السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العِرْق في أميركا··· بين الهوية وقاعدة القطرة الواحدة

العِرْق في أميركا··· بين الهوية وقاعدة القطرة الواحدة
14 أكتوبر 2007 01:46
إليكم ما ينبغي توقعه خلال مناظرة المرشحين الرئاسيين الجمهوريين الأسبوع المقبل، في كليةٍ كانت تاريخيا خاصة للطلبة السود في بالتيمور: كراس فارغة· أما السبب، فيكمن في أن كل المرشحين الجمهوريين الأربعة لديهم ''تعارض في البرمجة''· وهذا ما يدركه الجمهوريون، حيث يقول عضو الكونجرس السابق ''جاك كمب'' لواشنطن بوست: ''إننا نبدو كما لو أننا لا نريد للأشخاص السود أن يصوتوا لنا''· الواقع أنه محق بخصوص الجزء المتعلق بالنادي، غير أن التحدث إلى القواعد في ''مناظرة سوداء'' أو ''بنية'' كطريقة للفوز بالأصوات -لأي من الحزبين- تبدو قديمة وعتيقة، تماما مثلما يخشى كمب أن يصبح عليه حالُ الحزب الجمهوري· وبدلا من الناخبين السود، لنسمهم ناخبي ''هالي بيري''، ''ماريا كاري''، و''تايجر وودز''، وبدلا من الأصوات المنحدرة من أميركا اللاتينية، لنسمها أصوات ''جيسيكا ألبا'' و''جيمي سميتس''· تَعتبر ''هالي بيري'' -بنتٌ لأم بيضاء وأب أسود- نفسها سوداء، أما ''ماريا كاري'' فتصنَّف تصنيفات مختلفة، فهي أميركية من أصل أفريقي حينا، وأميركية من أصل إيرلندي حينا آخر، وأميركية فحسب أوقاتا أخرى· هذا في حين قال ''تايجر وودز'' ذات مرة عنه نفسه، إنه مزيج من العنصر القوقازي والأسود والهندي الأميركي والآسيوي· أما ''جيسيكا ألبا''، فأصلها لاتيني فرنسي دانماركي· في حين ''جيسي سميتس'' فأصله من هولندا وسورينام وبورتوريكو· ولكن، ما الذي يعنيه العرق اليوم؟ الواقع أن ''سياسة الهوية'' أصبحت خاضعة للكيفية التي يُعرف بها الناس أنفسهم، فعندما بدأ الإحصاء الأميركي عام 2000 يسمح للناس بوضع علامة على أكثر من خانة واحدة ضمن الجزء المتعلق بـ''العرق''، فإن نحو سبعة ملايين شخص قاموا بذلك· ومن جهة أخرى، تعرضت ''بيري'' لكثير من الانتقادات لأنها اعتبرت نفسها سوداء، في حين انتقدوا ''وودز'' لأنه لم يعتبر نفسه أسود· وعلاوة على ذلك، فثمة جدل في أوساط ناخبي الأقلية حول ما إن كان المرشح الديمقراطي ''بيل ريتشارسون'' لاتينيا بما يكفي، وما إن كان ''باراك أوباما'' أسود بما يكفي -المقصود مواقفهما من تجربة العبودية الأميركية-الأفريقية- ليفوزا!· والواقع أنه قبل سبعين أو ثمانين عاما، ما كان ''أوباما'' و''وودز وبيري'' ليحظيا بهذا الاختيار على اعتبار أن الكثير من الولايات كانت تمارس حينها ''قاعدة القطرة الواحدة'' -أي أن قدرا قليلا من ''الدم الأسود'' كاف لجعل المرء أسود بحكم القانون· هذه الأيام، وبعد أن أصبح بإمكان المشاهير والمغمورين أن يختاروا تصنيف أنفسهم عرقيا على أساس انتماء ولو طفيف وتافه إلى مجموعة ما، فإنهم قلبوا قاعدة القطرة الواحدة رأسا على عقب، ساخرين من هوس أميركا بالعرق· وهو ما يؤشر إلى أن العرق أصبح ربما من مواضيع القرن العشرين· كنت آمل أن يكون لي أصل أو نسب مخفي في أسرتي، لونه من لون خبز ''ووندار بريد'' الأبيض الذي تربت عليه في طفولتي· فقد تفتحُ لي تركة حمض نووي غير معروفة مشوارا مهنيا في السياسة· حينها، يمكنني أن أضع علامة على أكثر من خانة في الجزء المتعلق بالعرق من استمارة الإحصاء· ولهذا الغرض، لجأت إلى ''بينيت جيرنسبان''، وهو مدير مؤسسة ''فاميلي تري دي· إن· إي·'' -مقرها في هوستن-، الذي أخذ بدوره الحمض النووي الخاص بي وبأخي، وأجرى عددا من الاختبارات، ثم جاء إليّ بالخبر اليقين· لا نسب إلى الأميرة بوكاهونتاس، ولا إلى كليوباترا، ولا قراصنة شمال أفريقيا، أو قراصنة الكرايبي؛ فجانب الوالد ''ذكر أوروبي أبيض عادي'' -أكثر بياضا وأوروبية وأكثر إنجليزية حتى من توماس جيفرسون (الرئيس الثالث للولايات المتحدة)، الذي يكشف حمضُه النووي عن أصول شمال لبنانية والمنطقة الممتدة من تركيا إلى مصر· كان أسلافي من جهة الوالد -حسب جرينسبان- ''من أولئك الذين رسموا تلك الرسومات الجميلة على جدران الكهوف'' في كهف ''لاسكو'' في جنوب غرب فرنسا· أما من جهة الوالدة، فإن الأمر ''ليس مملا على الأقل''، مثلما واساني جرينسبان· إذ تكشف بصمة الحمض النووي النادرة عن انتقال من ليتوانيا وألمانيا إلى اسكندينافيا، ومنها ربما إلى سكوتلاندا· وهكذا، بت أعرف أخيرا· يعمل جرينسبان في مجال تحليل الحمض النووي، ويؤمن إيمانا قويا بأن الهوية إنما هي مسألة ذهنية ويصر على أن: ''العرق ليس هو الهوية''· غير أن المشكلة الأميركية تكمن في أننا جعلناه كذلك· ولذلك، فإن تغييره سيكون مهمة صعبة وشاقة· كاتب عمود، ومقدم برنامجٍ إذاعي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©