاب مجموعة من الصور الملونة لجاسم زيني من أهمها: الصيف الحزين، ملجأ العامرية، الكيَ، ملامح قطرية. وتحت عنوان «غنائية التصوير الإنساني» طرح المؤلف تجربة الفنان حسن الملا، مشيرا الى أن عمله التشكيلي أقرب الى الشعر والموسيقى منه الى التصوير، ذلك أن علاقته باللوحة تشبه كثيرا علاقاته الإنسانية شديدة الشفافية مع الأشخاص والموضوعات التي يصبح على تماس مباشر معها لتتولد تلقائيا مشاريع لوحاته عبر خاصية الاستفهام اللحظي. وعرض المؤلف نقدا مفصلا لجملة من أعماله من بينها: صيادون، حكاية شرقية، فرحة طفولية. «الشخوص أبطالا للوحة» عنوان عبر من خلاله مؤلف الكتاب الى عالم الفنان سلمان المالك، واصفا لوحاته بأنها «تشكيلية عربية ميسرة» حيث لا تتنازل عن الأسس المعنوية التي بنيت عليها ولا تذهب بعيدا في الاغتراب التجريبي المعاصر إذا علمنا أن الفنان يؤمن بأن التطرف في التجريد الغربي نوع من الإساءة للفن العربي والتعالي على شرقيته. وركز المؤلف على تناول 8 من أعمال المالك بالنقد منها: نساء وفضاء، الفصل الأخير، وسط الريح. سياقات الخروفية تناول المؤلف أعمال الفنان علي حسن تحت عنوان «الحروفية وتجريدها»، وخص لوحته «بقايا أثر» بتناول نقدي مفصل، واصفا الحرف في تجربة حسن التشكيلية بـ «الفتاح الضائع» الذي دله على مكنونات ذاته المبدعة. بالمقابل جاء تناول تجربة الفنان عيسى الغانم تحت عنوان «تعبيرية خليجية حميمية» فالمعنى الذي يشتغل عليه نص حياتي مشحون بالإشارات الإنسانية والتراثية الكامنة والتي تظهر كل مرة بصيغة مختلفة وأسلوب مشتق من هذا النص. وكتب تفصيلا عن عشرة أعمال له من بينها: اغتيال، الصعود الى السماء، امرأة. الفنان «فرج دهام» جاء الحديث عنه تحت عنوان «محلية وعالمية» وقال عنه المؤلف: «هو صاحب تجربة متفردة، بل هو خير تمثيل لما يمكن أن يطلق عليه الفنان الذي لا يشبه أحدا» وبالطبع لا يشبهه أي فنان على ساحة التشكيل القطري رغم انه ينتمي الى صميم دائرة الموروث المحلي بمرجعياته الثقافية والفطرية» ومن لوحاته مشاهدة، حركة أجسام، حوار . تحدث المؤلف عن تجربة الفنان محمد العتيق تحت عنوان «القبح طريقا للجمال» وعنه قال «تبدو علاقته بالتقنية رجراجة وغير ثابتة، إذ تنتقل من التصوير بالألوان الزيتية الى استخدام المواد المختلفة الى ابتكار أعمال تركيبية أو فراغية الى تقديم عرض تشكيلي زمني». ومن أهم أعماله: سيمفونية، رؤية، بدون رقيب. وتحدث المؤلف عن تجربة محمد علي عبد الله من باب العبور من التسجيلية، وتحدث عن الفنانة وفيقة سلطان تحت عنوان «شفافية التراث والمرأة» مشيرا الى أن لوحاتها في غالبيتها مجتزأة من مشاهد بصرية شمولية تمتد خارج إطارات اللوحات، وموهبتها في كل عمل إنما تبرهن على تلك الشفافية التي لا تدعي الإمساك بالمطلق رغم ولعها وشغفها الدؤوب بملامسة فضاءاته اللامتناهية. والمرأة الخليجية بخصوصيتها والتراث الخليجي شكلا طرفي الاهتمام لدى الفنانة وفيقة التي تلاحظ أن المفاهيم «الاستهلاكية الوافدة إنما تستلب الحياة العفوية. من أهم أعمالها: الباب القطري، البيت القديم، وجه. وطالعنا الحديث عن الفنان يوسف احمد تحت عنوان «البيئة تعانق التجريد» وكان لافتا نقد لوحته «مسجد أبو قبيب» التي فازت بالمركز الأول لمسابقة «التراث والبيئة القطرية في عيون التشكيليين» عام 1998. وكان لافتا نقد لوحته «مسجد أبو قبيب» التي فازت بالمركز الأول لمسابقة «التراث والبيئة القطرية في عيون التشكيليين» عام 1998، حيث يخلو المشهد في اللوحة من أي كائن ذي روح تضامنا مع فلسفة الفن الإسلامي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©