الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعويض.. تحفة سينمائية بمواصفات إخراجية عالية

التعويض.. تحفة سينمائية بمواصفات إخراجية عالية
16 أكتوبر 2007 02:31
استطاع فيلم: ''التعويض'' للمخرج الإنجليزي جو رايت الذي عرض في افتتاح المهرجان أن يبرهن على قدرة السينما في تحويل النص الروائي إلى حقل بصري مستقل ومليء بالدهشة والإمتاع معا، فهذا الفيلم يأخذك منذ لقطاته الأولى إلى منطقة سينمائية مغايرة، ويوغل منذ مشهده الافتتاحي في مناخ مكثف من الإغواء البصري واستدراج العين نحو تركيبات صادمة ورهيفة في آن واحد· يغوص الفيلم ومن منظور داخلي في حالات وأمزجة الفتاة بريوني تاليس في العام 1935 والتي تعيش وسط عائلة ثرية ومحاطة بكل المظاهر الارستقراطية، تفسر هذه الفتاة حياتها من خلال مفهوم خيالي مستحوذ عليها وقادم من قراءاتها المسرحية واطلاعاتها الأدبية وشغفها بالموسيقا، ومن هنا فهي تفسر علاقة شقيقتها سيسيليا (تقوم بدورها كيرا نايتلي) مع ابن كبير الخدم روبي (يقوم بدوره جيمس مكافوي) بأنها علاقة آثمة· ونكتشف في سياق الفيلم أن الفتاة بريوني المراهقة سبق وأن أعجبت بروبي ولكنه صدها بعنف ولم يتقبل مزاحها الثقيل، فعندما رمت بنفسها في حوض الماء وأنقذها روبي من الموت ظنته تصرفا طبيعيا من عشيقها المنتظر!، تحولت هذه الصدمة إلى رغبة لاواعية وشريرة في الانتقام من روبي، فعندما تتعرض إحدى المقيمات لدى العائلة للاغتصاب من قبل ضيف العائلة الذي تعرفه بريوني جيدا، تقوم باتهام روبي بدلا عن المغتصب الحقيقي· عموما فإن فيلم (التعويض) لا يستند على السرد الروائي وحده، ولكن يستفيد من الامكانات الهائلة للسينما الفنية في المزج بين الحالات الداخلية ومظاهر الطبيعة المحيطة، ففي اللحظات المشبوبة بالعاطفة تتحول الكاميرا إلى لسان بصري ينطق بشعرية الريف، والشرود الجميل والمزهر للمكان، وعندما تصطدم الأحداث بأجواء الحرب تتحول الكاميرا إلى عين راصدة للدماء والدموع وتشوهات العنف البشري وعبثيته· قدم المخرج من خلال لقطاته الحنينية للسهوب والأرياف الأوروبية في أواسط القرن الماضي ما يشبه اللوحات الزيتية لمونييه ورينوار، فهو يستخدم مرشحات خاصة للكاميرا بحيث تتحول اللقطة إلى خامة أو نسيج شمعي منزوع من الواقعية الجافة، ومسترسل برفق في مياه حالمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©