الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا... وإعادة اكتشاف تكنيك الدبلوماسية !

أميركا... وإعادة اكتشاف تكنيك الدبلوماسية !
15 أكتوبر 2007 23:00
لقد أدهش ''كريستوفر هيل''، مساعد وزير الخارجية الأميركية الصحفيين عندما أعلن فجأة عن موافقة كوريا الشمالية إبطال العمل في منشآتها النووية، وقد عزا ''هيل'' تلك الطفرة الكبيرة التي تحققت في مسار المحادثات مع ''بيونج يانج''، إلى كشف المسؤولين الأميركيين مؤخراً عن سحر الدبلوماسية الناجعة، وهو ما لم يكن معروفاً لديهم من قبل· وقال ''هيل'' بلغة مترعة بالزهو بهذا الاكتشاف السحري الجديد، موضحاً ما حدث بقوله: هذا أمر جديد علينا بحق، ولن أتظاهر أو أخفي عنكم دهشتي بأن فعالية تكنيك الدبلوماسية هذا قد بدا لي غريباً كل الغرابة حينها، غير أنه أتى ثماره على أحسن ما يكون حتى هذه اللحظة· وفي بيان مكتوب، انبرت وزيرة الخارجية ''كوندوليزا رايس'' لشرح ما جاء في إعلان ''هيل'' هذا بقولها: ''إن هذه للحظة مثيرة للغاية في تاريخ العلاقات الخارجية الأميركية، والآن وقد اكتشفنا هذه الطريقة الدبلوماسية المبتكرة، فلم تعد بلادنا بحاجة للاعتماد الكلي على تلك العلاقات التقليدية مع الدول الأجنبية مثل تبادل المشادات الكلامية والسخرية وصولاً إلى العمل العسكري''· غير أنه ليس من السهل القول إن الجميع يقبل فكرة جدة العمل الدبلوماسي التي روجت لها ''رايس'' ومساعدها ''هيل''· لقد عرفت أقدم الحضارات البشرية فنون الدبلوماسية، منذ عصر أسرة زاو المالكة في الحضارة الصينية الشرقية خلال الأعوام 771-221 قبل الميلاد، وحتى إدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون 1993-،2001 مروراً بإدارة الأب المؤسس ''ويليام جيفرسون''· ''وكما نعلم فإن فكرة التفاوض المباشر مع العدو، مثلما مع الصديق، ليست بالفكرة الجديدة بأي حال''· ثم استطرد البروفيسور المؤرخ القول: ''لكن واعتباراً من الفترة الممتدة بين 2001-2007 -أي في العصور المظلمة الحديثة- فقد قبر هذا الفن تماماً، حتى عد من بين آثار الماضي وأيقوناته الضائعة· أما في حديثه فقد أضاف ''هيل'': ''لقد كنت أعلم أن هناك لعبة حقيقية يمكن أن نتسلى بها في أوقات فراغنا تسمى ''الدبلوماسية''؛ بيد أنه لم يخطر لي مطلقاً أن تكون اللعبة هذه قد استمدت اسمها من تكنيك السياسة الخارجية الذي أعنيه''· وبما أن ذلك هو واقع الحال، فما الذي دعا ''هيل'' إلى إعادة إحياء تراث هذا الفن المنقرض يا ترى؟! يغنينا ''هيل'' عن السؤال بتوليه الإجابة على النحو التالي: ''حتى أصدقكم القول، فقد استمددت الفكرة من المقال الجديد الذي نشرته وزارة الخارجية الأميركية عبر موقعها الإلكتروني، وكان ذلك المقال قد تحدث عن تكنيك ناجع جديد في التواصل مع الدول الأجنبية، أطلقت عليه تسمية ''ديبنوت''· ويضيف ''هيل'': لدى قراءتي لذلك المصطلح كنت قد اعتقدت أن له علاقة بلعبة ''ديبستيك'' الشهيرة، لكي أدرك لاحقاً أنه اختصار مركب لكلمتي ''دبلوماتيك نوت'' الذي يستخدمه كتاب وزارة الخارجية بعد أن عثروا عليه بين أوراق أرشيف الوزارة القديم''· ومضى ''هيل'' متحدثاً بلغة مغرقة في الدهشة: ولك أن تتخيل أنه ما من أحد هنا في أروقة الوزارة يدرك المعنى الحقيقي لكلمة ''مذكرة دبلوماسية''، ما حفزني على التفكير في أنه ربما يكون بين أوراق الأرشيف القديم هذه ما يستحق المراجعة والبحث''· وحسب ما علمنا من مصادر عليمة داخل البيت الأبيض، فلم يكن الجميع بذات القدر من السرور إزاء ''إعادة اكتشاف'' ''هيل'' للفنون الدبلوماسية هذه· وفيما نقل من تلك الأروقة أن أحد كبار مساعدي نائب الرئيس ديك تشيني، كان الأعلى صوتاً وجهراً في انتقاد ذلك الاكتشاف المذهل الجديد، بقوله: ''ألا تدرك أن مكتبنا قد بذل جهداً مضنياً في إخماد نار المعرفة بفنون الدبلوماسية هذه؟ فما الدبلوماسية سوى خطر صريح محدق بنا في حال سوء استخدامها، وعليك أن تتخيل كم سيكون حجم هذا الخطر فيما لو بدأ باستخدامها الأعداء''· أما ''جون بولتون'' -السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة- فكان صاحب الجواد الرابح في هذا التطاحن بقوله: ''دع دمى وزارة الخارجية الحاليين يستخدمون الدبلوماسية على هذا النحو الأخرق لبضعة أسابيع فحسب، ثم سرعان ما سندرك أن أول شيء يعدوننا به هو حذف اسم كوريا الشمالية من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مكافأة لها على وقف جزء لا يستحق من أنشطتها ومنشآتها النووية· ولنعط هذا السلوك الأخرق مهلة وجيزة من الوقت لنلتفت من حولنا فلا نجد دولة واحدة من دول ''محور الشر'' لنلقي عليها قنابلنا! في واشنطن فقد تعين على ''رايس'' خوض معركة بشأن الكيفية التي سيعمل بها فن الدبلوماسية -المكتشف حديثاً- كي يتسنى لها إخراس صوت منتقديها المتشددين الذين لا تبدو الدبلوماسية في نظرهم سوى مرادف للضعف والخور؛ وضمن هذه المعركة أشارت ''رايس'' إلى أن الدبلوماسية تحمل الكثير من الوعد، على الرغم من أنها ليست سوى سهم واحد فحسب بين مجموعة السهام الأميركية الأخرى· وقالت ''رايس'' صراحة إنها تدرك عدم جدوى الحديث عن الدبلوماسية مع عناصر متصلبة مثل ''ديك تشيني'' و''جون بولتون'' اللذين لا يفهمان لغة أخرى عدا مفردات الحرب والمواجهة العسكرية مع العدو· وتحت إلحاح الصحفيين صرح ''بولتون'' قائلاً إنه يأمل في أن يقدم الرئيس بوش على توجيه ضربة لإيران قبل أن ينتشر هذا الهراء الدبلوماسي، فيفل عزم أميركا وحزمها إزاء طهران· كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©