الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المدارس الدينية اليمنية.. نشر العلم وتخريج العلماء والوعاظ

المدارس الدينية اليمنية.. نشر العلم وتخريج العلماء والوعاظ
11 أكتوبر 2007 01:07
مثلت المدارس الدينية في اليمن -كغيرها من البلدان الاسلامية- منارات للقرآن الكريم لحفظه ودراسة تجويده وعلومه الشرعية مع التوسع في تعليم السنة النبوية، في حين لم يكن المنشئون للمدارس الدينية يكتفون ببنائها وحسب، بل كانوا يوهبون أوقافاً تدر ريعها للصرف على تلك المدارس التي يبنونها·· فمثلاً يوهبون بساتين زراعية، يعود خيرها لمساندة المدرسة في نشر رسالتها العلمية، وهو سلوك درج عليه بنو أيوب في بناء مدارسهم في مصر، واتبعوه في اليمن، ومارسه بنو رسول من بعدهم (ابن تغري بردي)· وقد كانت الوقفيات تحدد وتذكر في نصها بما تدره من خير، وأوجه صرفها مسبقاً، سواء كانت في صورة رواتب للعلماء، أو مصارف للطلبة الذين يدرسون والقيام بكفايتهم· تأسيس الأشرفية أجمعت أغلب المصادر التاريخية والنقوش الأثرية الموجودة في المدرسة الأشرفية داخل سور مدينة تعز القديمة الواقعة عند سفح قلعة القاهرة المشهورة على أن تاريخ البدء في إنشائها يعود إلى سنة 800 هـ/ 1397م، حين أمر ببنائها الملك الأشرف الثاني إسماعيل بن الملك الأفضل عباس· ففي النقوش الأثرية الموجودة حالياً من واقع الزيارة الميدانية، ظهر في النقش الأول: فوق عتب الباب الأوسط في الممر الجنوبي المفضي إلى قاعة الخانقاه، ذكر فيه اسم المنشئ، ونصه في السطر الأول: ''أمر بعمارة هذه المدرسة المباركة مولانا ومالكنا السلطان السيد الأجل الملك الأشرف''، وفي السطر الثاني: ''ممهد الدنيا والدين إسماعيل بن العباس بن علي بن داود بن يوسف خلد الله ملكه ونصره''· والثاني: يقع في الجانب العلوي من عتب مدخل المنارة الشرقية، نقش فيه تاريخ بدء تأسيس المدرسة، ونصه: ''وكان ابتداء العمارة بهذه المدرسة السعيدة في ثاني ربيع الآخر سنة ثمانمائة''· وهناك نقش ثالث بخط النسخ أيضاً موجود في الجانب العلوي من مدخل المنارة الغربية، موضح فيه اسم المسؤول عن الإشراف على البناء، ونصه: ''وكان مولانا سيد الأمراء صفي الدين جوهر الدويدار مولى حصن تعز المحروس''· ومن خلال الزيارة الميدانية للمدرسة أمكن التحقق من وجود هذه النصوص المنقوشة على الحجر في المواضع المذكورة، والتي تحمل دلالة الثبات الذي حرص عليه السلاطين تخليداً لأعمالهم، فضلاً عما يمثله النقش على المنارة من التيمن بها لثبات الملك· ترميم وأظهرت أعمال الترميم مؤخراً -والتي بدأت عام 1982م- نقشاً رابعاً ولكنه هذه المرة على لوح من الجص، تم اكتشافه في الواجهة الجنوبية الداخلية من بيت الصلاة، ونصه: ''أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة السعيدة السلطانية الملكية الأشرفية منشئها مولانا السلطان الأعظم شاهنشاه مالك رقاب الأمم الأقمر سيد ملوك العرب والعجم سلطان الإسلام والمسلمين سيد الملوك والسلاطين ناشر جناح العدل على العالمين ممهد الدنيا والدين إسماعيل بن العباس بن علي بن داود بن يوسف بن علي بن رسول اجره الله وبنيه وذاك بتاريخ خامس عشر المحرم سنة ثلاث وثمانمائة''· وسجل نقش خامس؛ تاريخ بناء المدرسة، يفيد بأن العمل استمر في بناء المدرسة مدة ثلاث سنوات، أي من عام 800-803هـ/1397-1400م· وفي سياق الأخطاء التي وقع فيها بعض المؤلفين ذكر أحد المقالات الأجنبية في معرض الحديث عن بعض المدارس بجنوب شبه الجزيرة العربية ومنطقة عمان، أن المدرسة الأشرفية بنيت على مرحلتين: الأولى كانت في عهد الأشرف الأول، والثانية في عهد الثاني· وهذا الرأي تخطئهُ الوقفية الغسانية للمدرسة والتي ذكرت كل تفاصيل البناء بالكامل والتواريخ، ولم تذكر أمراً كهذا أبداً، بل لم تشر له أصلاً·· ولعل مثل هذا الخلط الذي وقع فيه صاحب المقالة وأمثاله يعود إلى القراءة المترجمة مع عدم استيفاء أدوات البحث ومصادره، وهو مما أشار إليه جرابار أحد المستشرقين حيث يقول: ''إنه من الخطأ والخطر في الوقت نفسه، محاولة الغرباء، فهم عالم ليس تابعاً لهم، حيث يمكن للتجربة الثقافية أن تترجم بسهولة إلى معاني أخرى، وعموميات، فيحدث معها ضعف في الدقة العلمية التي تلاحظ في كتابات بعض المستشرقين لدى قراءتهم للتاريخ العربي''· المذاهب والعلوم وقد ذكرت الكتب التاريخية الدينية أن أحد أهم الأسباب الرئيسية التي أسهمت في انتشار بناء المدارس في اليمن، وخاصة إبان حكم الدولتين الأيوبية والرسولية؛ يعود إلى رغبة حكامها في نشر المذهب السني، وتقليص المذاهب الأخرى، وذلك من خلال الإكثار في بناء المدارس التي تعنى بتحقيق هذا الهدف· لذا فإن من أهم وأبرز العلوم التي كانت تدرس في تلك المدارس هي علوم الفقه على الشافعي، وعلوم القرآن والسنة والحديث، وعلوم اللغة العربية وقد لعبت هذه المدرسة دورا كبيرا في حفظ القرآن وفقه السنة وأسهمت في نشر العلم وتخريج العلماء والوعاظ منها والعمل في مدارس ومناطق أخرى·
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©