الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وميركل.. وسياسة النفَس الطويل!

9 فبراير 2015 22:47
التحق الرئيس أوباما بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في التأكيد على أن الغرب يجب أن يتبع نهجاً صبوراً طويل الأمد في التعامل مع موقف روسيا تجاه الأزمة الأوكرانية. وهذا ينقل رسالة لكييف مفادها أن: عليكم الاعتماد على أنفسكم في قتال المتمردين المؤيدين لروسيا. وفي مقابلة مع فريد زكريا يوم الأحد الماضي في «سي. إن. إن» أشار أوباما إلى «أنه مع الأخذ في الاعتبار حجم الجيش الروسي وحقيقة أن أوكرانيا ليست بلداً في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فهناك قيود واضحة فيما يتعلق بما نفعله عسكرياً». وكلام أوباما يردد تصريحات لميركل التي ذكرت في نوفمبر الماضي أن السلاح الوحيد الذي يستطيع الغرب استخدامه للضغط على موسكو هو قوّته الاقتصادية وهو ما لن يؤتي أوكله إلا على المدى الطويل. وكانت ميركل قد ذكرت أنه «يجب على المرء ألا يفقد الأمل سريعاً... فقد سمعنا على مدار أربعين عاماً الإذاعات تتحدث عن الانهيار الوشيك لألمانيا الشرقية... وبعد أربعين عاماً عندما فقد الجميع الأمل، حدث هذا الأمر». ورفض الزعيمان دعوات من أوكرانيا ومن مجموعة من السياسيين الأميركيين المتقاعدين مؤداها أن يقدم الغرب الأسلحة لأوكرانيا التي تخوض الآن إحدى أشرس المعارك منذ بدء الصراع في المنطقة الشرقية من البلاد. وأكدت ميركل أن ألمانيا لن تسلح أوكرانيا حتى لو غيرت الولايات المتحدة رأيها. ويرى أوباما أن كل ما بقي للولايات المتحدة هو ممارسة المزيد من الضغط على روسيا ودعم جهود إصلاح أوكرانيا وحماية الحلفاء الأوروبيين. وأوباما «ليس متفائلًا كثيراً» بأن يغير بوتين اتجاهه لأن موقف الزعيم الروسي يدعم فيما يبدو شعبيته في الداخل. ويعتقد أوباما أن بوتين «ربما يغير رأيه مع مرور الزمن». وإذن، يتفق أكثر زعيمين غربيين نفوذاً، فيما يبدو، على ضرورة الجلوس على ضفة النهر وانتظار رؤية حل طافٍ على مجرى المياه، إذا أردنا تعبيراً مجازياً. والغرب مهتم باحتواء روسيا ودعم دول مثل لاتفيا وإستونيا العضوين في «الناتو» واللتين توجد فيهما أقليتان روسيتان كبيرتان. ولكن هذا الغرب قد لا يرى إلحاحاً في مساعدة أوكرانيا. وفي الوقت نفسه يتدهور الوضع في أوكرانيا. وفي الأيام الأربعة الماضية حاول الانفصاليون المدعومون من روسيا محاصرة نحو سبعة آلاف جندي أوكراني حول منطقة «ديبالتسيفو» التي تتقاطع فيها قطارات السكة الحديدية. وقد تخلى الجيش الأوكراني عن عدد قليل من المواقع الصغيرة ولكنه احتفظ بـ«ديبالتسيفو» وبطريق للخروج في حالة احتدام محتمل للقتال. وهذا قد يتغير في أي لحظة، إذا جرى تصعيد أكبر. فقد سحق هجوم في الصيف الماضي المقاومة الأوكرانية بالقرب من «إلوفايسك» وأجبر «كييف» على قبول اتفاق سلام. وحتى لو وصلت المساعدات المالية الغربية في الوقت المناسب لتحول دون نفاد الاحتياطي المالي في أوكرانيا، فلن يحسم الوضع العسكري إلا أوكرانيا نفسها. ومهما يحدث في شرق البلاد أو الخطوط الحمراء الجديدة التي ينتهكها المتمردون هناك، فقد نأى الغرب بنفسه عما يحدث متذرعاً بأن أوكرانيا ليست عضواً في «الناتو». وقد كتب «ألكسندر كيرش» مستشار رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسنيوك، يوم الاثنين الماضي، على موقع «إنفوريزيست دوت أورج» على الإنترنت: «هُجرنا ببساطة وتركنا دون حماية موعودة». واتهم «كيرش» زعماء الغرب بأنهم «فاشلون وبلا عقل» وبأنهم قد تخلوا عن أوكرانيا ومعها كل أوروبا. وأضاف بمرارة: «المتحضرون يرتكبون أخطاء أيضاً... عقولهم تطمس عليها شحوم التخمة والشرَه». ويمكن تفهم المرارة لدى من يقاتلون في شرق أوكرانيا لأنهم لا يرون الخطاب الغربي الداعم يتحول إلى أسلحة وتعزيزات. ومن المؤكد أنهم لا يهتمون بسماع قصص عن التأثير المحتمل للضغط الاقتصادي ذات يوم على موسكو. ويرجح المنتقدون أن تؤدي استراتيجية النفَس الطويل لميركل وأوباما إلى رد فعل عكسي مناهض للغرب في أوكرانيا. وإذا لم تكن الولايات المتحدة وأوروبا مستعدتين لتقديم دعم حاسم لمعركة أوكرانيا فيجب عليهما أن تعملا بجد أكبر للتوصل إلى حل تفاوضي يجمع بين «كييف» وموسكو. وإلا فإن العالم الغربي قد يخسر أوكرانيا بشكل نهائي. ليونيد بيرشيدسكي * * كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©