الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإصلاحات أكثر فعالية من العملة الموحدة في تعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي

الإصلاحات أكثر فعالية من العملة الموحدة في تعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي
13 أكتوبر 2007 23:29
في عام 1981 عندما تم تأسيس مجلس التعاون الخليجي، وكان الهدف الرئيسي من إنشائه يكمن في استحداث معسكر اقتصادي يتألف من دول تعتبر مزوداً حيوياً للنفط وعلى قدر كبير من الأهمية لأكبر اقتصادات في العالم، وبالنظر الى الاتحاد الأوروبي كنموذج يحتذى تم إضافة مسألتي السوق الموحدة والعملة للأجندة المطروحة قبل أن يكتشف الاتحاد الأوروبي نفسه أن العملة الموحدة بإمكانها أن تعاني من المشاكل الخاصة بالسيادة الوطنية، والآن فإن الاقتصاديين في المنطقة أخذوا يشيرون من جانبهم الى أن إدخال الإصلاحات في السوق الموحدة ربما يصبح أكثر فائدة بكثير من اعتماد العملة الموحدة· أما في المنطقة فإن الارتباط بالدولار بالنسبة للاقتصادات المتوسعة لدول الخليج أصبح مثاراً للجدل والمخاوف على حد سواء بسبب الانخفاض المتوالي في قيمة الدولار وخاصة في شهر سبتمبر المنصرم عندما بدأ المتعاملون في العملة يتدافعون لامتلاك الريال السعودي في توقعات أشارت وقتها الى إمكانية إعادة تقييم ربطه بالدولار، وظلت آمالهم معلقة بأن تجد الرياض نفسها مجبرة على أن تعيد تقييم عملتها حتى تحقق بعض الفوائد من إقدام الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة· وظل الدولار الأميركي ولفترة طويلة العملة المرجعية الأساسية للاقتصاد العالمي قبل أن يصل الى مستويات متدنية لا يلبث أن يهبط عنها كل أسبوع؛ وكان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد عمد الى خفض أسعار الفائدة بهدف تشجيع الاقتراض على أمل المحافظة على وتيرة النمو والحيلولة دون اقتراب تهديد الركود من الاقتصاد الأميركي بعد أن توالت الصدمات الارتدادية الناجمة عن أزمة الرهن والائتمان في جميع أنحاء العالم· وكما ورد في ميد مؤخراً فقد تعالت الأصوات المنددة بالارتباط بالدولار وتناقص القوة الشرائية للعملات المحلية وارتفاع معدلات التضخم في المنطقة وبشكل بات يرفع تكاليف المعيشة بصورة دراماتيكية في جميع أنحاء المنطقة· بل ان القليل فقط من الخبراء باتوا يتوقعون أن يتم إطلاق العملة الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي في موعدها المحدد في 2010 بعد أن أشار سلطان ناصر السويدي محافظ البنك المركزي في دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الأسبوع الى أن هذه الخطوة ربما لن تتحقق حتى عام ·2015 إلا أن الجدل بشأن العملة الموحدة والارتباط بالدولار وإعادة تقييم العملة قد سمح فيما يبدو بضرورة اعتماد إصلاحات مقترحة بحيث تؤدي الى حلول لمشكلة التضخم في المنطقة· ويقول ناصر الكود مدير إدارة الأموال المصرفية والاستثمار في مكتب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ''اننا نعتزم الإعلان عن إنشاء السوق الموحدة لدول مجلس التعاون بحلول نهاية هذا العام''· وعلى أرض الواقع فإن هذا الأمر يعني إنشاء هيكل قانوني موحد على مستوى دول مجلس التعاون في الوقت الذي يعتقد فيه معظم الاقتصاديين أن تنفيذ مثل هذه الخطوة على المستوى الوطني والقُطري ما زال يحتاج الى العديد من السنوات· إلا أن ناصر الكود من جانبه أشار الى أن هذه القوانين سوف تتم إجازتها في كل دولة عضو خلال فترة السنوات القليلة القادمة قبل أن يتم إنشاء السوق الموحدة بشكل فعلي· ومضى يقول ''إن السوق الموحدة الشاملة من شأنها أن تزيد من فعالية الاقتصاد وسوف تلعب دوراً بمرور الوقت في تخفيض الأسعار، وكلما ازدادت حدة المنافسة فيما بين دول مجلس التعاون نفسها كلما ساعد ذلك على انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال نحو الأماكن التي تحتاج أكثر من غيرها الى هذه الموارد''· وكما يشير الاقتصاديون فإن هذه الحركة للأشخاص والأموال في جميع أنحاء المنطقة سوف تتمخض عن فوائد إيجابية مقدرة للاقتصاد بشكل عام وأكثر بكثير من اعتماد العملة الموحدة· بلا شك فإن إطلاق اليورو في دول الاتحاد الأوروبي قد ساعد على إنعاش التجارة البينية في دول المنطقة عبر التخلص من مخاطر تبادل العملات الأجنبية وخفض تكاليف التعاملات ما بين الشركاء التجاريين مثل ألمانيا وفرنسا، كما أدت العملة المشتركة الى توثيق وتقوية هذه الروابط التجارية، وعلى كل فإن - في دول مجلس التعاون الخليجي حيث يقل حجم التجارة بين الدول الأعضاء - اختلاف أسعار العملات لا يمثل مشكلة حقيقية حيث إن جميع العملات الست لهذه الدول إما مرتبطة بالدولار أو تمضي في مسار قريب له· يتساءل براد بورلاند كبير الاقتصاديين في جدوى للاستثمارات في المملكة العربية السعودية ''ما الذي تشتريه السعودية من الكويت على سبيل المثال؟ إنني أعتقد بعدم حدوث قفزة هائلة في التجارة في المنطقة لمجرد الانتقال الى عملة موحدة· إن العملة الموحدة أمر جيد ولكن حركة انتقال السلع والخدمات والعمالة الى داخل دول المجلس هو الأمر الأكثر أهمية''· ويتفق سايمون ويليامز كبير الاقتصاديين في إدارة أسواق الخليج في مصرف اتش اس بي سي مع هذا الرأي، مشيراً الى أن مكاسب قليلة فقط يمكن أن تتحقق من اعتماد العملة الموحدة قائلاً ''إن تكاليف التعاملات أصلاً متدنية كما أن الارتباط بالدولار يقلل من احتمالية التعرض لمخاطر تتعلق بالعملة· وكذلك فإن عملية التكامل الاقتصادي في الخليج سوف تمضي بخطوات تسمح للسلع ورؤوس الأموال والعمالة بالانتقال بحرية أكثر في كامل أنحاء المنطقة· وربما تلعب العملة الموحدة دوراً في هذه العملية إلا أنها لن تصبح المسألة الأكثر أهمية''· ومما لا شك فيه فإن تسهيل حرية تدفق العمالة والأموال في أنحاء المنطقة من شأنه أن يعمل على إزالة الحواجز أمام عمليات الاندماج العابرة للحدود وسيمكن دول مجلس التعاون الخليجي من اتخاذ الخطوات اللازمة لترويج وإنعاش التنافسية في داخل المنطقة ويخفض الأسعار، علاوة على تقديم المساعدة للعمالة في الانتقال الى المناطق والصناعات الأكثر حاجة لها· وهو الأمر الذي حدث بالضبط في الاتحاد الأوروبي حيث ساهمت إزالة القيود على حركة العمالة وفتح الأسواق أمام عمليات الاندماج العابرة للحدود في خفض أسعار الفائدة وتضاؤل معدلات التضخم بمقدار كبير مقارنة بالعقد الماضي من الزمان· وإذا ما أمكن ترجمة ذلك في دول مجلس التعاون الخليجي فسوف يدلي بتأثيرات إيجابية ملحوظة على التضخم الذي أصبح العامل الرئيسي الذي يهدد بالإطاحة بمشروع العملة الموحدة· وحالياً فإن كل دولة عضو تعمل على تطوير الاستراتيجية الخاصة بها في التصدي للتضخم كما أن كلاً منها أصبحت تبتعد عن الهدف الخاص بالوحدة المالية· إلا أن ربط هذه الاقتصادات المزدهرة بالنفط بالدولار المستمر في الانخفاض بدأ يتداول في المنتديات كأحد العوامل الهامة في حدوث التضخم في المنطقة· ولكن وفي الوقت الذي تلعب فيه هذه المسألة دوراً جزئياً في الضغوط التضخمية إلا أن جذور التضخم بلا شك تكمن في تكلفة أسعار الأغذية والإيجارات· والى ذلك فهنالك خطوات أخرى تم تبنيها أصلاً لاستحداث سوق أكثر انفتاحاً بما في ذلك الإعلان في عام 2003 عن سلطة جمركية موحدة تعمل على تبني نظام موحد للرسوم التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي من أجل إنعاش التجارة البينية الإقليمية على الرغم من أن التشابه بين اقتصادات الدول الست في المجلس بات يعني أن حجماً قليلاً من التجارة سوف يتم تداوله بين الدول الأعضاء، لذا فهنالك تدابير أخرى يمكن أن تصبح أكثر فعالية في لجم ارتفاع التكاليف والأسعار· معيار التضخم خفض متوسط معدل التضخم في جميع أنحاء المنطقة لا يعني بالضرورة ان التضخم سوف ينخفض في أي مكان في المنطقة· إذ يقول مشتاق فان كبير الاقتصاديين في مجموعة سيتي جروب ''إذا ما قدر لمجلس دول التعاون أن يشهد سوقاً حرة والمزيد من عمليات الاندماج العابرة للحدود فإن النتيجة سوف تتمثل في حدوث بعض التقارب في معدلات التضخم· ولكن السؤال سوف يتمحور في عما إذا كانت دولة مثل السعودية سوف ترغب في أن يزداد معدل التضخم منها من مستوى 3,8 في المئة الى 5 في المئة أو أكثر؟''· وعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون ربما تصبح مستعدة للإعلان عن إنشاء السوق الموحدة فإن من المرجح أن تستغرق المسألة بعض الوقت قبل إنفاذ بعض الخطوات والتدابير· فمجلس التعاون كان قد أعلن في عام 2003 أن جميع المواطنين في دول المجلس سوف يتمتعون بالحرية الكاملة في الاستثمار في بورصات دول المجلس الأخرى· إلا أن هذا الأمر لم يتحقق في السعودية إلا في الشهر الماضي عندما سمحت الرياض بتداول أسهم الشركات في قطاعها المالي· السوق المشتركة تقول مونيكا مالك، كبير الاقتصاديين في بنك إي اف جي-هيرمس للاستثمار البنكي ''كان من المفترض أن يتم إطلاق السوق الموحدة لدول مجلس التعاون بحلول العام 2006 إلا أن القليل فقط من التقدم تم إحرازه حتى الآن، وكذلك فإن الإصلاحات الخاصة بالسوق المشتركة من أجل إحداث الانسجام والتناغم المتعلقة بالحواجز التجارية سوف يحتاج الى بعض الوقت باتجاه إحراز تقدم في مشروع العملة المشتركة''· وعطفاً على الإعلان الذي يشير الى أن السوق الموحدة سوف تصبح حقيقة على أرض الواقع قبل نهاية العام الحالي فإن مجلس التعاون الخليجي أصبحت لديه الفرصة لكي يذكر نفسه بالهدف الرئيسي الذي قام من أجله وهو خلق معسكر اقتصادي متكامل في الخليج· لذا فإن وضع الإصلاحات المطلوبة للتوافق مع العمل مع جموع القوى العاملة، وفتح الأبواب على مصاريعها أمام تدفقات رؤوس الأموال وتعزيز التنافسية في المنطقة يمكن أن تشكل جميعها خطوات لازمة باتجاه استحداث استراتيجية موحدة لمكافحة التضخم والتغلب على مخاوف العامة ومواجهة الانتقادات التي ما فتئت تشير الى النقص في الأدوات المالية الفعالة المتوفرة· حرية انتقال العمالة خلصت دراسة أجريت مؤخراً من قبل شركة ''جلف تالينت'' المتخصصة في مجال التوظيف أن التضخم في الأجور حالياً في معدل 10,7 في المائة في المنطقة، لذا فإن السماح بحرية انتقال العمالة الى حيث يحتاجها السوق من شأنه أن يشكل جزءاً من الاستراتيجية الهادفة لمكافحة التضخم في كامل المنطقة، وكما يقول جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في بنك ساب السعودي ''إن خلق سوق أكثر مرونة للعمالة سوف يساعد على التصدي لتضخم الأجور''، ومضى يشير الى أن إنعاش حركة انتقال الأشخاص من أسواق العمالة المتشعبة الى أسواق تفتقد لهذه العمالة من شأنه أيضاً أن يزيل عنق الزجاجة التي لا تكف عن رفع الأسعار في دول مجلس التعاون· وكذلك فإن الترويج للتنافسية الإقليمية بين الشركات سوف يسمح بازدهار عمليات الاستحواذ والاندماج العابرة للحدود كما سيساعد الشركات على تحقيق أكبر قدر من الإنتاج الاقتصادي وبشكل سيؤدي لا محاولة خفض أسعار المنتجات والخدمات، إذ يقول خان زاهد كبير الاقتصاديين في بنك الرياض ''إن السوق الحر هو الحل الأمثل والطويل المدى لفقاعة التضخم في المنطقة، لذلك فإن إزالة العوائق أمام التنافسية وفتح السوق على مصراعيه أمر ضروري وشديد الأهمية''، واستطرد ''وكذلك فإن الانضمام الى منظمة التجارة العالمية سوف يعني انتهاج مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية بحيث تجعل السوق أكثر تنافسية ومنفتحا أيضاً أمام المنافسة العالمية''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©