الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مغتربون يهربون من الوحدة إلى المطاعم

مغتربون يهربون من الوحدة إلى المطاعم
12 أكتوبر 2007 02:58
يحل علينا شهر رمضان المبارك من كل عام لترتقي فيه النفس محملة بزادها من الروحانية والطمأنينة والانشراح وذكر الله ليلاً ونهاراً·· وتنسدل خيوط فجره مضيئة بالاشراقات مصاحبة للتهليل والعبادة·· شهر فضيل له طعم لا يخفى على جميع المسلمين في مختلف الأقطار، لاسيما في الوطن، حيث تهل البهجة والسرور والفرح مما يجعل من رمضان شهراً متفرداً له طابعه الخاص ونكهته التي تتهادى مع نسمات السماء والهواء· وحول الاختلاف بين رمضان في الغربة ورمضان فى حضن الوطن كان لنا هذه الوقفة مع بعض الشباب المغتربين من الجنسيات العربية· في البداية وصف بكر عبد النظير فرج من مصر مظاهر إحياء الليالى الرمضانية بأنها مختلفة تماما عن أي بلد آخر، حيث تزدان القاهرة بفوانيس رمضان والهلال المعلق على كل باب والأضواء التي تنير المدينة بأكملها وزحام القاهرة المكتظة بأهلها وزائريها، والكل منهمك في طقوسه وشعائره، مضيفاً أن من أبرز الملامح الاساسية لشهر رمضان في قاهرة المعز إقبال الناس على المساجد، حيث تشهد صلاة التراويح اقبالا منقطع النظير من الرجال والنساء والاطفال على حد سواء، خاصة في الايام العشر الأواخر وخصوصا ليلة القدر· تمر ولبن وانتقل بكر فرج في حديثه عن الصعيد المصري قائلا: يمتاز الصعيد بطيبة أهله الذين يعيشون ايام شهر رمضان الكريم منذ لحظة اعلان الإمساك عن الطعام، حيث يذهب الجميع الى أرضه حتى نهاية النهار فيغتسلون بالماء من طين الارض ويفرشون البساط على الحشائش ويضعون ما تيسر من طعام، إلا أن أجمل لحظة هي إعلان الإفطار ويتجمع الصيبة الصغار في انتظار الأذان الذي ما إن يسمعوه حتى يهبوا صائحين في الناس وكأنهم قد حصلوا على هدية ثمينة وتابع: لقد جرت العادة لدى معظم الناس في مصر أن يبدأ الإفطار على تمر ولبن أسوة بالنبي المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام والذهاب فورا الى المسجد للصلاة ومن ثم العودة لتناول الإفطار· ومن أهم الأطباق الرئيسية المحاشي والصواني في الفرن والممبار والبطاطس المسبكة والملوخية، لافتاً الى أن من العادات الجميلة في مصر والتي تحمل الطابع الانساني امتداد موائد الرحمن طيلة ايام الشهر الفضيل وبكافة المحافظات· وعن أيامه ولياليه في رمضان في الإمارات أوضح فرج انه يتناول طعام الإفطار يوميا برفقة زملائه في السكن وثلاثتهم من مصر· حنين ومن جهته اعتبر طارق محمد علي السنونو من الأردن أن هذا العام هو الأصعب على الاطلاق بالنسبة له، لأنه العام الاول الذي يقضيه بعيدا عن الأهل، مضيفا أنه لم يعتد السفر أو الإفطار خارج المنزل، مستطردا أن الظروف تجبره فى بعض الأحيان على العمل خارج الوطن· وقال ''أنا هنا في رمضان لا أحتمل فكرة الإفطار وحدي لأن هذا قد يسبب لي الإحباط، ولذلك أعتمد بشكل اساسي وفي كل ليلة على الإفطار في المطاعم لأجد الأنس بدلاً من الوحدة، ولا أعود الى البيت إلا آخر الليل''· أما عن رمضان في الأردن ومع ثبوت وتأكد دخول الشهر الكريم، تسود الفرحة والسرور عموم الناس، حيث يفرح به الكبير والصغير، ويطرأ على الحياة شيء من مظاهر التغيير والتبديل، إذ تتغير فيه رتابة الحياة اليومية، فيأكل الناس في وقت واحد، ويجتمعون على مائدة واحدة، وقلما يتم لهم ذلك في غير رمضان· كما تقلل في هذا الشهر ساعات الدوام، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وخاصة الشباب منهم، ويواسي الغني الفقير، ويأخذ القوي بيد الضعيف· حركة علمية ودعوية وأضاف: تنشط الحركة العلمية والدعوية خلال هذا الشهر، وتعقد دروس العلم وحلقات تلاوة القرآن في كثير من المساجد، لإرشاد المسلمين الى ما فيه خيري الدين والدنيا، كما يتحمس الناس هناك لأداء صلاة التراويح في جماعة، والتي تلقى إقبالاً كبيرا من الشباب، حيث تصلى التراويح في أغلب المساجد ثماني ركعات فقط، وقليل من المساجد تصلى التراويح فيها عشرين ركعة· كما يحرص الكثيرون على ختم القرآن كاملاً في هذا الشهر· وقد تخرج بعض النساء أحيانًا لأداء صلاة التراويح في المساجد، والبعض الآخر يصليها في البيوت· واضاف طارق أن المأكولات وأصناف الطعام على المائدة الرمضانية في الأردن كثيرة، فهناك الملوخية بالدجاج والفاصوليا والعدس والمقلوبة والشوربات والسلطة وورق العنب والمحاشي من كوسى وباذنجان والصواني والمسخن بزيت الزيتون والمعكرونة والمنسف· وعبر مبارك طنان من المغرب عن شعوره بالوحدة والغربة في كل العام طالما أني بعيد عن وطني، ولكن في رمضان يكون الشعور بالوحدة أقسى، حيث أني أنهي عملي وأعود الى البيت بعد الظهيرة وأصلي العصر ثم أقرأ القرآن ومن ثم اقوم بمساعدة أصدقائي المقيمين معي في نفس البيت وأشرف على المائدة، علما أن الجميع يرفضون أن أعد الطعام المغربي؛ وذلك لأنهم لم يعتادوا على رؤيته فكيف لهم تجربته؟ كما أنس الطعام المغربي صعب التحضير أو صعب الحصول على مكوناته ومن ثم أصلي المغرب وأجلس مع الشباب نلعب الورق الى حين صلاة العشاء فنذهب جميعا الى المسجد لكي نصلي هناك صلاة التراويح· وما يحزنني هو بُعدي عن أهلي خاصة حينما يجول بخاطري ما يدور عندهم من أحداث، حيث إن لرمضان ميزة خاصة في المغرب فتزدان المدينة بالمصابيح وتكلل المساجد بالأنوار ليلا وتكثر حركة المارة بالأسواق يتبضعون مؤونة الشهر الفضيل من مأكولات وبهارات وحتى ملابس للصغار لتشجيعهم على الصيام وصلاة الجمعة في المسجد، ويرتدي الجميع ملابس جديدة احتراما لرمضان وتقديرا له كالجلباب والطربوش وحذاء البلغا حتى ان الطفل الذكر حديث الصيام يهديه والداه ملابس جديدة لتشجيعه على الصوم ويشترون للفتاة فستانا جميلا· ومن أشهر المأكولات المغربية التي يتم إعدادها في رمضان الطاجن المغربي وشوربة، الحريرة، والكسكي، بالإضافة الى أصناف الحلويات مثل السلو والشباكيا· ذكريات الشورجة وقال كامل محمد غريب من العراق: إن هذا العام هو العام الخامس الذي أمضيه بعيداً عن الوطن وابتسامات اطفالي، وشهر رمضان هذا هو الرابع الذي أصوم فيه وأتقرب الى الله ويفصلني عن أهلي وخلاني آلاف الاميال· وعموماً يبدأ نهاري هنا بخروجي الى العمل كالعادة من الصباح حتى الساعة الرابعة ومن ثم أعود أدراجي الى شقتي الموحشة أعد افطارا خفيفا او أساعد زملائي وأصدقائي في السكن لصنع بعض الأكلات المختلفة والتي ترضي كل الأذواق وبعد انتهائنا من الافطار نصلي صلاة المغرب ونخرج في اغلب الاحيان نتمشى في الطرقات او نذهب لشرب الشاي في أحد المقاهي المجاورة، ونعود أدراجنا الى السكن، وفي داخل كل واحد منا شوق لا يقوى على صده وحنين كبير الى الوطن· وأضاف: اعتدت في العراق أن أذهب مع والدتي للتسوق استعدادا لشهر رمضان في سوق (الشورجة) وهو سوق مشهور في منطقتي وقديم جدا نشتري منه حوائجنا من بهارات وأطعمة و(النومي بصرة) وهو ليمون مجفف ولونه أسود، والمشمش وهو ايضا عنب مجفف، وكان العراق في ذلك الوقت يأخذ الطابع الاسلامي في مظهره وليس هناك بهرجة وأضواء تزين المدينة ولكن الأجواء التي تسود البلاد أجواء روحانية تبعث على السكينة والاطمئنان، وكان أصحاب المحلات يضعون أواني من الحلوى على ابواب محلاتهم لجلب الصغار مع اقتراب أذان المغرب ومن هنا يبدأ الناس بالإسراع الى بيوتهم· روحانيات وسكينة ومن سوريا كان لنا لقاء مع أحمد محمود طحنان الذي قال: أعمل بعيداً عن بلدي منذ اربعة اعوام ولكن في شهر رمضان أشعر بأن كل يوم من ايامه الفضيلة بعشرة ايام من باقي الشهور، فقد جرت العادة أن نمضي شهر رمضان بين الأهل ولكنني هنا أبعد آلاف الكيلو مترات وأعاني الوحدة مع ثلة من الرفاق المغتربين ايضا عن أهلهم وديارهم قد أرسلهم الله عوناً لي في هذا الشهر المبارك لكي يؤنسوا وحدتي ويخففوا من المشاعر الحزينة على بعد الأهل·وقد اعتدت على صنع الأكل في البيت بمساعدة الزملاء، حيث إن كل واحد منا يقوم بصنع ما يستطيع عمله أو نوع من الانواع التي يكثر أكلها في بلدهم، فهناك المغربي كل يوم يقوم بطبخ نفس الطبق (الحريرة) وهناك الأردني الذي يطبخ الملوخية أو المقلوبة، وقد بدأت أعتاد على الرفقة الجميلة، وبعد افطارنا نذهب الى المراكز التجارية نتجول فيها او الى البحر نجلس قليلا· أما الحياة في سوريا فهي مختلفة جدا فلا تدخل مكاناً الا وتشعر بأن الاجواء الرمضانية هي الغالبة، حيث اصوات النشيد او التهليل وقراءة القرآن من منابر المساجد ومشاهدة المارة الذين يحملون بين اصابعهم المسبحة لذكر الله مرارا وتكرارا، وفي المساء ترى المصابيح مضاءة على كل بيت وكل مسجد· ويا لجمال الشام القديمة والتي تعبر عن الروحانيات والسكينة، فرؤية أبنيتها المميزة وبساطة اهلها تضع في قلبك مشاعر تقودك الى العصور الأموية·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©