الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله المهيري: الدرجات العالية ليست كافية وحدها للدراسة في الخارج

عبدالله المهيري: الدرجات العالية ليست كافية وحدها للدراسة في الخارج
11 فبراير 2011 22:15
لا يخلو الحديث مع الطالب المبتعث عبدالله عبدالرحمن المهيري من الابتسام، فهو شاب خفيف الظل، ينقل الأحداث التي واجهها في غربته بطريقة فكاهية تبعث على الضحك، روحه المرحة التي ساعدته كثيراً في التغلب على الصعوبات والعراقيل التي واجهها في غربته. (دبي) - وحيداً ولأول مرة يسافر فيها، حمل الطالب المبتعث عبدالله عبدالرحمن محمد بوشاهين المهيري، والبالغ من العمر 22 عاماً، حقيبة سفره ليغادر من مطار دبي متوجهاً إلى استراليا لبداية حياة دراسية جديدة مختلفة كلياً عما اعتاد عليه في المدارس، وعلى عكس غيره كان متحمساً يدفعه طموح لا يحده شعور بالغربة أو البقاء وحيداً مندفعاً تشد من أزره نصائح والده وتشجيع والدته، مع علمه بأن الشوق سيأخذ منه نصيباً وسيسكن وجدانه ولكن البدء في حياة جديدة، وهذا التحدي كان يدفعه على النجاح ويقول: عند حضوري للمطار انتابتني مشاعر عديدة ولكن الحماس لبدء حياتي الجديدة وحيداً كان سيد الموقف، وخاصة أن الأهل الله يحفظهم ساعدوني وشحذوا همتي بتشجيعهم، حتى الوالدة كانت تقول لي: لا ترجع إلا ومعك الشهادة، وهذا يعتبر من اكثر الدوافع لي للنجاح” أحب الغربة: يدرس المهيري حالياً في ملبورن باستراليا في جامعة “سوين برن” العريقة التي تأسست عام 1908م، وهو الآن في السنة الثانية تخصص “ادارة موارد بشرية”، مع أنه كان يحلم بدراسة هندسة تصميم المباني، ولكن لصعوبة المقرر فقد عدل عنه واختار “الموارد البشرية” بعد نصح بعض الأصدقاء له. وقد اختار المهيري الشاب الدراسة في الخارج منذ كان على مقاعد الثانوية، ويقول: “إن السفر للخارج للدراسة كان في بالي قبل التخرج بكثير، وشجعني الوالد، خاصة انه اعتاد الدراسة منذ صغره في الخارج حيث درس هندسة الطائرات في مصر ومن ثم فرنسا، وعند عمله في الاتصالات تم إرساله للتخصص في هندسة الاتصالات في ألمانيا، ورأيت أن الدراسة في الخارج لا تختلف من حيث الدراسة فقط بل تعطيك “كورس” في الحياة والتعامل مع الناس و الاعتماد على النفس”. جهل بالقوانين لم يواجه المهيري الشاب أية معوقات قبل السفر ولكن العقبات التي واجهته بعد الوصول كانت ليست بالقليلة من وجهة نظره، فقد انتقل من اسلوب حياة إلى اخرى من دون تهيئته لذلك التغيير والذي يعتبر جذريا على حد تعبيره، ويطالب المهيري بتهيئة الطلاب المبتعثين قبل السفر واجراء مقابلات معهم وأن لا تغتر لجنة الابتعاث بعلامات الطلاب، يقول المهيري: “عند وصولي للجامعة اكتشفت أني ومعظم الطلاب في الخارج ليس لدينا أدنى فكرة عن عن النظام التدريسي، الوضع يختلف تماماً عن المدرسة، ولم يتم تجهيزنا لهذه المرحلة الانتقالية الكبيرة، مما شكل صدمة لنا في البداية” واقترح المهيري على الجهات المختصة مقابلة المبتعثين وقياس نبضهم لمدى تحملهم للغربة واطلاعهم مثلا على القوانين في الدولة المبتعث إليها وكيفية التأقلم. ويؤكد عبدالله أنه تغلب على كل هذه المعوقات بفضل من الله تعالى، كما أن بعض أصحابه الإماراتيين الذي قابلهم في المدينة ساعدوه كثيراً في التغلب على معظم الصعوبات ويقول: “عندنا مثل في الامارات يقول “ربعً تعاونو ما ذلو” والحمدلله الذي سخر لي بعض الشباب الطيبين والذين لم يقصروا معي، ساعدوني بقدر استطاعتهم ولولاهم لكنت هدرت الكثير من الوقت والجهد”. عندما قرر الطالب المهيري الدراسة في الخارج، عقد العزم ان تكون الجامعة عريقة وتعتمد على التكنولوجيا في الدراسة لمواكبة التطور المعاصر، يقول عبدالله “قبل البحث عن الجامعة كانت لي متطلبات ومعايير أهمها ان تكون الجامعة عريقة، وبما أني من مؤيدي التدريس الحديث، فقد بحثت عن جامعة تعتمد التكنولوجيا في مقرراتها، وانا حقيقة من مؤيدي هذا النظام في التدريس”. أول يوم جامعي وعند وصوله إلى أستراليا، أول ماتفاجأ به المهيري الشاب هو العائلة التي سيقيم عندها، كانوا عبارة عن أشخاص كبار السن ووجد منهم جفاء في التعامل مما حمله على اتخاذ القرار أن يغادرهم في أقرب فرصة، الأمر الذي جعله يغير سكنه بعد أسبوع على الأكثر.ويتذكر اول موقف مضحك ومؤلم عندما دخل عليه مالك المنزل وعمره حوالي الستون عاماً ليقول له باقتضاب بأن عليه أن يكون جاهزاً كي يستقل باص المواصلات العامة الذي سيأخذه إلى الجامعة بعد ربع ساعة، ولكن المهيري تأخر عن الباص ولا يعرف أين يتجه، فقرر أن يأخذ جولة للتعرف على المكان، ومشى لأكثر من ساعتين، وعندما أدركه التعب اراد أن يركب الباص وكان لايعرف شيئاً عن الانظمة المتبعة، يقول ضاحكاً: “حاولت دفع اجرة الباص للسائق الذي بدا كالمجنون يرجوني أن أخبأ قطعة 100 دولار أخرجتها وقال سأوصلك مجاناً ولكن لاتظهر نقودك هنا، استخدم البطاقة في المرات القادمة، وهذا ما اقصد به أن يتم تهيئتنا قبل السفر من قبل الجهات المختصة، لأننا سنستهلك الوقت والجهد كثيرا في معرفة أمور قد توفر علينا الكثير لو كان لنا بها علم”. وصدقت توقعات الطالب المهيري في مهنية الجامعة من خلال طريقة التعامل، حيث أخذوه في جولة تعريفية في كافة أنحاء الحرم الجامعي، وهناك تعرف على ثلاث شباب اماراتيين من منطقة الجميرا الذين يعتبرهم اخوة حقيقيين لما قدموا له من مساعدات كان بأمس الحاجة إليها وهو الطالب الجديد، الذي بالكاد يستطيع تلمس طريق العودة للمنزل، يقول عبدالله: “تعرفت على ثلاثة شباب من ثاني يوم، والفضل يرجع لهم بعد الله تعالى في تسهيل الكثير من الإجراءات، وهم من أقنعوني بدراسة الموارد البشرية، لأني كنت متردداً، وهذا اتعبني، لذلك أنصح جميع المبتعثين باتخاذ القرار المناسب في دراسة التخصص قبل السفر”. بما أن عبدالله كان يدرس في مدرسة تعتمد اللغة الانجليزية في منهاجها وطريقة التدريس فلم يواجه أية صعوبات في اللغة ولكن كان يعاني بعض الشيء من اللهجة الاسترالية التي اعتاد عليها حالياً، ويبدأ يومه الدراسي بمزاج عال يقول: “ابدأ يومي بالتوكل على الله تعالى، ثم اخرج متوجها للجامعة ومعي كوب “سكني لاتية” للمزاج، عندما ننهي المحاضرات المقررة نتجمع مع بقية الطلاب في ساحة الجامعة لبعض الوقت ومن ثم يتوجه كل إلى وجهته”. دنيا ودين ويحتفل المهيري بالأعياد الدينية والمناسبات الوطنية في المدينة التي يقطن ويدرس بها، كما يمارس بها واجباته وفروضه الدينية مع أصحابه، يقول: “يوجد لدينا مسجد في الجامعة ومسجد في المدينة والمساجد متوفرة ولله الحمد، ونلبس الكنادير في الأعياد، ونتجمع في ساحة كبيرة مع جميع المسلمين في ملبورن لتأدية صلاة العيد، كما نجتمع في بيوت بعض الأخوة لنطبخ بعض الأكلات الشعبية ولم أتذوق أطيب من طبخ اخي وصديقي حميد علي جميرا السويدي” أنشأ المهيري مجموعة تفاعلية على الفيس بوك وأطلق عليها اسم “مجلس طلبة الامارات”، لم يجد التشجيع في البداية وذلك لعدم استقرار الرأي على من سيتولى هذه المسؤولية ولكنه أنشأ المجموعة التي سرعان ما لا قت الترحيب من الجميع، ويعاني الطلبة الاماراتيون في الخارج كما يقول المهيري من الشللية التي لاتساعد على التئامهم مع بعضهم البعض، حيث إنه يقدر عدد الطلبة الاماراتيين في المدينة التي يدرس بها حوالي 300 طالب اماراتي ولكنهم لا يعرفون بعضهم، كما انه يشير إلى أن بعض التقصير في وجود مبادرات لتجميع الطلاب للتعارف على بعضهم البعض، مع العلم بأن الملحقية لا تقصر في ذلك ويتمنى ان تكون الجهود اكثر في التعارف واللقاء في المستقبل، يقول المهيري: “نعاني من بعض الشللية فيما بين الطلبة، وهذا قد يؤثر على لقاءاتنا، ولكن هناك مساعد السفير الأخ طارق العريدي، تحسبه طالب أكثر منا، لاهتمامه بنا وتواجده الدوري مع الطلبة في جميع المناطق، حتى انه حضر مشروع تخرج لأحد الطلبة وتفاجأنا بوجود علي ناصر النعيمي سفير الدولة لدى استراليا لحضور المشروع مما ساهم كثيراً في تعزيز الثقة في نفوسنا”. السفارة هي الملجأ يلجأ المهيري مع أصدقائه الطلبة الإماراتيين للسفارة في حال حصول اي مشكلة بعد استنفاذ الطرق المتبعة، ويتذكر المهيري حادثة واحدة حصلت معهم تعكس عنصرية بعض النفوس المريضة، عندما استهزأت احدى المدرسات في الجامعة بالقرآن الكريم، ويشرح المهيري: “أبلغنا ادارة الجامعة من خلال شكوى جماعية، ولم يأخذوا الأمر على محمل الجد، مما حملنا الى التوجه للسفارة التي تدخلت نصرة لمشاعرنا نحن المسلمين وخاصة بان الموضوع تعدى الحالة الشخصية، فكان ان وقعت هذه المدرسة تعهدا بعدم تكرار ذلك”. الإمارات أولاً عانى المهيري مثل بقية أقرانه من الطلاب المبتعثين من مشكلة الطقس غير المستقر في مدينة ملبورن الاسترالية، يقول: “يجب عليك التأقلم مع الطقس وخاصة انه يوجد مثل عن الأجواء يقول “ان لم يعجبك الجو في ملبورن فانتظر دقيقة” لنعيش الفصول الاربعة في نفس اليوم والله المستعان”، وعند المقارنة بين المدينة التي يعيش بها وبين دولة الامارات، فإنه يؤكد على الرفاهية التي تميز دولة الامارات والخدمات التي لا تقارن بها اي دولة أخرى، ولكن شده نظام المواصلات العامة في استراليا. ويزور المهيري عائلته التي يفتقدها من حين لآخر وبمعدل مرتين إلى ثلاث مرات سنوياً، مع العلم أنه سيقرأ هذا الحوار في دولة الامارات لأنه متواجد الآن بدبي في إحدى زياراته للوطن وللأهل، يقول المهيري “مهما كان الطموح والاندفاع لحياة وآفاق جديدة، لكن دائما يشدك الحنين للوطن والاهل، لذلك أحرص على زيارتهم من مرتين لثلاث مرات في السنة”. يطمح المهيري بعد التخرج أن يتابع دراسته للحصول على الماجستير من الولايات المتحدة، ولأنه يهوى السيارات فإنه سيعمل على الانضمام لأحد المعاهد التدريبية للاطلاع على ميكانيك السيارات الرياضية، ولكن سيكون ذلك بعد حصوله على وظيفة جيدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©