الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنوك المصرية تجتاز امتحاناً صعباً خلال الأسبوع الماضي

البنوك المصرية تجتاز امتحاناً صعباً خلال الأسبوع الماضي
11 فبراير 2011 22:06
(القاهرة) - اجتازت البنوك المصرية، 723 فرعاً عاملاً من أصل 1300، الأسبوع الماضي معركة صعبة مع إعادة افتتاحها بعد عشرة أيام من الإغلاق ونفاد السيولة في ماكينات الصرف الآلي، الأمر الذي أضر كثيراً بحركة النشاط التجاري والاقتصادي بالبلاد. وجاء نجاح البنوك المصرية في مواجهة تداعيات أزمة الإغلاق مدعوماً بسيولة ضخمة وفرتها المراكز الرئيسية لهذه البنوك لفروعها التي أعيد افتتاحها، وكذلك مدعوماً بنحو ملياري دولار ضخها البنك المركزي المصري سحباً من رصيد الاحتياطي النقدي لمواجهة طلب متنامٍ على الدولار وتهاوٍ سريع لسعر صرف الجنيه، الأمر الذي أدى إلى وقف انهيار الجنيه وإعادة تماسكه في مواجهة العملات الصعبة. وساعد البنوك على اجتياز هذه المعركة بنية تحتية قوية ومتطورة، لا سيما على الصعيد التكنولوجي ونظم الحاسب الآلي وغيرها، ساهمت في سرعة إنجاز المعاملات ومساعدة المتعاملين على الاطلاع على حركة حساباتهم من خارج البنوك، عبر آلية الإنترنت بنك أو آلية البنك فون. وكذلك إجراء عمليات السحب والإيداع عبر الماكينات والتحويل من الحسابات وسداد الفواتير المستحقة وغيرها من العمليات التي كانت تستنزف وقت موظفي البنوك وتمثل عبئاً إضافياً عليهم خلال أوقات العمل الرسمية. وكشفت قيادات مصرفية تحدثت لـ”الاتحاد” عن عامل آخر ساهم في سرعة استقرار الأوضاع بالبنوك المصرية منذ اليوم الأول لعودتها للعمل صباح الأحد الماضي، وهو عدم اندفاع عملاء البنوك لسحب مبالغ كبيرة من ودائعهم بالبنوك، وهو الأمر الذي كان يتخوف منه الكثيرون، حيث اقتصرت غالبية عمليات السحب على مبالغ تفي بتعهدات الأفراد أو سداد رواتب العاملين بالشركات وغيرها، ولم تشهد معظم فروع البنوك عمليات سحب غير طبيعية، بل إن بعض البنوك تلقت ودائع جديدة من العملاء فاقت المبالغ المسحوبة، الأمر الذي يؤشر على متانة الأوضاع المالية للجهاز المصرفي وعدم حدوث حالة “هلع” كانت متوقعة. من جانبها، اتخذت معظم البنوك إجراءات لوجسيتية احترازية لضمان تدفق السيولة على الفروع في ظل ظروف أمنية غير مواتية، حتى لا تحدث أي اختناقات في أي من فروعها، إلى جانب تشغيل معظم البنوك شبابيك صرف إضافية “التيللر” لمواجهة ازدحام العملاء داخل الفروع. وعلى الرغم من سيطرة عمليات السحب والإيداع على نشاط البنوك المصرية خلال الأسبوع الماضي، إلا أن العمليات المصرفية الأخرى لم تختف من المشهد، بحسب تأكيد عدد من رؤساء البنوك، حيث برزت إلى جانب العمليات التقليدية من السحب والإيداع، عمليات فتح الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان اللازمة لإعادة الانتظام لحركة التجارة الخارجية لمصر مع دول العالم، حيث نشط المستوردون في فتح هذه الاعتمادات بهدف سرعة استيراد السلع الأساسية، سواء كانت استهلاكية أو صناعية، حيث تشير البيانات الأولية إلى أن عمليات من هذا النوع بلغ حجمها أكثر من نصف مليار دولار على مستوى البنوك المصرية كافة خلال الأيام الثلاثة الأولى من عودة العمل بالبنوك. وعلى الرغم من ضخامة المبلغ الذي يمثل ضغطاً على كل من الدولار واليورو باعتباره طلباً إضافياً في وقت قصير، إلا أن إجراءات البنك المركزي بضخ الدولار ساهمت في مساعدة البنوك على تلبية هذه الاحتياجات وبسعر صرف مقبول من جانب دوائر الأعمال، حيث إن سعر صرف الجنيه، إثر تدخل المركزي بضخ ملياري دولار دفعة واحدة، يدور حالياً حول 586 قرشاً للشراء و590 قرشاً للبيع، على الرغم من أن مؤشرات أولية قبل عودة العمل بالبنوك كانت تؤكد أن سعر صرف الدولار سوف يكسر حاجز الجنيهات الستة خلال اليوم الأول للعمل، لا سيما بعد أن نشطت عمليات مضاربة واسعة النطاق خلال الأيام التي أغلقت فيها البنوك وشركات الصرافة أبوابها. ويرى متعاملون بالبنوك أن نجاح البنوك في تلبية مطالب العملاء خلال هذه الأزمة ساهم إلى حد كبير في إعادة الثقة للسوق واستقرار المعاملات المالية بين أطرافه، وأن وضع حدود قصوى لمسحوبات الأفراد من البنوك والمقدرة بنحو 50 ألف جنيه أو عشرة آلاف دولار يومياً لم يؤثر سلباً على انتظام المعاملات بين الأفراد، لا سيما العاملين في الحقل التجاري، حيث إن السقف المسموح به كافٍ لإتمام المعاملات والوفاء بالالتزامات. وأشار هؤلاء إلى أن عدم وضع حد أقصى لمسحوبات الشركات كان قراراً ذكياً وإشارة إيجابية من جانب السلطات النقدية للسوق بأنه لا توجد ثمة مشكلة سيولة مالية في مصر وأن على الجميع أن يطمئن وأن الشركات كافة تستطيع الوفاء بالتزاماتها عبر آليات الدفع المختلفة سواء كانت دفعاً نقدياً أو غير نقدي. ويقول محمود عبد اللطيف، رئيس بنك الإسكندرية انتسا سان باولو، إن تجربة البنوك المصرية في ظل الأزمة التي تمر بها مصر حالياً أثبتت مجدداً متانة الأوضاع المالية للجهاز المصرفي المصري وقوة وعمق الاقتصاد الكلي بالبلاد، الأمر الذي يؤشر على إمكانية استعادة الأوضاع الاقتصادية الجيدة السابقة على هذه الأزمة. وأكد عبد اللطيف أن توافر السيولة لدى البنوك بكميات كبيرة تفوق احتياجات العملاء وخطط افتتاح فروع تغطي مناطق الجمهورية كافة وقيام البنك المركزي بضخ الدولار، إلى جانب وعي المتعاملين مع البنوك، ساهمت في خلق مناخ من الثقة بالجهاز المصرفي، فلم تندفع الجماهير لسحب أموالها من البنوك مثلما كان يروج البعض، بل إن كثير من عملاء البنوك قاموا بإيداع أموال مع عودة العمل، وهذا يشير إلى ثقة الجمهور بالجهاز المصرفي، لا سيما أن القانون في مصر يلزم البنك المركزي والحكومة بضمان كامل ودائع العملاء بالبنوك، أي بنسبة مئة بالمئة، وهذا أمر لا يحدث في عدد كبير من دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، وهو أمر مطمئن للعملاء، فالودائع في البنوك المصرية آمنة ومضمونة بحكم القانون. وأضاف عبد اللطيف أن بنك الإسكندرية أعاد تشغيل 50 فرعاً، تمثل أكثر من 30 بالمئة من إجمالي عدد فروعه، بالإضافة إلى المكاتب التابعة للبنك في المطارات والفنادق الكبرى، إلى جانب 253 ماكينة صرف آلي تغطي أنحاء الجمهورية كافة، وأن عمليات السحب والإيداع التي شهدها البنك طيلة الأسبوع الماضي كانت في الحدود الطبيعية، كما أنه لم يلاحظ أي تحركات غير طبيعية فيما يتعلق بالتحويلات الدولارية، سواء داخل البلاد عبر الحسابات المصرفية أو إلى خارج البلاد، وأن 90 بالمئة من هذه التحويلات جاءت في إطارها الطبيعي، سواء لاستيراد سلع من الخارج أو الوفاء بالتزامات تجاه شركاء تجاريين في مختلف دول العالم. وأوضح رئيس بنك الإسكندرية أن نجاح البنوك المصرية في اجتياز هذا الامتحان الصعب يبعث برسالة ثقة واطمئنان للعالم الخارجي بأن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد لا تزال جيدة، وأن السيولة متوافرة، وأن هناك قدرة كامنة على استعادة معدلات النمو التي قد تتأثر قليلاً، ولكن معظم القطاعات الاقتصادية بالبلاد لا تزال بخير، وأن المؤشرات المالية كافة تؤكد أن الاقتصاد المصري سوف يستعيد عافيته بسرعة، وأن مصر سوف تعبر هذه الأزمة بسلام. وقال خالد الجبالي العضو المنتدب لبنك “باركليز مصر”، إن توافر السيولة بالبنوك المصرية أدى إلى كبح جماح الخوف لدى المتعاملين، حيث إنه من المعروف أن نسبة القروض إلى الودائع في البنوك المصرية تدور حول 54% في المتوسط، أي أن هناك سيولة كبيرة غير خاضعة للإقراض، كما أن البنوك تحتفظ باحتياطي بنسبة 14 بالمئة من ودائع العملاء لدى البنك المركزي، وهذا الاحتياطي يمكن السحب منه خلال الأزمات، وبالتالي لا يمكن القول إننا نعاني أزمة سيولة، سواء الآن أو مستقبلاً، الأمر الذي يمثل ضمانة حقيقية أمام المتعاملين بالبنوك. وأوضح الجبالي أن توافر بنية تحتية تكنولوجية قوية بالبنوك المصرية يساهم إلى حد كبير في تخطي الأزمة، حيث إن ماكينات الصرف الآلي المنتشرة في معظم الشوارع والمناطق الرئيسية وتطوير نظم الدفع الإلكترونية وغيرها من الآليات غير التقليدية ساعدت البنوك على تلبية احتياجات شرائح واسعة من العملاء دون الاضطرار لفتح أبوابها، ودون اضطرار العملاء للتزاحم في صالات البنوك، إلى جانب الوعي المتزايد للعملاء باستخدام هذه الآليات غير التقليدية، وكذلك اطمئنانهم على أموالهم، جعلا الكثيرين لا يذهبون لسحب أموالهم إلا في الحالات الاضطرارية. وقال الجبالي إن بنك “باركليز مصر”، على سبيل المثال، لم يعان هذه الحالات الاضطرارية، حيث إن غالبية عملائه من الشركات، وأنه لا يصرف رواتب موظفي الحكومة على سبيل المثال الذين كانوا يشكلون 90 بالمئة ممن توجهوا للبنوك لسحب أموال عند عودتها للعمل، الأمر الذي ساعد على تلافي حالات الزحام التي شهدتها بعض البنوك الأخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©