الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قطاع السيارات في القارة الأوروبية يسلك المسار البطيء

قطاع السيارات في القارة الأوروبية يسلك المسار البطيء
12 فبراير 2012
بعد أن استجمعت أزمة الديون السيادية في أوروبا قواها في الصيف الماضي، نشر قطاع السيارات أرقاما مثيرة للقلق. فقد شهدت شركة “سيتروين – بيجو” ثانية كبرى شركات القارة بعد “فولكس فاجن”، تراجعا كبيرا في مبيعاتها خاصة موديل “بيجو 207”. ضحايا الأزمة وانتعش طلب السيارات خلال 2009 و2010، عندما طرحت فرنسا ودول أوروبية أخرى برنامج “السيارات القديمة مقابل النقد” لدعم القطاع الذي تعرض لأضرار كبيرة في أعقاب الأزمة المصرفية. وحثت هذه البرامج المشترين على استبدال سياراتهم القديمة بموديلات أصغر حجماً وأقل تكلفة، مما قاد إلى زيادة الإنتاج في المصانع لموديلات مثل “بولو” من فولكس فاجن و”فيستا” و”فيات 500” من “فورد موتورز”. لكن، وبتوقف هذه البرامج أصبحت “بيجو 207” واحدة من أقدم الموديلات في قطاع يتميز بمنافسة شرسة. ويمارس عملاء “بيجو” ضغوطاً كبيرة عليها من أجل الحصول على المزيد من التخفيضات حتى تتساوى مع أسعار شركات صناعة السيارات الأخرى. وعند ذلك الحين، اختفت ثقة المستهلك في أكبر أربعة أسواق للشركة في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا. وكرد فعل على ذلك، قامت الشركة بتقليل أيام الإنتاج في أربعة مصانع لإنتاج موديل “207” في سلوفاكيا وفرنسا وإسبانيا. كما سرحت في أكتوبر الماضي نحو 6,000 موظف لتحقيق خفض في التكاليف بنحو 800 مليون يورو. ويُذكر أن “بيجو ـ سيتروين” هي من أول ضحايا أزمة “منطقة اليورو” في قطاع صناعة السيارات. ومع ذلك، فإن تحذير تراجع الأرباح يدل على قدوم سنة فيها الكثير من المعاناة لقطاع القارة ككل. وأعلنت “فورد” مؤخراً عن خسارة في الربع الأخير بلغت نحو 190 مليون دولار في أوروبا، بينما حققت “فيات” عائدات أكثر في العام الماضي عموماً وفي الربع الأخير منه على وجه الخصوص، مدفوعة بمبيعات “كرايسلر” في أميركا ومبيعاتها في البرازيل، في وقت بلغت فيه خسارتها في أوروبا لسنة 2011 نحو 500 مليون يورو. كما أن من المتوقع أن تعلن “رينو” الفرنسية و”أوبل” الأوروبية التابعة لشركة “جنرال موتورز”، عن تراجع في أرباح الربع الأخير من العام الماضي. وما فاقم من مشاكل القطاع، الكساد الذي ساد سوق السيارات الأوروبية بنسبة تراجع في المبيعات السنوية بلغت 6% في ديسمبر الماضي والمزيد من التراجع في السنة الحالية. لكن يكمن جوهر المشكلة في قضايا فائض الإنتاج التي تشل حركة القطاع الذي يخضع على الدوام لرقابة دقيقة من قبل المسؤولين وعامة الشعب على حد سواء. رجل القطاع المريض ويصف المحللون أوروبا بمثابة “رجل القطاع المريض”، الصفة التي كانت تتميز بها شركات ديترويت الثلاث حتى وقت قريب والتي خضعت لعمليات إعادة هيكلة مكثفة إبان الأزمة. ويحذر مديرو القطاع، الذي يوظف أكثر من 2 مليون أوروبي، ويضم كبرى شركات التصدير في المنطقة، من ركود عميق خلال الأشهر المقبلة. وبارتفاع معدل البطالة إلى أرقام قياسية في “منطقة اليورو”، تتعرض للمخاطر أكثر الوظائف طلباً في قطاع كان يوفرها في الماضي. ويشير سيرجيو مارشيوني، المدير التنفيذي لـ “فيات” إلى إمكانية تأثير أزمة “منطقة اليورو” على شركته والتي يتعرض لها الاقتصاد الإيطالي المتعثر وبعملها في صناعة السيارات الصغيرة. ويُذكر أن قطاع السيارات الأوروبي لم يعمل على معالجة مشاكله خلال الأزمة المالية، في حين قامت الشركات الأميركية بإغلاق عشرات المصانع في الفترة ما بين 2006 و2009، حيث تملك الآن عمليات ضعيفة تقوم بتزويد سوق تشهد انتعاشاً ملحوظاً. وبينما تساعد زيادة الطلب مصانع السيارات على رفع معدل الإنتاج، تعاني نظيراتها في أوروبا من الفائض الذي يغمر الأسواق. ونظراً للضغوطات السياسية والاتحادات، لا تزال العديد من المصانع عالية التكلفة مفتوحة في بلدانها الرئيسية، في وقت هاجرت فيه الأرباح والنمو إلى الخارج. والأسوأ من ذلك، ربما تسببت مليارات اليورو التي قدمتها أوروبا خلال عامي 2009 و2010 التي تتضمن برامج مثل “السيارات القديمة مقابل النقد”، ومبلغ 6 مليارات يورو وفرتها فرنسا بغرض إنقاذ “شركتي “بيجو ـ سيتروين” و”رينو”، في تأخير عمليات إعادة الهيكلة التي يبدو القطاع في أشد الحاجة إليها. وعندما أمرت وزارة الخزانة الأميركية “جنرال موتورز” و”كرايسلر” بإعلان إفلاسهما، قصدت بذلك وضعهما خطط أعمال تجارية مضادة للأزمات وتقليص حجم العمليات. وفي المقابل، أخطرت باريس كلا من “بيجو ـ سيتروين” و”رينو” بإبقاء مصانعهما مفتوحة كثمن لمقابل قروض الطوارئ. وفي حين تم إغلاق عشرات المصانع في أميركا، لم تقم أوروبا إلا بإغلاق مصنعين فقط منذ 2008، أحدهما لشركة “أوبل” في أنتويرب والآخر في سيسلي تابع لشركة “فيات”. ويبدو أن برامج الإنقاذ التي قدمتها الحكومات والتي استمرت لمدة ثلاث سنوات كعلاج سريع غير مستدام، تساعد الشركات أيضاً على الصمود في وجه تراجع الطلب وتحفز المستهلك على الشراء من خلال عرض تخفيضات كبيرة خاصة على السيارات الصغيرة. مبيعات الأسواق الناشئة وترى مؤسسة “أل أم سي” العاملة في استشارات السيارات، أن لقطاع السيارات الأوروبي المقدرة على إنتاج 10 ملايين سيارة سنوياً فوق حاجة السوق. وبالتوقعات التي تشير إلى ركود اقتصادي حاد في القارة، من المنتظر أن يرتفع هذا الفائض، ما ينتج عنه تأجيل بعض العمليات الاستثمارية في القطاع. ومن المؤكد أن شركات صناعة السيارات الأوروبية تشعر بنوع من الراحة في الأسواق الناشئة، لكن وبفقدان هذه الشركات العائدات الخارجية، فإن معظمها والتي يعتمد نموها على الموديلات الفاخرة عدا “فولكس فاجن” تقريباً، تجني أرباحاً ضعيفة جداً أو ربما تتعرض للخسارة. كما يمكن أن تؤدي هذه الخسارة في أي قطاع من القطاعات الأخرى إلى الترشيد أو بعض الفشل التجاري. لكن ينظر السياسيون وحاملو الأسهم لقطاع السيارات في أوروبا مع فوائده على المدى القريب وضرره على المدى البعيد، كحالة خاصة ومصدر لتوفير الوظائف. وتحت إدارة فيليب فارين، المدير التنفيذي لـ “بيجو - سيتروين”، أدركت الشركة ضرورة التنوع بالابتعاد عن السيارات الصغيرة وطرق أسواق جديدة غير غرب أوروبا، حيث طرحت موديلات أكثر فخامة مثل “بيجو آر سي زد” وفئات جديدة من “سيتروين دي أس” التي تخطط لإنتاجها في الصين. وحققت الشركة مبيعات قدرها 42% خارج أوروبا في العام الماضي، بزيادة عن 2010 بلغت 39%. ويقول فيليب، “ليس من الغرابة في شيء توظيف نحو 1,500 شخص في ساوباولو بغرض إنتاج موديلات بمزايا محددة تتماشى وطبيعة البرازيل”. كما أكد أن الشركة تنتج في باريس ضعف ما تنتجه في البرازيل. ونظراً إلى أن إغلاق المصانع في فرنسا محرم سياسياً، اتجهت “بيجو” إلى صناعة موديلات فاخرة مثل “دي أس”، وتقليل عملياتها في المصانع ذات النشاط البطيء. وبالمثل، بينما تستثمر “رينو” في بلدان تتميز بقلة التكلفة مثل المغرب، كثفت جهودها في إنتاج الموديلات الفاخرة مثل السيارات الكهربائية في باريس. وفي ظل توجه معظم الشركات الأوروبية نحو صناعة السيارات الصغيرة ومعاناة سوق السيارات الأوروبية من التخمة، لا تفتقر هذه السوق للسيارات الصغيرة الجيدة. ويرى المحللون أنه وعلى الرغم من تأكيدات فارين، ينبغي للشركة تقليص عملياتها في القارة والاتجاه باستثماراتها للخارج. ويقول ستيفين ريتمان، المحلل لدى “سوسيتيه جنرال”: “لا محالة أن “بيجو” مقبلة على تقليص عملياتها في فرنسا كما سبقتها إلى ذلك “رينو” والاعتماد على بلدان أقل تكلفة”. الموديلات الفاخرة تنقذ القطاع بينما قللت مصانع إنتاج السيارات في أوروبا وأميركا من أيام الإنتاج، تعمل منافساتها الألمانية بطاقتها القصوى. وحققت كل من “بي أم دبليو” و”ميرسيدس بنز” و”بورش” و”أودي” مبيعات قياسية في الأسواق الناشئة في 2011. وعلى العكس من “بيجو” و”رينو” و”جنرال موتورز” أو “فورد” التي تسعى لإنتاج موديلات معينة تناسب المستهلك في آسيا وأميركا الجنوبية بتكلفة قليلة من خلال صناعتها في تلك البلدان، تتم صناعة معظم الموديلات الألمانية الفاخرة في أوروبا. ومن السهل صناعة هذه الموديلات في أي مكان ومن ثم تصديرها باعتبارها منتجات عالمية. كما تسجل أرباحا عالية لا تتأثر بتكاليف الشحن والرسوم الجمركية. وتفضل الموديلات الأربع الكبيرة الصناعة المحلية نظراً لإنفاقها المليارات على التقنيات الجديدة والحساسة، مثل ألياف الكربون الخفيفة. ويزيد الطلب على السيارات الفاخرة عالية الثمن، حيث تسجل فئة “بي أم دبليو 7” و”ميرسيدس S”، مبيعات قياسية في الصين التي تمثل أكبر أسواقها في الوقت الحالي. وتسجل موديلات فاخرة مثل “أودي Q5” و”بورش كايينا” مبيعات قياسية في كل مكان. كما تستفيد شركات صناعة السيارات الفاخرة من قوة السوق الألمانية، بوصفها الوحيدة من بين أسواق أوروبا التي لا تزال تشهد ارتفاعا في مبيعاتها. لكن وككل القطاعات الأخرى، عانت بعض الموديلات الفاخرة في قطاع السيارات مثل “ميرسيدس” و”بي أم دبليو” و”أودي” في بداية الأزمة المالية. وحذر المحللون من اعتماد ألمانيا المستمر على الصين خاصة في حالة تراجع طلبها. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©