حقوق الأخوة

ختاماً للحقوق والواجبات التي تدخل الجنات، وبعدما مررنا به طيلة الحلقات السابقة نختم بحقوق أخرى تتمة لما سبق، ولما يجب على المسلم فعله مع أخيه المسلم حتى يظفر بجنات الله ومحبة رسول الله· ومن هذه الحقوق أن يعيذ أخاه المسلم إذا استعاذ بالله، وأن يعطيه إذا سأله بالله، وأن يكافئه على معروفه أو يدعو له، وذلك لما رواه الإمام أحمد فى مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه به، وادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه''· قضاء الحاجات ومن هذه الحقوق أن نساعده إذا احتاج للمساعدة، وأن يشفع له فى قضاء حاجته إن كان يقدر على ذلك؛ لما رواه الإمام مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة''، وما رواه الحاكم والنسائي ما قاله صلى الله عليه وسلم: ''اشفعوا تؤجروا''· ومن هذه الحقوق أيضا أن يعفو عن زلة أخيه؛ لما رواه الإمام مسلم في صحيحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً''· ·· والخُلق الحسن وانظر معى أيضا إلى الواجبات الاجتماعية التى أوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأعمال المقربة إلى الجنة وهي: توقير الكبير ورحمة الصغير، وهذا يجعل الإنسان يتصف بصفة الإسلام، فقد أخرج أبو داود والترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا''، وما أخرجه أبو داود قال رسول الله صلى عليه وسلم: ''من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم''، فما أعظمك يا رسول الله وما أعظم كلامك وما أجمل الحقوق التي جعلتها علينا واجبة! ومنها أن نخالق الناس بخلق حسن، فنقابل السيئة بالحسنة ونبذل المعروف، وهذا مما أخرجه الحاكم والترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن''· وكذلك من أهم الحقوق والواجبات على المسلم تجاه أخيه المسلم عدم الغدر به أو خيانته أو مماطلته فى قضاء دينه أو الكذب عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ''أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر''، وقوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري في صحيحه: ''قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره''· ومن الحقوق عدم الغش والخداع، فالمسلم لا يغش ولا يخدع أخاه المسلم؛ وذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''من غشنا فليس منا''، ومن هذه الحقوق والواجبات عدم الحسد لأخيه أو ظن السوء به أو الحقد عليه وبغضه أو التجسس عليه؛ وذلك ما رواه الإمام مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''لا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا''، وما رواه الإمام البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث''· التواضع والتواصل ومن هذه الحقوق التواضع للمسلم وعدم التكبر عليه، وألا يقيمه من مجلسه ليجلس فيه؛ وذلك لما رواه الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد''، وما رواه الترمذي والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''لا يقيمن أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا وتفسحوا''· وعدم هجر المسلم من الحقوق الواجبة على المسلم، وذلك لما رواه أبو داود وابن ماجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذى يبدأ بالسلام''· ومن هذه الحقوق أيضا عدم اغتيابه أو احتقاره أو السخرية منه أو أن يتنابزه بالألقاب السيئة أو النميمة عليه بالإفساد؛ وذلك لما قاله الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)· ومن هذه الحقوق أيضا أن يحب المسلم لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ''لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه''· فهذه حقوق وواجبات، من التزم بها أدخله الله الجنات· اللهم أكرمنا بفعل هذه الحقوق، ولا تجعلنا من الذين يتصفون بالعقوق·