الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خليط العصا والجزرة

15 أكتوبر 2007 23:00
برأيي أن ''ستيف إيرلانجر'' هو أفضل مراسل في تاريخ صحيفة ''النيويورك تايمز'' في إسرائيل، خلال الفترة السابقة كان قد أرسل من غزة عددا من التقارير حول كيف يؤثر الحصار الاقتصادي الإسرائيلي على السكان المحليين، وبالذات على أصحاب الأعمال التجارية· فمنذ يونيو وكل من معبر ''كارني'' و''رفح'' اللذين يربطان غزة مع إسرائيل ومصر مغلقان، ويثبت ''إيرلانجر'' أن وراء الفكرة التجريدية للمعابر المغلقة؛ أناس حقيقيون يعانون دون ذنب· يتوجب على هؤلاء الذين يناقشون بأن الفلسطينيين جلبوا العقاب على أنفسهم من خلال التصويت لحماس، أن هناك أيضا عدداً مماثلاً من الفلسطينيين تقريباً لم يصوتوا للحركة الإسلامية الأصولية، كما أن إلقاء اللائمة على جميع الفلسطينيين بسبب تصرفات حكوماتهم أمر غير عادل· هل يتحمل جميع الأميركيين المسؤولية عن تصرفات حكومتهم؟! ينقل ''إيرلانجر'' قصة نبيل بواب -من سكان غزة يدير عملا خاصا-، فقد كان قبل إغلاق المعابر يوظّف ثمانمائة عامل يصنعون الألبسة لتصديرها إلى إسرائيل، غير أن ذلك لم يعد ذلك ممكنا، فقد استغنى ''بواب'' عن 780 من عماله، وأبقى على عشرين لخياطة قمصان للاستهلاك المحلي· ما يزال بواب يدفع رواتب عماله بدافع من الشفقة، إلا أنه راتب إعاشة وليس لقاء عمل، وهو لا يتعدى 25% من رواتبهم الأصلية· يضيف ''إيرلانجر'' قائلاً: ''حتى يتسنى لبواب أن يحافظ على عمله يضطر مع أخ له أن يحمل حقيبتين زنة كل واحدة منهما ستون كيلوغراماً، مليئتين بالملبوسات ثلاث مرات في اليوم عبر معبر ''إريز'' إلى داخل إسرائيل، حيث يتم تسليمها إلى شركائهم· ويُسمح لهما فقط بحمل الحقائب وليس شحن البضائع· يقول ''بواب'': معظم الغزيين كانوا فقراء حتى قبل تطبيق المقاطعة الاقتصادية؛ المقاطعة جعلت الأوضاع أكثر سوءاً، حيث أن 75 بالمائة من الغزيين عاطلون عن العمل ويعيش 35 بالمائة إنهم تحت خط الفقر· ستؤول الأوضاع إلى الأسوأ إذا استمر وزير الدفاع ''إيهود باراك'' بخطته الرامية إلى قطع الكهرباء عن غزة، قد لا يحدث ذلك، لا أعتقد أن إسرائيل ستقطع الكهرباء لأن ذلك لن يحقق شيئاً سوى معاقبة سكان مدنيين ما فتئوا يعانون· الغزيون معتادون على المعاناة، فمعظمهم يعتمد على وكالات الإغاثة الدولية للبقاء· قطع الكهرباء سوف ينتج عنه ألم بالغ، ولكن على أية حال، لن يدفعهم هذا الألم من قبل أعدائهم أن ينقلبوا على حماس· بالطبع لا تحتاج إسرائيل لقلب حماس· الفكرة الأساسية في إنهاء الاحتلال المباشر لغزة كانت فك الارتباط مع غزة وكل ما يتعلق بها؛ كل ما تريده إسرائيل من غزة الآن هو وقف قصف ''سديروت'' وإطلاق ''جلعاد شاليت''، إلا أن غزة تحتاج الكثير من إسرائيل، فهي في الواقع تعتمد بشكل كامل عليها، وهو ما يعطيها اليد العليا· الطريقة الوحيدة لإنهاء القصف خليط ذكي من الجزرات والعصي، يتوجب حل الخلافات الإسرائيلية الفلسطينية في مضمون المفاوضات، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال وسطاء من الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أو غيرهما· يفهم ''أولمرت'' ذلك بالتأكيد، فقد قال: ''نحن الآن في فترة يملك فيها الشعب الفلسطيني قيادة معتدلة أعلنت عن رغبتها في السلام معنا، لسنوات طويلة اقتنع الناس بالقول ''لا يوجد شريك''· جميع المؤشرات تدل الآن أن لدينا شريكا· ''هناك عوائق''، كما يقول أولمرت، ''ومن الممكن دائماً أن نقول لا''؛ الآن يتوجب علينا البحث عن فرص لنقول ''نعم''· قاصدا هنا المؤتمر الدولي المتوقع عقده برعاية الولايات المتحدة، فحسب رأيه أن هناك فرصة أفضل للتوصل إلى اتفاق ملزم مع الفلسطينيين الآن أكثر من أي وقت منذ سنة ·2000 موقف ''أولمرت'' هنا عكس موقف ''باراك'' الذي أخبر ''هآارتس'' أن إسرائيل يجب ألا تغير سياستها ''القائمة منذ أربعين سنة، لمجرد الحصول على العطف والتأييد من رئيس أميركي سيغادر الرئاسة خلال سنة''، فـ''أولمرت'' يفهم جيدا انه منذ أوسلو، تخصصت حماس في مجال تدمير فرص السلام الفلسطينية الإسرائيلية؛ وهو أمر تجيده حماس، وهي لا تريد، بل لا تحتاج، إلى مساعدة من إسرائيل· مدير التحليل السياسي في منتدى السياسة الإسرائيلية بهيئة موظفي الكونجرس الأميركي خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©