الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميانمار... وحقوق «الروهينجا»

10 فبراير 2013 23:25
التحرك نحو الحصول على المزيد من الحريات، وعلى حكومة تمثيلية في ميانمار (بورما السابقة) خلال السنوات القليلة الماضية، يعد أمراً مرحباً به؛ بيد أنه ما زال يتعين على الرئيس «ثين سين» وشركائه في المجلس العسكري طريق طويل، يتعين عليهم أن يقطعوه، كي يتمكنوا من تحقيق الديمقراطية، وتأمين حقوق الإنسان، والتحول لاقتصاد السوق. ومن بين مجالات حقوق الإنسان التي تتطلب اهتماماً عاجلاً، الأزمة التي تعاني منها طائفة دينية وعرقية كبيرة العدد، وهي طائفة «الروهينجا»، التي تعتبر واحدة من أكثر الجماعات العرقية تعرضاً للاضطهاد في العالم وفقاً للمنظمات المختصة في الأمم المتحدة. فأعضاء هذه الطائفة محرومون من حقوق المواطنة، كما يتعرضون للاضطهاد بسبب إيمانهم بمعتقدات دينية مختلفة عن تلك التي تعتنقها العرقيات الأخرى التي تعيش في البلاد، وتشمل مظاهر الاضطهاد حرمانهم من امتلاك الأراضي، والسفر إلى البلاد الأخرى، والالتحاق بالمدارس والمعاهد التعليمية. هذا هو نمط الحياة التي يعيشها ما يقرب من 800 ألف شخص من «الروهينجا» في ولاية «راخين» الواقعة غرب ميانمار، والتي دفعت باقي السكان لأن يطلقوا عليهم لقب «غجر آسيا». وقد اضطر قرابة 115 ألفاً من سكان الإقليم المضطرب، معظمهم من «الروهينجا» إلى النزوح إلى مناطق أخرى داخل البلاد بعد المعارك العنيفة التي نشبت بينهم وبين السكان البوذيين في نفس الولاية في شهري يونيو وأكتوبر من العـام الماضـي، والتي أسفرت عن وقوع خسائر مادية وسقوط عشرات القتلى خلال القتال بين الجانبين، الذي شهد أيضاً إحراق بيوت «الروهينجا»وتسويتها بالأرض. وإذا كانت تلك المصادمات الدينية والعرقية «شأناً داخلياً من شؤون دولة مستقلة»، كما تدعي وزارة الخارجية الميانمارية، فقد حان الوقت كي تقوم حكومة هذا البلد بممارسة مسؤوليتها السياسية، والعمل على تشجيع التسامح والمصالحة بين الجماعات المختلفة التي تعيش على أراضيها.يشار في هذا السياق إلى أن الرئيس» ثين سين» قد كون لجنة تحقيق داخلية تضم 27 عضواً للتعرف على الأسباب الحقيقية للقلاقل والاضطرابات التي وقعت بين المجموعات العرقية المختلفة، (مما يؤسف له أنه لا يوجد عضو واحد ينتمي لروهينجا ضمن تشكيل تلك اللجنة). يحث السفير «أفوك كوكجين» المراقب الدائم لمنظمة التعاون الإسلامي في الولايات المتحدة الرئيس «ثين سين» على أن يمد يده لـ«الروهينجا» ويتباحث معهم. وهو يقول عن ذلك (من دون خطاب سياسي شجاع وقدرة قيادية من جانب الحكومة والمعارضة سوياً، فإن الحكومة لن تكون قادرة على القيام بإجراء لمنح المواطنة لـ«الروهينجا» وإقناع باقي السكان به). من جانبه علق أوباما على الاضطرابات في ولاية «راخين»، وذلك حين قال في خطابه في جامعة «يانجون» في ميانمار في 19 نوفمبر من العام الماضي أثناء زيارته التاريخية لهذا البلد: «لمدة طويلة للغاية واجه شعب هذه الولاية بما في ذلك سكان الراخين الأصليين ظروفاً من الفقر الساحق والاضطهاد. ولكن ذلك لا يبرر العنف ضد أشخاص أبرياء خصوصاً أن الروهينجا يمتلكون نفس القدر من الكرامة والاعتزاز بالنفس مثل الذي يمتلكه معظم سكان الإقليم ومثل الذي امتلكه أنا شخصيا». وسيساهم حصول ما يقرب من 800 ألف من مسلمي الروهينجا على الجنسية على تسريع نمو ميانمار التدريجي في مجال الحريات المدنية والحرية السياسية مع ملاحظة أن الحصول على دعم الرهبان البوذيين سيكون أمراً في غاية الأهمية للحصول على الدعم الشعبي لهذه الخطوة. وهناك دور يمكن للولايات المتحدة أن تلعبه في هذا المجال. فالتخفيف الأخير لعقوبات الولايات المتحدة المفروضة على نظام هذا البلد يمثل من دون أدنى شك بادرة حسن نية، يمكن أن تشجع على تسريع عملية التحول الديمقراطي كما تساهم في تعضيد موقف داعية الديمقراطية «أونج سان سوكي» ومطالبها في هذا المجال. ولكن بعض جماعات حقوق الإنسان انتقدت هذه الخطوة بقسوة، ووصفتها بأنها سابقة لوقتها. مع ذلك فإن الجهود التي قام بها مكتب الولايات المتحدة لشؤون السكان واللاجئين والهجرة في مجال مساعدة اللاجئين الروهينجا في ميانمار وغيرها من الدول المجاورة بمبلغ 24 مليون دولار في السنة المالية 2013 لقيت إشادة من تلك الجماعات وغيرها. في الوقت الراهن تظهر ميانمار المزيد من الانفتاح في مجال الإصلاحات، ومن ذلك إفراجها عن العديد من السجناء، وسماحها بالمظاهرات السلمية التي كانت ممنوعة في السابق، وتنظيمها لانتخابات. ولكن الحكومة، وعلى رغم التقدم الذي أحرزته في هذا المجال، عجزت عن تحقيق تقدم في موضوع حقوق «الروهينجا» الذي ما زال يمثل موضوعاً ملحاً بالنسبة للجامعات المعنية بحقوق الإنسان. والمصالحة الوطنية بين الأغلبية البوذية والأقليات المختلفة التي تعيش في ميانمار إضافة إلى المسيحيين والمسلمين لا يمكن أن يقتصر على مجرد عبارات سياسية يتم تردادها باستمرار من دون أن تتجسد في صورة حقائق على الأرض، ذلك لأن المصالحة تأتي من خلال العمل فقط. والعمل الأول المطلوب في الوقت الراهن هو الاعتراف بـ 800 ألف من الروهينجا كمواطنين في دولة ميانمار. بنيامين جيه هايفورد باحث في الشؤون الدولية بجامعة «آيه آند إم» في تكساس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©