الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفلسطينيون والاحتجاجات السلمية في الضفة الغربية

الفلسطينيون والاحتجاجات السلمية في الضفة الغربية
11 أكتوبر 2007 01:32
تكاثف عشرة فلسطينيين علت أصواتهم على دفع صخرة كبيرة، ولكن الحاجز الإسرائيلي البدائي الذي يفصل القرية الفلسطينية الصغيرة عن مدينة بيت لحم لم يتزحزح· بمساعدة عتلتين ضخمتين، ومُعارِض إسرائيلي وسائح ياباني، تمكنت المجموعة من دفع الصخرة جانباً، وفتحت الطريق للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات· ''غداً سيأتون بجرافة ويعيدونها'' قالت شيرين الأعرج متنهدة، وهي من سكان القرية، والتي قامت بتنظيم عملية الاحتجاج، مضيفة: ''سنعود في الأسبوع القادم للاحتجاج''، وتقصد بذلك عودة محتجي ''الولجة'' وهم مجموعة مركزية من المحتجين تجمع بين العصيان المدني والعرائض القانونية لمحاربة السياسات الإسرائيلية· حصلت قرية ''بلعين'' في بداية هذا الشهر -بعد احتجاجات أسبوعية منتظمة منذ عام 2004- على انتباه وإطراء واسعين في الصحافة الفلسطينية عندما أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً أمرت فيه بتفكيك جزء من جدار الفصل العسكري قرب ''بلعين''؛ فقد أخذت قرى فلسطينية أخرى بعد ذلك وبشكل متزايد باتباع خطى ''بلعين''· قبل ذلك لم يكن لدى الناس أي إيمان أن بإمكانهم تحقيق شيء، لا من خلال اللاعنف ولا من خلال النظام القانوني· يقول ''محمد دجاني'' -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس-: قد يشكل هذا رداً على المشككين، أن ''انظروا، لقد نجحت المحاولة''، فـ''اللاعنف يعني المزيد من الاهتمام'' في الوقت الذي يسيطر فيه المسلحون الفلسطينيون على العناوين الدولية في الصحف بالتفجيرات الانتحارية والصواريخ، فقد تجنب أهالي بلعين ومجموعة صغيرة من القرى الزراعية الأخرى مثل الولجة الكفاح المسلح، وبدلاً من ذلك، شبكوا أيديهم بأيدي نشطـــاء السلام الإسرائيليين وربطوا أنفسهم بالأشجار لتأخير عملية قطع الجرافات مساراً لجدار إلكتروني يفصل القرية عن أراضيها الزراعية· ورغم أن الفلسطينيين يمجّدون رجال الميليشيات المسلحين الذين يستشهدون في معارك مع إسرائيل، إلا أن قادة الاحتجاج يقولون إن التكتيكات غير القاتلة لها ميزة حاسمة واحدة: إنها تجتذب ناشطي سلام إسرائيليين ودوليين يأتون بدورهم لتغطية إعلامية متعاطفة مؤيدة· ويبدو قادة الحركة مثل طراز فلسطيني لـ''مارتن لوثر كنج'' الابن، قد أصبحت أصواتهم أكثر بروزاً في الحوار القائم حول ما إذا كانت الأعمال السلمية أو العسكرية سوف تحقق لهم الدولة· ''نحن نستخدم اللاعنف كأسلوب حياة ··· لقد تعلمنا من تجارب عديدة في الهند وجنوب أفريقيا'' كما يقول سامر جابر، الذي يشرف على شبكة من الناشطين في القرى المحيطة ببيت لحم· لقد واجه المحتجون في ''بلعين'' في كل يوم جمعة خلال السنوات الثلاث الماضية الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والضرب المبرح مما نتج عنه مئات الجرحى· ''هذا الإيمان بحقوق الإنسان أهم من أي أمر آخر، إذا كنت واثقاً من حقوقي فلن يؤدي شيء بي إلى اليأس''، كما يقول ''إياد برنات'' وهو من سكان بلعين وأحد قادة الاحتجاج، ويضيف: ''عندما تقاوم جندياً إسرائيلياً بالأساليب السلمية تصبح أسلحته غير ذات علاقة''· وقد أثرت هذه الإستراتيجية عندما حكمت المحكمة العليا بأن خط الجدار الحالي حول ''بلعين'' لا يقدم أية ميزات أمنية؛ سيستطيع القرويون الآن الوصول إلى محاصيلهــم دون أن يضطــروا لعبــور البوابــات في الجـــدار والتي يقــــوم جنــــود إسرائيليـــون على حراستها· رغم أن القرار المتعلق بـ''بلعين'' لم يكن المرة الأولى التي تأمر فيها المحكمة بتحويل خط الجدار، إلا أن هذا القرار كان له وقع واسع في الأوساط الفلسطينية· ''لقد أصبح واضحاً أن المقاومة المدنية الشعبية أصبحت أفضل أسلوب للمقاومة الوطنية ضد الاحتلال''، هذا ما كتبه ''وليد سالم'' في صفحة الرأي بصحيفة القدس· وينهل العصيان المدني من الحنين الفلسطيني إلى الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينيات، والتي تميزت بمشاركة على مستوى القاعدة وإلقاء الحجارة، بينما تقود الانتفاضة الحالية شبكة من الميليشيات السرية لمعظمها ارتباطات مع الأحزاب السياسية· بعد ثلاثة شهور فقط من مشاهدة الفلسطينيين استيلاء حماس العنفي على قطاع غزة من ميليشيات فتح، أصبح يُنظر إلى الاحتجاج اللاعنفي ضد إسرائيل على أنه أسلوب لرأب الصدوع بين الفلسطينيين خصوصا بعد أن شق النزاع صفوفهم· وفي هذا يقول ''جابر'': ''للنزاع المسلح نتائج جانبية على الشعب تحت الاحتلال، يبدأ الفلسطينيون باستخدام هذه الأداة ضد الاحتلال، ولكنهم في النهاية يستخدمونها ضد بعضهم بعضاً''، مضيفا ''لقد أصبح العنف جزءاً من الثقافة· نحن ندرك أن علينا القيام بإصلاحات''· في عام 2002 فشل كتاب مفتوح وقعه مفكرون فلسطينيون ضد استخدام التفجيرات الانتحارية في تحقيق تغيير في الانتفاضة؛ والآن تجتذب المظاهرات الاحتجاجية، في أفضل الحالات بضع مئات من المتظاهرين، لأن التظاهرات تقع في قرى فقيرة معزولة على ما يبدو· يوم الجمعة الماضي، لم يأتِ سوى بضع عشرات لإزالة الصخور في ''الولجة''، يقول الفلسطينيون إنه بعد سبع سنوات من النزاع اليومي، أصيب الناس بالوهن· ''سبب ذلك هو الإحباط'' كما تقول ''الآنسة الأعرج''، مضيفة: ''كان هناك فقر حقيقي خلال السنتين الماضيتين، وعندما لا تجد ما تأكله فلن تفكر بأي شيء آخر''· يأمل المنظمون أن فتح الطريق سوف يشجع المزيد من الناس على الانضمام إلى التظاهرات الاحتجاجية· ''إذا تقدم الجميع نحو الهدف فسوف يكون ذلك فاعلاً جداً''، كما يقول أحد المتظاهرين ''عبد الهجاجرة'' متفائلا بقوله: ''لا تنس أن غاندي حرر بلداً بأكمله''· الولجة، الضفة الغربية خدمة Common Ground الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©