الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إبراهيم الجبين.. خطوة جريئة تقارب المحظور

إبراهيم الجبين.. خطوة جريئة تقارب المحظور
13 أكتوبر 2007 00:23
صدر عن دار خطوات للنشر والتوزيع في دمشق الرواية الأولى للكاتب إبراهيم الجبين بعنوان ''يوميات يهودي من دمشق''· وفي هذه الرواية يخوض الكاتب مغامرة حقيقية في المحظور، بإبراز الوجه الآخر لشخصية اليهودي، الوجه الآخر الذي غيبته الرواية العربية، طوال عقود طويلة، كنتيجة للصراع العربي ـ الصهيوني، والعدوانية الإسرائيلية، وما أسفر عنه ذلك من معاناة للشعب الفلسطيني والعربي عموماً، وكنتيجة ثانية للخلط بين اليهودية والصهيونية في الذهنية العربية· حارة اليهود اليهودي في رواية الجبين يبدو بصورته الطبيعية مواطناً في دولة عربية هي سوريا، ويسكن في حارة اليهود في دمشق، أباً عن جد، وبهذا فإن الكاتب يكسر الصورة النمطية التقليدية لشخصية اليهودي في الرواية العربية، والتي تماهت مع شخصية الصهيوني أو الإسرائيلي العدو· وأبرز الجانب الآخر لليهودي كمواطن عربي يدين باليهودية في حارة دمشقية عتيقة· وهو هنا لا يفعل ذلك إلا ليعري الصهيونية، ويكشف زيف أوهامها، من خلال مناقشة الفكرة التي لعبت عليها لإغراء اليهود بوطن آخر، لا يشعرون فيه أنهم مختلفون عن الآخرين، وتربطهم فيه قواسم دينية صرفة تشكل منهم شعباً له شخصية واحدة· لكن هذا الوطن الآخر لم يكن إلا سراباً، لأن ما يجمعهم مع الآخرين في أوطانهم الأولى، هو الحقيقة الحياتية المعاشة، أما الميثولوجيا وأرض الميعاد فهي الوهم بعينه، وهذا ما تجسده الشخصيات في الرواية عندما يسمح ليهود سوريا أن يختاروا بين الوطن الأم، وبين الوهم، من خلال السماح لهم بالمغادرة، فتجد الشخصية اليهودية العربية السورية نفسها أمام اختبار قاس، لتحديد هويتها وانتمائها· العيش المشترك رواية إبراهيم الجبين استقبلها النقاد بحماسة بالغة باعتبارها تشق طريقاً جديداً في الرواية السورية، وأهم ما فيها أنها تخلصت من الدمج الخاطئ بين شخصية اليهودي وشخصية الصهيوني، وأعادت الاعتبار للمواطنة، وللعيش المشترك بين الأديان، في أقدم عاصمة مأهولة على وجه الأرض· وهو بذلك يحاول أن يفك العقدة من جذورها، عقدة ووهم الشعور بالاختلاف، الذي زرعته الصهيونية في نفوس اليهود، في مختلف أوطانهم· ليقول إن دمشق هي مهد الشرائع السماوية، وستبقى ملتقى لتعايش كل الأديان، وهذا ما يعبر عنه الكاتب في المقاطع الأخيرة من الرواية، حين يقول: ''كتب الذي لم يكن يهودياً، أنّه قد يكون كذلك، لولا أن دمشق بألف لغة تخبره بأن لا مهرب ولا منجى من أبوابها إلا إليها·· وأنّ فكرة حُبست ذات يوم في أحشائها ستبقى تتخلّق، حتى يأذن وقتها لتعود إلى الحركة والفعل، وما الذي يجديه إن كتب؟''· شخصيات حقيقية رواية الجبين جاءت على شكل يوميات، فيها الكثير من الشاعرية، والصور الشفيفة، وقد أحسن فيها استخدام تقنية (المونتاج) السينمائي، في تقطيع المشاهد، ليقدم نصاً شائقاً، تتلاحق أحداثه عبر خطوطها المختلفة، حتى تصل إلى ذروتها، فينتقل إلى خطوط أخرى برشاقة، فيشد القارئ ويثير شهوة القراءة لديه· يقول الجبين في بداية روايته، إنها تستند إلى أحداث وشخصيات حقيقية، لكنه غير بعض الأسماء لضرورات تتعلق بسلامة أصحابها· وهو لا ينسى أن يترك النص مفتوحاً في نهاية الرواية، حين يقول: ''لم تنته اليوميات، ولكن تدوينها النهائي يكتمل الآن في مكان آخر'' في إشارة إلى استمرار الصراع· وقد أثارت رواية الجبين ضجة كبيرة، حين تعرضت لمضايقات وانتقادات، بدأت بمنع عرضها في معرض الكتاب الدولي في دمشق، باعتبار أنها تقارب المحظور، وتتجاوز الخطوط الحمراء·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©