الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأرجنتين.. أهم من كوبا

12 ابريل 2016 22:59
يمثل عبور أوباما بالطائرة فوق مضيق فلوريدا في الآونة الأخيرة حدثاً مهماً. وليس المقصود هنا رحلته إلى كوبا، بل زيارته للأرجنتين. صحيح أن زيارة رئيس أميركي لكوبا لأول مرة بعد 88 عاماً وحثه مضيفيه المستبدين، وإن يكن بحذر، على احترام حقوق الإنسان والديموقراطية أمر يتعين الاحتفاء به، لكن بخلاف الشقاق الحزبي الذي مازالت تثيره كوبا في الولايات المتحدة، فإن الحرب الباردة التي دفن أوباما جثمانها رمزياً في هافانا هو خصام تجاوزه باقي العالم منذ سنوات. ورحلة أوباما إلى الأرجنتين ثرية في دلالاتها، وقد تكون أكثر أهمية لمستقبل أميركا اللاتينية. وصل أوباما إلى الأرجنتين في وقت يكافح فيه الرئيس «موريسيو ماكري» لاستعادة النمو والمصداقية بعد 13 عاماً من الحكم الشعبوي المضطرب الذي قسم المجتمع إلى جانبين وكاد أن يُفلس ثاني أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية وجعل البلاد منبوذة مالياً على مستوى العالم. وإذا كانت مهمة أوباما في كوبا هي إنهاء خلافات القرن الماضي، فإن مهمته في الأرجنتين هي استنهاض منطقة في مرحلة محورية قد تصبح فيها السياسة التي تتجاوز العقائد وتركز على النتائج هي الوضع الطبيعي الجديد لأميركا اللاتينية. والرئيس الأرجنتيني «ماكري» البالغ من العمر 57 عاماً هو رجل أعمال تحول إلى السياسة وتولى المنصب في ديسمبر الماضي، وهو براجماتي يحسب حساباته. فليس من المستغرب أن يستنفد «ماكري» الشهور الأولى في المنصب في محاولة حسم الصراعات مع المقرضين المستائين وكبار المزارعين ووسائل الإعلام الأرجنتينية التي ظلت تغذيها أسرة «كيرشنر» الحاكمة لأكثر من عقد من الزمن. والواقع أنه اثناء رئاسة أسرة كيرشنر- الزوج «نسطور كيرشنر» ثم الزوجة كريستينا- تدهورت علاقات الأرجنتين بالولايات المتحدة بشدة. ففي عام 2005 وصل الرئيس جورج بوش إلى الأرجنتين لحضور قمة للأميركتين وكان يأمل في إقناع زعماء المنطقة بإنشاء اتحاد للتجارة الحرة في نصف الكرة الغربي فيما عرف في أميركا اللاتينية بحروفه الأولى وهو «الكا». لكن الرئيس الأرجنتيني في ذاك الوقت «نسطور كيرشنر» جمع الزعيم اليساري البرازيلي «لويس إيناسيو لولا دي سيلفا» والزعيم الفنزويلي «هوجو شافيز» قائد «الثورة البوليفارية» لوأد المبادرة التي رأوا فيها حصان طروادة الذي يخفي بداخله تدخل الرجل الأبيض في شؤون بلادهم وهتف شافيز أمام الحشود في الأرجنتين قائلاً: «الكا الكا الكا إلى الجحيم». ولم يضر هذا الموقف الصدامي بأميركا اللاتينية في العقد الماضي، حين كان تصاعد الطلب على الحبوب واللحوم والنفط والغاز يدعم النمو ويخلق الوظائف، ويملأ خزائن الحكومة بعائدات الضرائب والعملة الصعبة، لكن غطرسة الأرجنتين استمرت حتى بعد انتهاء العائدات الوافرة من البضائع الأولية لتدخل الحكومة في معركة طويلة الأمد بشأن التأخر في سداد التزامات قروض مستحقة الدفع منذ عام 2001 وهو صراع نفر المستثمرين وربط البلاد بالمحاكم الدولية منذ ذاك الحين. وليس لدى أوباما نفوذ ليستدعي المستثمرين أو يعيد فجأة ثقة المقرضين الدوليين في الأرجنتين، فقد انتهى العصر الذي كانت تستطيع فيه واشنطن حث البنوك المركزية حول العالم على انتشال الدائنين المتعثرين كما فعلت في أزمة ديون أميركا اللاتينية في الثمانينيات. ما يستطيع أوباما فعله هو التواصل مع زعيم يحاول التغيير، ويعتقد شيفتر من مركز الحوار بين الأميركيين أن «أوباما يبعث برسالة مفادها أن الولايات المتحدة تعترف بإطار عمل السياسة الأرجنتينية الجديدة وتريد إصلاحات براجماتية لتحقيق النجاح». وبالنسبة لمنطقة تستسلم للشخصيات الكاريزمية والاستبدادية فهذه أنباء جيدة حقاً. * محلل سياسي أميركي مقيم في ريو دي جانيرو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»=
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©