الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
11 أكتوبر 2007 01:13
إن الوصول إلى أسمى درجات الخير والفلاح تكون بالأمر بالمعروف، والذى يتحقق به الخير كل الخير، والنهي عن المنكر الذى يغلق أبواب الشر كل الشر· ولذلك ما أعطيت الأمة المحمدية الخيرية عن باقي الأمم إلا بتمسكها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان لترك بني إسرائيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن حل عليهم الغضب واللعن قال تعالى في شأنهم: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون· كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) (المائدة: ،78 79)· والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو عنوان الخيرية لهذه الأمة بنص قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون) (آل عمران: 110)· وقال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (آل عمران: 104)، وفى هذه الآية بيان أنه فرض كفاية لا فرض عين، لأنه قال: (ولتكن منكم أمة)، ولم يقل: كونوا كلكم آمرين بالمعروف، فإذا قام به من يكفى سقط عن الباقين، واختص الفلاح بالقائمين المباشرين له· وفى القرآن العظيم آيات كثيرة تحض على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر· وعن النعمان بن بشير -رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ''مثل القائم على حدود الله والمداهن فيها -الواقع فيها- مثل قوم ركبوا سفينة فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرها، وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقاً فاستقينا منه، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوها وأمرهم هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً''· وقد جاء في الحديث المشهور من رواية مسلم، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ''من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان''· ومن أشهر التعليقات على هذا الحديث أن تغيير المنكر باليد مهمة الحاكم، واللسان مهمة العلماء والدعاة، أما القلب فهو مهمة عامة الناس، وهو الدعاء والابتهال لله تبارك وتعالى أن يزيل هذا المنكر ويمحيه· العمل الصالح والمراد بالمعروف هو كل قول حسن وعمل صالح أمرنا الله به وتعارف الناس على أنه الخير والصلاح والمصلحة، والأمر بالمعروف الحث على فعله· أما المراد بالمنكر فهو كل قول أو فعل كرهته الشريعة وحرمت فعله أو حثت على التنزه عنه، والنهي عن المنكر التصدي لفاعليه لما فيه من فساد وضرر وشرور ومعصية، لا تقع عليه وحده، وإنما تمتد آثارها إلى المجتمع كله· ومن هنا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب على كل مكلف بالغ عاقل عالم، وعلى أن يأمن الضرر على نفسه وعرضه وأهله وماله· والمقصود بأمن الضرر، أي يأمن من الأذى المادي كالقتل والجرح والكسر، والأذى المعنوي المتعلق بالكرامة كالسخرية والتشهير وفضح العيوب، فإذا بلغ المنكر حد الإفساد في الدين وفي الأرض، هان كل شيء بما في ذلك التضحية بالنفس· ولذلك يجب أن تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر الشخص الذي لا يجهل المعروف والمنكر، وألا يكون معذوراً في فعل المنكر وترك الواجب، وأن يكون متقبلا للأمر والنهي حتى لا يحدث عكس ما تريد· والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون بطريقة التذكير بالله تعالى، وأوامره ونواهيه بأسلوب لطيف مهذب وموعظة حسنة لا يجرح إحساس الآخر· صفات المؤمنين ومن فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أنه من مهام وأعمال الرسل عليهم السلام، قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)، وأنه من صفات المؤمنين كما قال تعالى: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين)· على عكس أهل الشر والفساد فقال الله عنهم: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون)· والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الصالحين، قال تعالى: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون· يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين)، وهو من سمات المؤمنين عند التمكين لهم في الأرض، قال تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)· والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب النصر، قال تعالى: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز· الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)· إن القائمين عليهم لهم عظيم الفضل كما قال تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أَجراً عظيماً)· والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مشارك الأجر والثواب كل من استجاب له عملا بالحديث ''من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً'' رواه مسلم· وقوله صلى الله عليه وسلم: ''من دل على خير فله مثل أجر فاعله''· رواه مسلم· تكفير الذنوب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب تكفير الذنوب كما قال عليه الصلاة والسلام: ''فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر'' رواه أحمد· وفي القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفظ للضرورات الخمس: الدين والنفس والعقل والنسل والمال· ومن أقوال عمر بن الخطاب ''أحببت من الدنيا ثلاثا: أمر بمعروف ولو كان سرا، ونهى عن منكر ولو كان جهرا، وقول الحق ولو كان مرا''· وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب فى وقوع الهلاك والعذاب بالأمم، فعن حذيفة -رضى الله عنه- مرفوعاً: ''والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم'' متفق عليه· وعدم إجابة الدعاء، وقد وردت أحاديث في ذلك منها حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً: ''مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم'' رواه أحمد· وانتفاء خيرية الأمة، قال صلى الله عليه وسلم: ''والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم'' رواه أبو داود·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©