الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جلسة القهوة تبوح بأسرارها إلى روّاد الجنادرية

جلسة القهوة تبوح بأسرارها إلى روّاد الجنادرية
18 فبراير 2014 09:14
أحمد السعداوي (الرياض) - أحدثت المشاركة الإماراتية في النسخة التاسعة والعشرين من المهرجان الوطني للتراث والثقافة في المملكة العربية السعودية المعروف بـ “الجنادرية”، صدى كبيراً بين زوار المهرجان، من أبناء السعودية أو ضيوفها عشاق التراث العربي بكل ألوانه، إذ تميز الموروث المحلي الإماراتي بعراقة فريدة شهد بها آلاف الزائرين للجناح الإماراتي، الذي احتل مكاناً مميزاً في ساحات الجنادرية، تزينه جلسات القهوة الحافلة بالأسرار والطقوس. اتسم الحضور الإماراتي بتنوع فعالياته من فنون شعبية ومشغولات يدوية بديعة وأجواء ضيافة مميزة أبهجت الحضور وشجعت على استقطاب المزيد من جمهور المهرجان إلى الجناح الإماراتي ليذهب في رحلة إلى أعماق التاريخ، ويعود معها إلى الصورة الحديثة للإمارات ونهضتها اللافتة، عبر معارض الصور ولوحات الفنون التشكيلية، التي زينت الجدران، ونقلت سمات المجتمع الإماراتي قديماً وحديثاً، وأبرز المعالم السياحية والمزارات التي يقصدها السائحون في أبوظبي بعد أن أصبحت العاصمة ملتقى سياحياً عالمياً يجتمع فيه الباحثون عن جمال التراث وفخامة الاستقبال ورقي المعاملة التي تميز بها “عيال زايد”. ضيف دائم تجمعت أعداد كبيرة من زوار الجنادرية حول الركن الذي جلس فيه الضيف الدائم على أغلب الفعاليات والمهرجانات التراثية المرتبطة بالبيئة الإماراتية، الوالد سيف راشد الدهماني، الذي أخذ يتفنن في صناعة أنواع القهوة العربية وتقديمها إلى رواد المكان في إطار جلسة القهوة العربية بما احتوته من شبة نار ودلال مختلفة الأحجام، وعدد من الفناجين لتقديم القهوة إلى الجمهور الذي أدهشته قدرة أبناء الإمارات على تجسيد ماضي آبائهم وأجدادهم بهذا الشكل المتقن، الذي يغني عن قراءة عشرات الكتب والمخطوطات، التي تشرح هذا الموروث المحلي الإماراتي الثري. في هذا الإطار، يقول الدهماني?:? إن وجوده في المهرجانات التراثية التي تقام داخل الإمارات أو خارجها تجعله يشعر بأنه يرد جزءا يسيرا من دين الأبناء إلى الأجداد والأسلاف على ما تركوه لهم من قيم ومعان وأخلاق سامية، جعلت الإنسان الإماراتي معروفاً في العالم بحسن الخلق، مضيفاً: “هذا ما نلمسه نحن أبناء الإمارات حين نزور أي دولة من دول العالم، ما يجعلنا نشعر بفضل الله ثم فضل أولي الأمر الذين أسهموا في ترسيخ هذه الصورة عن الإمارات وشعبها”. ويذكر الدهماني أن “الحظيرة” في الأصل كانت عبارة عن “علم” أي إشارة إلى المكان الذي يجلس فيه كبير الفريج، حيث يجتمع بأهل الحي في المساء بعد صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء، ليطمئن بنفسه على أحوال الجيران، ويستقبل ضيوف الحي ويكرمهم ويسألهم عن أخبار الأماكن القريبة والبعيدة، ومن خلال هذه الجلسة يتم التعرف على أحوال أهل الأماكن المختلفة ويبقى أهل الفريج على علم بالعالم من حولهم. وأكثر ما يميز هذه الجلسة، وفق الدهماني، شبة النار والقهوة والقرص (نوع من المخبوزات مصنوع من الطحين)، وبعد انتهاء الجلسة يتناول أهل الفريج طعام العشاء عقب صلاة العشاء، ويذهبون إلى النوم مبكراً، حتى يستقيظوا مع ساعات الفجر الأولى سعياً وراء الرزق وقضاء أشغالهم. أنواع ومهام فيما يخص دلال القهوة، يوضح الدهماني أن الإنسان القادر مثل الشيوخ والتجار كانت لديهم ثلاثة أنواع من الدلال، وكل واحدة لها مهامها، وهناك الدلة الكبيرة وتسمى “الخمرة”، الدلة المتوسطة وتسمى” اللقمة”، والصغيرة وتسمى “المزلة”. ويشرح “بالنسبة للخمرة، يتم وضع الماء فيها حتى يصبح ساخناً بشكل مستمر، والوسطى هي الدلة الرئيسة ويتم طبخ القهوة فيها، والصغيرة يتم وضع القهوة فيها بعد غليها في “اللقمة”، وتستخدم المزلة في صب القهوة، وتدور على الضيوف الموجودين في الحظيرة”. ويوضح: “هناك سبعة أنواع من الدلال هي الحساوية، وتعتبر من أندر الدلال وأجودها، كونها صنعت بإتقان من نحاس ذي جودة عالية، والقريشية، والبغدادية وتجلب من العراق، ورسلان من سوريا، والعمانية وهي نوعية ممتازة، والحيلية نسبة لأهل حائل في المملكة العربية السعودية، والنجدية ويرتبط اسمها بأهل نجد في الحجاز. وهناك أيضاً الدلة العثمانية غير أنها لم تداول بكثرة في الإمارات”. وعن صناعة القهوة، يذكر الدهماني أنها تبدأ بوضع البن في “التاوة” النحاسية، ثم تقلب على النار بوساطة المحماس، وبعد ذلك يتم وضعها في “المنحاز” أي الهاون، بهدف تنعيم حبوب القهوة لتصبح على شكل مسحوق البن، ويتم النداء على أهل الحي من خلال دق يد الهاون في جوانبه فيحدث صوت عال يعرف الجيران من خلاله أن هذا الجار لديه قهوة فيأخذون نصيبهم منها، كونها لم تكن شيئاً متوافراً قديما. وعن المذاقات المختلفة للقهوة، يقول الدهماني: إن هناك جناداً للدلة وجناداً آخر للقهوة، وهذا الجناد هو الذي يعطي للقهوة المذاق المميز ويجعل شاربها لا يستطيع مفارقتها. ويتابع: “أما جناد القهوة، فيتنوع بين الهيل والزعفران والقرنفل والقرفة بحسب مزاج الشخص، بينما القهوة الرسمية هي السادة وتقدم إلى الضيوف من دون أي إضافات”، لافتاً إلى أن أم جناد القهوة هي التمر، وهذا يعطي شارب القهوة شعوراً بالاستمتاع المضاعف. القهوة في الشعر النبطي يؤكد الوالد سيف راشد الدهماني أن الأقدمين عشقوا القهوة كواحد من الملامح الأصيلة لحياة أهل البادية، وكتبوا فيها أجمل بيوت الشعر النبطي ومن ذلك: “يالجهوة.. بتشارع وياش ..ليوصل منش 20 محلاش”. (أي أبذل المجهود حتى أصل إليك حتى لو وصل سعر ثمنها 20 ألف درهم بقيمة عملة هذه الأيام). ومما كتبوا فيها أيضاً: “يوم الريم تجلاش.. ما حلا صبش في الفنايين” (أي حين تحضرك المرأة الحسناء على النار ما أحلا صبك في الفناجين).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©