الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمارات في شعر شهاب غانم

الإمارات في شعر شهاب غانم
22 ابريل 2009 23:24
الشاعر الإماراتي الدكتور شهاب غانم شاعر غزير الإنتاج فقد أصدر عشرة دواوين خلال رحلة عطاء امتدت قرابة أربعين عاماً. وقد جمع الشاعر دواوينه العشرة في كتاب بلغت صفحاته الخمسمائة من القطع الكبير صدر حديثاً عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. والمتصفح للديوان يجد تنوعاً وثراء كبيراً في قصائده، فقد شملت الهم الشخصي والهم الجماعي وتنقلت بين شعر الأسرة والشعر الروحاني ولم تغفل بعض الأغراض التي يُطلق عليها «الأغراض التقليدية» كالرثاء والإخوانيات. وقد أحسن الشاعر إذ لم يرتب قصائد الديوان حسب المجموعات الشعرية، بل أعاد ترتيبها حسب المواضيع مصدراً لها بالشعر الأسري – وهو نوع قليل في الشعر العربي- كما أشار الشاعر في تقديمه للديوان، وخاتماً إياها بما يمكن أن نسميه القصائد الروحانية. على أن هذا التقسيم يظل تقسيماً عاماً إذ قد تتداخل بعض الموضوعات، كما أشار الشاعر في مقدمته. ولن نستطيع في هذه العجالة أن نلم بكل قصائد الديوان، ولكنا سنقف أمام القصائد التي تناولت الإمارات وطناً وزعامة وأفراداً، فقد حوى الديوان عدداً صالحاً منها وإن لم يفردها الشاعر بقسم خاص بها. وأول ما يستوقفنا في هذه المجموعة تلك الأناشيد الجميلة التي تغنى الشاعر فيها بحب الإمارات، فمن ذلك أنشودته التي يقول في مطلعها: الإمارات بلادي حبها ملء فؤادي وسأفديها بروحي لو دنا منها الأعادي هي أرض الاتحاد ويمثل الاتحاد للشاعر شهاب غانم أنشودة جميلة إذ نراه يكثر من التغني بها ويرددها في معظم قصائده عن الإمارات، ذلك أن تجربة الاتحاد الإماراتية تعد نموذجاً ناجحاً ومثالاً يحتذى لجميع الأقطار العربية، سعياً إلى الوحدة الكبرى التي تلم شمل أبناء الضاد في كل الوطن العربي الكبير. يقول الشاعر في قصيدة «عيد الإمارات»: ما الاتحاد سوى حشد لطاقتنا وخطوة كم من الخطوات تختصرُ قد اعتصمنا بحبل الله فاجتمعت ريح لنا قوة نادت بها السورُ وسوف نبقى يداً في الدهر واحدةً رغم العدا وفؤاداً ليس ينشطرُ ويتغنى بالوحدة في قصيدة «عيد الاتحاد» قائلاً: يا وحدة ضربت لنا مثلاً وقد صمدت صمودا ومشت على الدرب الوسيط ولم يزل نهجاً سديداً ماذا يقدم شاعرٌ في عيدها إلا القصيدا وحين يمتدح مؤسس الاتحاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- يركز على موضوع الوحدة، فمن ذلك قوله: آمنتَ بالوحدة الكبرى تحققها قسطاً فقسطاً فكان الاتحاد علا وكان نبراس نور للخليج به نحو «التعاون» يمضي مذ رأى المثلا آمنت بالوحدة الكبرى فلا عجب إن كان عشقك أرض العرب قد شملا ويقول في قصيدة «حكيم العرب»: ويا من ينادي أمة العرب للعلا لتوحيد صفٍ للتسامح للحبِ بقيت بقاء لم تزل فيه زائداً حبيباً لكل الناس في الشرق والغربِ وفي مرثيته للمغفور له الشيخ زايد يركز أيضاً على اهتمامه بالوحدة: مضى الحكيم حيكم العرب قاطبة ومن بسيرته تسترشد السيرُ أبو الإمارات باني وحدة ثبتت مثلى بما أنجزت نشدو ونفتخرُ أنموذجاً لو أفاق العرب واقتبسوا منه الكثير لما خابوا ولا خسروا وحين يرثي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ـ رحمه الله ـ يجلو دوره الرائد مع أخيه زايد وإخوانهما حكام الإمارات في إقامة صرح الاتحاد: راشدْ كنتَ لنا رباناً بل والدْ يا نعم الوالد والقائدْ ولزايدْ كنت الكف اليمنى والساعدْ ولحكام الدولة كنت مثالاً في الجد ورائدْ فصنعتكم بإرادتكم وإرادتنا وحدة شعبٍ واحدْ وكياناً أخوياً صامدْ يتقدم يومياً خطواتْ في عزمٍ وأناةْ بالحكمة وبنكران الذاتْ لا بجنازير الدباباتْ فما يميز الوحدة الإماراتية ـ في نظر الشاعر شهاب غانم ـ أنها قامت على الحب والإيثار والتضحية ولم تقم بالقسر ولا «بجنازير الدبابات»، ذلك أن الوحدة الحقيقية هي تلك التي تبنى على التراضي والتفاهم، يقول شهاب: فالوحدة في القرن العشرينْ لا تأتي إلا بتراضي المتحدينْ كي تبقى صرحاً مرفوع الراسْ بجذور موغلة وأساسْ تتغلغل في أفئدة الناسْ ويعرج على موضوع الوحدة أيضاً في رثائه للشيخ مكتوم بن راشد ـ رحمه الله ـ فيقول: لقد كنت يا مكتوم رمز تواضعٍ وقد كنت مثل البحر في الجود والرفدِ ومع راشدٍ شدت اتحاداً وزايدٌ على رأسه تبنون للمجد بالرشدِ ويحيي الشاعر الاتجاه الوحدوي لدى الأدباء والمثقفين الإماراتيين فيقول في رثاء تريم عمران: رحلت أبا نجلاء أهلك في أسى وصحبك والقراء فالحزن أحزانُ رحلت فأنَّت في الخليج صحيفةٌ وشعبٌ ففي شتى الجوانح أشجانُ فقد كنت صوتاً للعروبة ثابتاً على الحق لا يثنيه زيفٌ وبهتانُ وقد كنت تسعى لاتحادٍ وقوةٍ وجهدك في أرض الإمارات ألوانُ ويحيي الشاعر سلطان بن خليفة وقصائده عن الاتحاد: سلطانُ يا وتراً ترنم للوفاقْ «عجز النفاقْ» يا صاح يا من صاح في لحنٍ جهير: «الاتحاد هو المصير» يا شاعراً غنى وردد في اتقاد: «الاتحاد هو المراد» ...... يا صاحبي لا لن تغرد في انفرادْ فالشعب كل الشعب نادى في المسيرة بتآزر الإخوان دوماً والودادْ ودعا إلى نبذ الخلافات الصغيرةْ فالشعب من أقصى أبوظبي إلى أقصى الفجيرةْ يرنو إلى الأخطار محدقة مغيرهْ فيقول مختاراً مصيرَهْ: الاتحاد .. الاتحادْ ولا يقتصر الشاعر على التغني بالاتحاد بل نراه يتغنى بجمال مدن الإمارات وبمياه الخليج التي تحوطها، على نحو ما نجد في قصيدته التي يتغنى فيها بأم القيوين: بوركتِ يا أم القوين مدينةً حوت الوداعة والجمال الصافي والبحر في شغفٍ يطوق خصرها بالساعد المترفق الشفافِ كما يحتفل الشاعر بالنهضة العلمية التي تشهدها دولة الإمارات نتيجة اهتمام وتشجيع حكامها، فمن ذلك قوله في قصيدة ألقاها في حفل جائزة راشد للتفوق العلمي عام 1996: فيا أخوة العلم العظيم تحية فأمثالكم نور إذا الليل أطبقا تعالوا انظروا كيف الإمارات تكتسي لدى كل صبح من سنى العلم رونقا وكيف غدت للعرب جمعاً نموذجاً إذا ما رآه المرء أثنى وصفقا وكيف سعى شيخ العروبة زايدٌ وإخوانه نحو العلى فتحققا وكيف بنى للشعب بالأمس راشدٌ مرافق في طول البلاد وأغدقا وقد سار مكتوم على الدرب مكملاً وإخوانه والدرب بالعشب أشرقا وهذا فتى الفتيان فارس قومه مجالسه للشعر والفكر ملتقى وقوله في قصيدة ألقاها في حفل جائزة راشد للتفوق العلمي عام 1989 وكان أحد المكرمين فيها: ويثلج صدري أن أرى اليوم قادةً تكرم أهل العلم والبحث والفكرِ وأكبرهم شيخٌ كريمٌ موقرٌ له في قلوب الشعب حبٌ بلا حصرِ يقرب أهل الفضل في كل مجلسٍ ويعرف أصحاب المواهب والقدرِ وفارسهم شيخٌ أديبٌ محنكٌ يقدر من يسعى ويبدع في صبرِ وفارس شعرٍ لا يشق غباره تراه إذا غنى يطير على المهرِ ومن أجلِّ اهتمام حكام الإمارات بالعلم اهتمامهم بالقرآن الكريم وتكريم حملته، لذلك نرى الشاعر شهاب غانم يحيي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على إنشائه جائزة القرآن الكريم: جزاك ربك إذ أنشأتَ جائزة تسعى إلى خدمة القرآن والدينِ ما خاب من نصر القرآن ينشره فيعصف النور عصفاً بالرياحينِ حبلٌ من الله ينجينا وينقذنا من الجحيم وزقومٍ وغسلينِ هو الكتاب الذي ما زال يخرجنا إلى سنى النور من ظلماتنا الجونِ ولن تفينا هذه العجالة إذا ما ذهبنا نتتبع كل ما يتصل بالإمارات في ديوان الشاعر شهاب غانم، فذلك بحاجة إلى دراسة مستفيضة، وحسبنا أننا أشرنا إليها إشارة عابرة. بارك الله في الشاعر شهاب غانم ونسأل الله أن يمد في عمره وأن يبارك في صحته ليواصل خدماته الجليلة للأدب والثقافة في الإمارات وفي العالم العربي أجمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©