السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصة أمين

قصة أمين
11 أكتوبر 2007 01:15
قال أحد التجار: قصدت الحج في بعض الأعوام، وكانت تجارتي عظيمة وأموالي كثيرة وكان في وسطي هميان، فيه دنانير وجواهر قيمة، وكان الهميان من ديباج أسود· فلما كنت ببعض الطريق نزلت لأقضي بعض شأني فانحل الهميان من وسطي، وسقط ولم أعلم بذلك إلا بعد أن سرت عن الموضع فراسخ، ولكن ذلك لم يكن يؤثر في قلبي لما كنت أحتويه من غنى، واستخلفت ذلك المال عند الله إذ كنت في طريقي إليه تعالى· ولما قضيت حجتي وعدت تتابعت المحن عليّ حتى لم أملك شيئاً· فهربت على وجهي من بلدي· ولما كان بعد سنين من فقري أفضيت الى مكان وزوجي معي، وما أملك في تلك الليلة إلا دانقاً ونصفاً، وكانت الليلة مطيرة، فأويت في بعض القرى الى خان خراب فجاء زوجي المخاض فتحيّرت ثم ولدت فقالت: يا هذا الساعة تخرج روحي، فاتخذ لي شيئاً أتقوّى به، فخرجت أخبط في الظلمة والمطر حتى جئت الى بدّال فوقفت عليه فكلمني بعد جهد، فشرحت له حالي فرحمني وأعطاني بتلك القطع حلبة وزيتا وأغلاهما، وأعارني إناء جعلت ذلك فيه، وجئت أريد الموضع، فلمّا مشيت بعيداً وقربت من الخان زلقت رجلي وانكسر الإناء وذهب جميع ما فيه، فورد على قلبي أمر عظيم ما ورد علي مثله قط· فأقبلت أبكي وأصيح وإذا برجل قد أخرج رأسه من شباك في داره، وقال: ويلك! ما لك تبكي؟ ما تدعنا ان ننام· فشرحت له القصة، فقال: يا هذا، البكاء كله بسبب دانق ونصف· قال: فداخلني من الغم أعظم من الغم الأول، فقلت: يا هذا، والله ما عندي شيء لما ذهب مني، ولكن بكائي رحمة لزوجي ولنفسي، فإن امرأتي تموت الآن جوعاً، ووالله لقد حججت في سنة كذا وكذا وأنا أملك من المال شيئاً كثيراً، فذهب منّي هميان فيه دنانير وجواهر تساوي ثلاثة آلاف دينار، فما فكرت فيه وأنت تراني الساعة أبكي بسبب دانق ونصف، فاسأل الله السلامة ولا تعايرني فتبلى بمثل بلواي· فقال لي: بالله يا رجل، ما كانت صفة هميانك؟ فأقبلت أبكي وقلت: ما ينفعني ما خاطبتني به أو ما تراه من جهدي وقيامي في المطر حتى تستهزئ بي أيضاً وما ينفعني وينفعك من صفة همياني الذي ضاع منذ كذا وكذا· ومشيت فإذا الرجل قد خرج وهو يصيح بي: خذ يا هذا فظننته يتصدق عليّ فجئت وقلت له: أي شيء تريد؟ فقال لي: صف هميانك وقبض عليّ فلم أجد للخلاص سبيلا غير وصفه له فوصفته فقال لي: ادخل فدخلت فقال: أين امرأتك؟ قلت: في الخان فأنفذ غلمانه فجاؤوا بها وادخلت الى حرمه، فأصلحوا شأنها وأطعموها كل ما تحتاج اليه وجاؤوني بجبة وقميص وعمامة وسراويل وأدخلت الحمام سحرا وطرح ذلك عليّ وأصبحت في عيشة راضية· وقال: أقم عندي أياما فأقمت عشرة أيام كان يعطيني في كل يوم عشرة دنانير، وأنا متحير في عظم بره بعد شدة جفائه· فلما كان بعد ذلك قال لي: في أي شيء تتصرف؟ قلت: كنت تاجرا، قال: فلي غلات وانا أعطيك رأسمال تتجر فيه وتشركني· فقلت: أفعل، فأخرج لي مائتي دينار فقال: خذها واتجر فيها ههنا، فقلت: هذا معاش قد أغناني به الله يجب ان ألزمه فلزمته· فلما كان بعد شهور ربحت، فجئته وأخذت حقي وأعطيته حقه، فقال: اجلس، فجلست، فأخرج لي همياني بعينه وقال: أتعرف هذا؟ فحين رأيته شهقت وأغمي عليّ، فما أفقت الا بعد ساعة· ثم قلت له: يا هذا أملك أنت أم نبي؟ فقال: أنا أحفظه منذ كذا وكذا سنة، فلما سمعتك تلك الليلة تقول ما قلته وطالبتك بالعلامة فأعطيتها أردت ان أعطيك للوقت هميانك فخفت ان يغشى عليك، فأعطيتك تلك الدنانير التي أوهمتك أنها هبة، وإنما أعطيتك من هميانك فخذ هميانك واجعلني في حلّ، فشكرته ودعوت له· أخذت الهميان ورجعت الى بلدي فبعت الجوهر وضممت ثمنه الى ما معي واتجرت فما مضت الا سنيات حتى صرت صاحب عشرة آلاف دينار وصلحت حالي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©