الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجنوب نحو الانفصال

13 أكتوبر 2007 00:22
نصت اتفاقية السلام السودانية -المعروفة باسم اتفاقية ''نيفاشا''- على أن يبدأ تطبيقها بحكم مشترك بين الطرفين الموقعين عليها، يستمر لمدة ست سنوات، وينتهي بإجراء استفتاء لتقرير مصير جنوب السودان فإما أن يفضل أهله الاستقلال والانفصال عن الشمال، أو يظلوا على وضع اتحادي يضمن لهم حكماً ذاتياً داخلياً؛ ومعنى هذا أن موعد تقرير مصير الجنوب بالاستفتاء العام لن يحين حتى عام 2011م؛ ولكن رغم هذه الحقائق، فإن قضية انفصال الجنوب عن الشمال صارت اليوم مثار البحث والجدل· إن الاختلاف بين شريكي الحكم وهما المؤتمر الوطني (الإنقاذ) والحركة الشعبية (الجنوب)، بدأ منذ اليوم الأول لتنفيذ الاتفاقية، وكان أوضح ما في تلك الخلافات، أن المؤتمر الوطني رفض الالتزام بما كان قد اتفق عليه شفاهة، بأن يكون من نصيب الحركة الشعبية في الوزارات السيادية المهمة أي من الوزارتين وزارة الطاقة والتعدين (البترول) أو وزارة المالية، ولكن ما حدث أن المؤتمر الوطني استحوذ على الوزارتين وتنكر لما تم الاتفاق عليه، وتوالت بعد ذلك أسباب الخلاف والتوتر والشد والجذب· ويعبر الأمين العام للحركة الشعبية السيد ''باقان أموم'' عن ما وصلت إليه العلاقة بين الشريكين -في تصريح صدر له هذا الأسبوع- بقوله: ''إن العلاقة بين الشريكين وصلت إلى نهايتها''· ولنستجلي الأمر أكثر، نجد أن ما حدث ولم يعلن للرأي العام، هو أن مجموعة من أعضاء المجلس التشريعي (البرلمان) الخاص بالجنوب، قد طالبت في اجتماع عقد قبل بضعة أيام، بإعلان استقلال الجنوب وانفصاله عن الشمال، لكن رئيس حكومة الجنوب الفريق ''سلفاكير'' الذي هو أيضاً النائب الأول لرئيس الجمهورية قاوم هذا الاتجاه، وأقنع أولئك النواب بالتريث· ونعود قليلاً إلى الوراء فنجد أن السيد ''سلفاكير'' أبلغ المبعوث الأميركي الخاص بالسودان في السابع والعشرين من الشهر الماضي، بأنه يرى ضرورة أن يجلس شريكا الحكم في السودان ويحتكما للمجتمع الدولي ممثلاً في هيئة الأمم المتحدة، وكذلك مجموعة دول (الإيقاد) والولايات المتحدة الأميركية، وذلك بهدف حل القضايا العالقة في تنفيذ اتفاقية السلام· وهكذا، فإن الصورة فيما ظهر منها وما بطن لا تدعو للاطمئنان، وتنذر بأن انفصال الجنوب صار أمراً محتملاً يمكن أن يحدث حتى قبل أن يحين موعد تقرير المصير عام 2011م، ولو انفصل الجنوب عن الشمال فإن ذلك سيكون بداية لتمزيق القطر السوداني إلى دويلات؛ ومن أولى الاحتمالات إذا انفصل الجنوب، أن تنفصل كذلك جبال النوبة، وتتبعها منطقة النيل الأزرق ويعلم الله وحده ماذا يحدث بعد ذلك! إن مجموعة (الإنقاذ) ليست حريصة على وحدة السودان، ولم تكن تلك الوحدة من أولويات الجماعة الإسلامية السودانية على امتداد تاريخها في العمل السياسي الوطني، ولعل أوضح دليل على ذلك أن مجموعة من قادة هذه الجماعة شكلوا لهم منبراً خاصاً قبل أعوام لا هدف له غير الدعوة للانفصال، وقد سمحت لهم حكومة (الإنقاذ) بذلك النشاط ولم تتبرأ منهم أو تستنكر ما هم فيه بل صدقت لهم إصدار جريدة يومية تتولى الدعوة لما ينادون به من وجوب أن يبادر الشمال بفصل الجنوب حتى قبل عام 2011م· إن الوضع كله يدعو للقلق وستكون الأيام القادمة حاسمة في تقرير مصير بلد المليون ميل مربع، فإما أن يبقى كما هو أو يصبح بضع دويلات·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©