الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين ونذر حرب العملات!

9 فبراير 2015 22:49
اقتحمت الصين الحلبة المضطربة لأسواق المال العالمية عندما فاجأ بنكها المركزي المستثمرين بقرار اقتطاع 50 نقطة أساس من الأصول المالية الثابتة للخزينة العمومية من أجل تحفيز الإقراض ومكافحة «التقلّص» deflation، المعاكس في مفهومه للتضخم الذي تعاني منه الصين. إلا أن بكين تحضّر نفسها، على ما يبدو، لخوض صراع أبعد مدى وأكثر شراسة في تلك الأسواق. ويكتسي تخفيض المبالغ النقدية السائلة التي تحتاج البنوك الصينية لتخزينها جانباً بنسبة 19,5 في المئة، وهو ما يعنيه القرار الذي اتخذته بكين، دلالة مهمة ويهدف إلى الإيحاء للمؤسسات المالية العالمية بأن الصين لا تهاب حالة الفزع التي تنتاب الأسواق، بل إنها تلتزم المواقف التي تسمح لها بالتحكم باللعبة، وبأنها قادرة على ضمان استقرار الأسواق العالمية ومصالح المطوّرين العقاريين المحليين. كما أن هذا الإجراء يمثل نقطة انعطاف في مجال التغلب على الأزمات المالية الداخلية. وذلك لأن من المحتمل جداً أن تفقد الصين القدرة الذاتية على التحكم بسياساتها المالية التي تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي. فإذا ما تداعت الظروف والأحوال المالية العالمية إلى ما هو أسوأ، فإن معدل الفائدة السنوية على الإقراض في الصين والذي يبلغ الآن 5,6 في المئة، سيهبط إلى الصفر. ومن المهم الإشارة إلى أن بكين تخطط لزيادة قوة تأثيرها على الأسواق المالية العالمية. ويعمل البنك المركزي الصيني على ابتداع معايير وأساليب جديدة من أجل توسيع هوامش تأثيره على تجارة العملات. ويقول أصحاب القرار في بنك الشعب الصيني «البنك المركزي»، إنهم يعملون على وضع حدّ لعدم الاستقرار المالي بسبب حركة الدخول والخروج السريعة لرؤوس الأموال الاستثمارية. ودعونا نسمي الأشياء بأسمائها لنقول: إنها الخطوة الأولى للصين في الطريق إلى تخفيض قيمة صرف «اليوان» وإطلاق حرب العملات. وفيما ترزح الصين تحت وطأة أدنى معدل نمو تشهده منذ 24 عاماً، بات الرئيس «زي جينبينج» تحت ضغط كبير للعمل على تحفيز الاقتصاد. ويمكن لتلك الإجراءات أن تتعارض مع وعود سبق له أن قطعها بأنه سيعالج مشكلة الإقراض والاقتراض بشكل جذري، وخاصة بعد أن ارتفعت القيمة الإجمالية للديون المترتبة على الدولة بنسبة كبيرة جداً. فهل هناك طريقة أفضل من تخفيض سعر صرف العملة المحلية لإعادة النمو إلى السكّة من دون إغراق الصين بالمزيد من «الفقاعات»؟ والقيمة المنخفضة لـ«اليوان» ستزيد من الصادرات وتعطي الرئيس الصيني المزيد من الوقت للعمل على إعادة تدوير محركات النمو بعيداً عن مشاكل الاقتراض المبالغ فيه. والسؤال المطروح في هذه الحالة: هل ستظل بقية دول العالم مكتوفة الأيدي أمام تخفيض سعر صرف «اليوان»؟ لاشك أن أي انخفاض في سعر صرفه سيدفع اليابان إلى إطلاق حرب مالية نوعية خاطفة للحفاظ على مستوى صادراتها. والشيء ذاته ينطبق على كوريا الجنوبية التي تعاني هي أيضاً أشد المعاناة من هذه المشكلة. وقد وجدت سنغافورة نفسها مجبرة على التحرك السريع لتخفيض قيمة عملتها المحلية «الدولار السنغافوري». وقبل وقت طويل، تعالت أصوات أصحاب القرار المالي في كل من بانكوك وهانوي وجاكارتا ومانيلا وحتى في أميركا اللاتينية، للمطالبة بإجراء سريع وفعال للحفاظ على القدرة التنافسية لاقتصاداتها. وربما تشعر الصين الآن بضرورة الإسراع في تنفيذ برنامجها عندما تنظر بإمعان إلى ما يحدث حولها في منطقة آسيا- المحيط الهادي. ففي 3 فبراير، فاجأت أستراليا الأسواق بقرار تخفيض سعر الفائدة بـ25 نقطة أساس. وقد وصفت المحللة المالية «كريستي تان» الخبيرة في بنك أستراليا الوطني هذا القرار بأنه «يمثل خطوة استباقية ترمي إلى اتخاذ الحيطة والحذر من حرب عملات وشيكة». وبالنسبة للصين، تمثل اليابان الهدف الأول من المخطط الجديد. ويمكن لاقتراح رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» بتخفيض قيمة «الين» الياباني بنحو 30 في المئة أن يصيب الاقتصاد الصيني بضرر كبير. وستكون كل من «تويوتا» و«سوني» من بين شركات يابانية كثيرة ستحقق الفوائد القصوى من هذا التخفيض لأنها ستتمتع بزيادة معتبرة في معدل مشاركتها في الأسواق العالمية. وقد أعلنت الشركتان المذكورتان بالفعل عن خطط فعالة لزيادة عوائدهما. ويليام بيسيك * محلل اقتصادي أميركي متخصص في الشؤون الآسيوية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©