انتشار فطري لسلاسل السوبرماركت في القارة السمراء

ظلت الأكشاك الخشبية الصغيرة التي تبيع كل شيء ابتداءً من بطاقات الهاتف وحتى زجاجات الكوكاكولا تتخذ مواقعها في الملايين من أركان الطرقات الأفريقية قبل أن تشهد القارة السوداء في السنوات الأخيرة زيادة متنامية فيما أصبحت إحدى العلامات الرئيسية في سائر المدن والأرياف، وهي سلاسل محال السوبرماركت الكبرى والمولات التي درجت على بيع الأطعمة من كل نوع والأجهزة والمعدات الالكترونية ومنتجات الموضة والتجميل والأثاثات وحتى السيارات في كثير من الأحيان· والآن أصبحت هذه السلاسل مؤشراً على الازدهار الاقتصادي الذي بات ينتظم القارة الأفقر في العالم، وكما ورد في صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون مؤخراً فإن سلسلة سوبرماركت ناكومات في كينيا أصبح لديها 18 فرعاً في البلاد وتتطلع للتوسع في كامل أنحاء شرق أفريقيا عبر افتتاح أول منفذ لها خارج كينيا في نوفمبر المقبل· وشأنها شأن كبريات محال السوبر ماركت الأميركية مثل وول مارت وتارجت فإن العديد من متاجر ناكومات ظلت تتألق وتتوهج بالإضاءة الزاهية وتحتشد بالأطقم التلفزيونية والثلاجات وسائر السلع المعمرة إلى جانب مختلف أنواع الأندية مثل الخضراوات والحليب والمعلبات، بل إن المتاجر الجديدة المقترحة في أوغندا ورواندا وتنزانيا سوف تجعل من ناكومات منافساً شرساً للعمالقة من أمثال ميتكاش وشوب رايت سوبرماركت في جنوب أفريقيا وفقاً للمحللين في مكتب بلانيت ريتيل في لندن، إذ أن هذه الشركات ظلت حتى الآن تعتبر المتاجر الوحيدة في المنطقة التي تتمتع بنفوذ مالي يسمح لها بتنفيذ مثل هذه الخطط التوسعية الكبرى· وكان بنك التنمية الأفريقي قد أعلن في مايو الماضي أن معدل النمو في القارة سوف يرتفع إلى 6 في المائة في هذا العام في أعلى مستوى له طوال عقدين، بل إن بعض دول القارة قد كشفت عن نتائج مذهلة حيث شهد الاقتصاد المالاوي نمواً بمعدل بلغ 8,5% في العام الماضي على سبيل المثال· أما في كينيا فإن الاستقرار المالي النسبي في الاقتصاد الأكبر من نوعه في شرق أفريقيا والذي سجل نمواً بنسبة 6,1% في العام الماضي في أعلى معدل له منذ العام 1981 أتاح لسوبرماركت ناكومات المناخ المناسب للازدهار، والآن فإن الشركة بائعة التجزئة أصبحت تتطلع الى تسجيل نفسها في سوق نيروبي للأوراق المالية بحلول العام ·2009 كما ذكرت شركة بلانيت ريتيل أن سلسلة ناكومات سوف تصل إلى قاعدة عريضة من الزبائن في خارج كينيا وبخاصة في المناطق الحضرية في تنزانيا مثل مدينتي دار السلام واروشا إذ يقول أحد المحللين: ''لقد افتتحت شوب رايت بائعة التجزئة الأكبر في جنوب أفريقيا أفرعاً لها في كل من المدينتين إلا أن حجم الأسواق والاستقرار الاقتصادي يؤكد أن الساحة ما زالت تتسع للمزيد''، علماً بأن مجموعة شركات شوب رايت تعتبر بائعة التجزئة الأكبر في القارة السوداء قاطبة حيث تدير 886 منفذاً في 17 دولة أفريقية بالإضافة إلى جزر المحيط الهندي وبعض دول جنوب آسيا· ولكن تاريخ تجارة التجزئة في شرق أفريقيا لا يقدم فقط قصص النجاح فقد كانت هناك سلسلة سوبرماركت أخرى في كينيا تحمل اسم ''اوشومي'' التي تعني (الاقتصاد) في اللغة السواحيلية لديها أفرع في أوغندا إلا أنها عانت من العديد من المشاكل والعثرات المالية قبل أن تضطر إلى إغلاق أبوابها في يونيو من عام 2006 بعد 30 عاماً من ممارسة الأعمال التجارية· وذكرت لاحقاً أنه لم يعد بمقدورها تحمل المزيد من الخسائر كما أنحت باللائمة على سوء الإدارة والتدخلات السياسية بالإضافة إلى شراسة التنافسية· وقد وضعت الأجهزة الإعلامية عملية الإغلاق بأنها ''أحد أكبر الكوارث المؤسساتية في تاريخ كينيا المستقلة''· أما بالنسبة لسلسلة سوبرماركت ناكومات التي ظلت تمارس أعمالها التجارية طوال فترة 20 عاماً قبل أن تتوسع مؤخراً في افتتاح المزيد من محالها التجارية فقد سارعت للتأكيد بأنها لن تفعل ذلك لكي تؤثر سلباً أو تلحق أضراراً بالأعمال التجارية الصغيرة أو المزارعين المحليين· وفي خارج السوبرماركت في نيروبي العاصمة حيث ينتشر الباعة من كل نوع فقد ذكر ملاك الأكشاك المحلية بأنهم لا يرون أي تهديد لأعمالهم التجارية، إذ يقول ديفيد مواوريا الذي درج على بيع الورد والزهور على بعد خطوات من مبنى السوبر ماركت ''بعض الزبائن يأتون إلى هنا والبعض الآخر يذهب إلى السوبرماركت·· لذا فإني أعتقد أن هنالك ساحة تجارية نشطة تتسع للجميع''·