لا فات الفوت ما ينفع الصوت

-كسرت شقيقتي آنية الزهور الجميلة في مجلس جدي، فصرخت أوبخها، فقال: ''لا فات الفوت ما ينفع الصوت''··استدرت نحوه وقلت: بالله يا جدي رمسني عن معنى قولك· قال: ''المثل يتصل بشيخ قبيلة يتسم بالأخلاق النبيلة، طار صيت كرمه وشجاعته بين القبائل، وكان له ابن يدعى ''أجود'' نشأ على أخلاق والده، واجتمعت فيه خصال الذكاء واليقظة والفراسة وقوة الذاكرة ونظم الشعر· حدث في أحد الأيام أن نزل عليهم أحد الشعراء ضيفاً، ومكث لديهم معززاً مكرماً عدة أيام، بينما كان ابنه أجود يذهب يومياً قبل الغروب إلى وادٍ أخضر يبعد قليلاً عن المضارب·· وذات يوم دعا الضيف لمرافقته، فلبى الدعوة، وسارا معاً· كان أجود يركب فرسه الأصيلة، فلما وصلا إلى الوادي نزل أجود عن الفرس ومدّ عنانها للشاعر أن ''ارسنها هنا'' فاستغل الفرصة وقال ''مثلك يمدّ الفرس عطيّة لا رسنها''· صمت جدي قليلاً، فتوسلته أن يكمل، ضحك وقال: ''وهب أجود فرسه الشهيرة بجمالها وقوتها وأصالتها للضيف الشاعر، وحين عادا ورآهما والده وعرف القصة ثار ورفع صوته على ابنه وطالبه باستعادة الفرس، ومنحه فرسا أخرى· فقال لوالده: لا فات الفوت ما ينفع الصوت، فلا تغضب، لأنني لو أخذت الفرس منه لقال فينا شعراً يهجونا ويصمنا طول العمر، ولن يجدينا أننا سادة قبيلة طيبة مشهود لها· فسأله والده: أنت شاعر ولاشك تدرك ما عساه يقول فينا شعراً لو استعدنا الفرس؟ فقال أجود، قد يقول: أجود ومن سماك أجود غادي وراه ما سماك بالـ مبعدا حتى لو انه أبوه وعمه بطيبي يقعد له من يم الخوالي اقعدا فضحك الشيخ وقال لابنه: صدقت يابني، سأعطيك فرساً لا تقل عنها أصالة''·