الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تذويب الخلافات يبدأ من المسجد

تذويب الخلافات يبدأ من المسجد
12 أكتوبر 2007 03:01
لم يكن المسجد قط مجرد معبد، بل كان هو السراج الذى نفذت منه أنوار الهداية والعلم منذ عصر النبوة· وكانت رسالة المسجد ومازالت الساحة التى تلتقي فيها الآراء الفقهية حيث كان الائمة والفقهاء يلتقون بطلبة العلم ويتدارسون كافة الآراء والمذاهب الفقهية بلا تعصب، بينما كان المنبر النبوى مصدرًا للتشريع والحكم وإدارة شؤون الدولة، ومعيناً تروى به مكارم الأخلاق، ورمزًا لوحدة المسلمين فى كل مكان وزمان· رسالة حضارية وحول دور المسجد ورسالته في التقريب بين المذاهب أوضح الدكتور محمد داود -استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة قناة السويس- أن المسلمين الأوائل عملوا على جمع الكلمة عن طريق المسجد، فكان أول ما صنعوه في البلاد التي فتحوها بناء مسجد جامع على غرار المسجد النبوي، فكان في العراق مسجد الكوفة، وفي مصر مسجد عمرو بن العاص، وفي كل بلد أشرقت عليه أنوار الإسلام كان المسجد روح الدعوة الإسلامية ورمز الوحدة بين المسلمين· وعلى غرار ما صنعه الفاتحون الأوائل جاءت المساجد الجامعة في جميع أرجاء العالم الإسلامي، ولا تزال تؤدي رسالتها الحضارية· ففي مصر أسس الفاطميون وهم شيعة الجامع الأزهر منذ أكثر من ألف عام، ليكون جامعًا وجامعة، تدرس فيه علوم الدين والدنيا، وتناقش الخطط الهادفة إلى النهوض بالمسلمين، وتعقد فيه المناظرات بين علماء الإسلام من شتى الطوائف والمذاهب بغير عصبيات، بل كان همهم الحق وحده· وأشار الى انه في رحاب الأزهر تربت أجيال من العلماء، وكذا في المساجد الجامعة الأخرى مثل جامع الزيتونة في تونس، وجامع القيروان في المغرب، والجامع الأموي في دمشق، وغير ذلك من المساجد الجامعة· فنحن اليوم بحاجة ماسة إلى إحياء رسالة المساجد، وإعادتها إلى ما كانت عليه لتؤدي دورها المنوط بها في النهوض بالمسلمين ورفع مكانتهم، ونشر العلم والفضيلة بين جموعهم، وصناعة العلماء والقادة، والتقريب بين علماء المسلمين· وهذه المساجد الكبرى ينبغي أن تعود لها رسالتها، بحيث يخرج من رحابها علماء يقفون جنبًا إلى جنب مع غيرهم من العلماء في مختلف مجالات العلم، وكافة المجالات الهادفة إلى التقدم في مضمار الحضارة· وعلينا أن ندرس الأسباب التي دعت إلى تراجع دور هذه المساجد ''الجامعات''، والمقترحات التي تعيدها إلى الصدارة، فلم نجد مسلمًا يتوجه في صلاته إلى غير الكعبة المعظمة، ولم نجد مسلمًا يطوف في الحج بغير البيت الحرام، ولم نجد مسلمًا لا تهفو روحه إلى زيارة الأرض المقدسة التي شهدت بعثة النبي، ولم نجد عبر التاريخ مسجدًا سمى باسم طائفة أو فرقة من فرق المسلمين دون غيرها· لقد توحدت قلوب المسلمين جميعًا سنة وشيعة ومعتزلة وخوارج وصوفية في توجهها إلى الكعبة، وفى وراثة منبر رسول الله واحترام قبلته، واحترام بيوت الله والارتفاع بها على كل شيء· نبذ المذهبية ويرى الدكتور محمد داود أن أول خطوة فى هذا الصدد أن ننبذ العصبية المذهبية، وأن نلقي باللافتات الحزبية والشعارات الطائفية، وأن نحل محلها شعار الوحدة بين المسلمين، على أن تنطلق هذه الدعوة من هذه المساجد الجامعة، وفى رحابها رجال مخلصون لهذه الأمة، ولهم من الكفاءة والقدرة العلمية ما يمكنهم من القيام بهذا الدور فى توحيد صفوف المسلمين والتقريب بينهم، لخير المسلمين والإسلام· والجامعات الأخرى فى شتى أنحاء العالم تتواصل عن طريق البعثات، والأبحاث المشتركة، وكثيرًا ما يخرج الإنجاز العلمي من أكثر من جامعة فى وقت واحد، فلماذا لا تفعل جامعاتنا الإسلامية مثل هذا؟ لماذا لا نجد تعاونًا علمياً بين الأزهر والزيتونة والأموي في تمويل مشروع علمي هدفه استصلاح الصحارى العربية وزراعتها أو القضاء على الأمراض المتوطنة فى بلاد المسلمين أو أمثل الطرق لقيام سوق إسلامية مشتركة· ودعا الدكتور داود علماء المسلمين إلى تحرير الناس من النزاعات المذهبية والخلافات الفقهية، وليس أقل من المحاولة مهما كانت الظروف والأحوال التى تدفع إلى التراجع والتخاذل والتنازع والشحناء، ونحن فى غنى عن إثارة الخلافات والنزاعات، وفى أمس الحاجة إلى البحث عن نقاط الالتقاء والتقارب، وهى بحمد الله كثيرة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©