الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المنافسة الدولية تحتدم على قطاع النفط العراقي

المنافسة الدولية تحتدم على قطاع النفط العراقي
25 ابريل 2009 00:04
دخلت شركة رويال دوتش شل في محادثات مع أكبر شركتين حكوميتين للنفط في الصين بهدف تنفيذ مشروع مشترك بينها في العراق• وبرغم أن شركة شل لا تفضل الكشف عن تفاصيل هذه المحادثات فإن التعاون المشترك المحتمل مع كل من مؤسسة الصين الوطنية للبترول (سي ان بي سي) ومؤسسة الصين للبتروكيماويات (سينوبيك) أصبح يركز على المناقصة التي تهدف لتطوير حقل كركوك في شمال الدولة• وتعتبر هذه الصفقة المحتملة الأخيرة من نوعها في الساحة العراقية بعد أن تدافعت العديد من شركات النفط العالمية ونظيراتها من الشركات والمؤسسات الحكومية في الدولة على حد سواء من أجل الحصول على موطئ قدم لها في سوق النفط العراقي الواعد• ومما لاشك فيه فإن الغنيمة بالغة الضخامة إذ إن العراق يتمتع باحتياطيات مؤكدة مقدارها 115 مليار برميل أي ثالث أكبر احتياطي في العالم أجمع بعد المملكة السعودية وإيران• وكما يقول منوشهر تاكين أحد كبار محللي البترول في مركز دراسات الطاقة العالمية: ''لقد ظل العراق يعتبر بالنسبة لشركات النفط العالمية بمثابة الجوهرة النفيسة ليس فقط لأن لديه احتياطيات ضخمة مؤكدة ولكن لأن التقديرات تشير أيضاً إلى كميات هائلة من الموارد النفطية التي لم يتم اكتشافها بعد''• إلا أن قطاع النفط العراقي لا يزال يفتقد إلى الكفاءة والفعالية بعد سنوات من الحروب والاضطرابات والعقوبات التي أنزلت بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين• فمن بين 80 حقلا نفطيا منتجا هناك 15 حقلا فقط تم تطويرها وتنتج الآن حوالي 2,4 مليون برميل يومياً• أما الدوافع التي تقف خلف اندفاع الصين في المنطقة فليست جميعها مالية إذ إن عدداً من الشركات العملاقة والحكومية التي تتعامل في شتى أنواع السلع في الصين ظلت في الآونة الأخيرة تندفع في حمى شرائية للاستحواذ على منافساتها المتأثرة بالركود في الغرب بما في ذلك شركات من أمثال ريو تينتو وشركة اوز ميزالز وشركة فورتسكيو• وفي سعيها لتأمين الدخول إلى المواد الخام التي هي في أمس الحاجة إليها فإن الصفقات الخاصة بالنفط تبقى ذات أهمية وأولوية قصوى• لذا فقد سارع بنك التنمية الصيني لإقراض شركات النفط الحكومية في الدولة مبلغ 35 مليار دولار مقابل توفير 400 ألف برميل من النفط يومياً• ومما لاشك فيه فإن الحصول على حصة من الكعكة العراقية من شأنه أن يوفر المزيد من الأمان• أما بالنسبة للعراق نفسه فإن الصادرات النفطية تشكل 95 في المائة من الايرادات الحكومية وتعتبر الوسيلة الوحيدة لتوفير التمويل اللازم لإعادة إعمار الدولة الممزقة• وفي الوقت الذي تراجعت فيه أسعار الخام إلى مستوى 50 دولاراً فقط من مستواها غير المسبوق في يوليو الماضي بسعر 149 دولاراً للبرميل فإن استغلال أكبر قدر من هذه الاحتياطيات الهائلة يصبح أمراً شديد الأهمية• ومنذ الإطاحة بنظام صدام حسين في عام 2003 ظلت الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء تصطف خلف بعضها من أجل نيل حصة من النفط العراقي• ولقد تم التوصل إلى بعض الصفقات المعزولة التي لم توفر لبعض الشركات المساهمة الفعلية على أرض الواقع في استخراج النفط• فمنذ عام 2004 شاركت بريتش بتروليوم على سبيل المثال في حقل الرميلة في الجنوب ولكن أعمالها اقتصرت على تحليل البيانات الجيولوجية وتوفير الاستشارات الخاصة برفع معدلات الاسترداد• ويبدو أن عدم وضوح الوضع القانوني للحكومة وخطورة الأوضاع الأمنية في البلاد قد وقفت حائلاً ضد إبرام العديد من الصفقات الجدية• لذا فإن أول محاولة لجلب الخبرات الأجنبية في شكل عقود للخدمات لفترة عامين قد انهارت في العام الماضي وحلّت محلها الخطة الحالية التي تهدف لإبرام سلسلة من صفقات الخدمات والاستثمار لفترة 20 عاماً قادمة• ولقد تقدمت 32 شركة بمناقصاتها في الجولة الأولى للعقود والتي تغطي ستة حقول نفطية وحقلين للغاز• وبحسب الجدول الزمني فإن أولى الصفقات سوف يتم التوقيع عليها بحلول نهاية هذا العام بالرغم من تشكك العديد من المصادر المطلعة في إمكانية التوصل إلى هذه الاتفاقيات• أما الجولة الثانية والتي سيتم إطلاقها في ديسمبر سوف تستهدف البحث عن مطورين لأحد عشر حقلاً إضافيا وقد تمكنت من اجتذاب 9 متزايدين بالاضافة إلى الشركات المشاركة حالياً والتي يبلغ عددها 32 شركة• ولكن هذه العقود ليست من النوع المعروف في أماكن أخرى من العالم بحيث ينطوي على المشاركة في الانتاج• إذ إن الفائز في المناقصة لن يصبح بوسعه الاستحواذ على العمليات بالكامل• وعوضاً عن ذلك سوف يُصار إلى إنشاء شركة مشتركة مع أي من الشركات العراقية الحكومية التي يوكل إليها أمر المسؤولية عن الحقل بحيث يعملان معاً من أجل تطوير وتوسعة الحقل• وهذا المقترح ربما لا يحقق كل الطموحات التي كانت تحلم بها شركات النفط العالمية• ولكنه لا يزال يمثل حصة لا يستهان بها في هذه الأعمال التجارية• ويذكر أن بغداد تحتاج إلى استثمارات بمقدار 50 مليار دولار حتى تتمكن من رفع انتاجها إلى 6 ملايين برميل يومياً بحلول العام •2014 وبموجب التدابير المقترحة فإن جزءاً من الاستثمارات سوف يأتي من كبريات شركات النفط بينما تعمل الشركات والمؤسسات العراقية الحكومية على توفير الجزء المتبقي• وعلى افتراض تحقق النجاح وتحسن السعة الانتاجية حسب الأهداف المتفق عليها بموجب العقود فإن الشركة العالمية سوف يحق لها استرداد تكاليفها بالاضافة إلى رسوم محددة على الانتاج• علماً بأن السلطات قد عمدت في فبراير المنصرم إلى زيادة حصة المقاولين من 49 في المائة إلى 75 في المائة كما تم خفض سقف الانتاج المستهدف من قبل السلطات العراقية• ولكن ومع هذا التحسن الذي طرأ على الشروط فإن جاذبية الشروط ظلت تكمن في مجرد سعي الشركات إلى الحصول على موطئ قدم أكثر من الاهتمام بما تحتويه هذه العقود من شروط• إلا أن هناك لابد من العمل على تجاوزهما قبل التمكن من اجتذاب المزيد من الشركات إحداهما تتعلق بشركات النفط الأجنبية نفسها والتي ظلت تعتبر منذ عام 1972 عندما أقدم صدام حسين على تأميم الصناعة كأداة تعمل لحساب الغرب في استغلال وإهدار الموارد النفطية للدولة• أما المشكلة الأخرى فتختص بالسياسة الداخلية للعراق وتتمثل في أن هناك حوالى 30 شركة نفطية صغيرة الحجم كانت قد أبرمت اتفاقيات للمشاركة في الانتاج منذ عام 2003 مع الحكومة في اقليم كردستان في الشمال والذي لا يستحوذ على سوى 10 في المائة من إجمالي الاحتياطيات النفطية في الدولة• إلا أن كبريات الشركات النفطية بما فيها شركتا بريتش بتروليوم وشركة شل آثرت الانسحاب من هذه المنطقة بعد أن وصفت بغداد هذه الاتفاقيات بأنها غير قانونية ثم هددت بحرمان أي شركة تدخل طرفاً في هذه الاتفاقيات من المناقصة على أي أعمال يتم تنفيذها في مناطق أخرى من الدولة• وهذا الجدل الذي يتركز حول عما اذا كان يحق للحكومة الاقليمية في كردستان إبرام صفقات دون الرجوع إلى الحكومة المركزية في بغداد ما زال محتدماً ولم يتم التوصل بشأنه إلى حلول بعد، وبالاضافة إلى كونه أصبح يمثل عائقاً أمام تدفق الاستثمارات إلى المنطقة نفسها فإن المشكلة في حد ذاتها أصبحت تحول أيضاً دون احراز التقدم في قانون النفط الذي اقترحته حكومة صدام والذي سيعمل على توفير الهيكل الاطاري للحقوق والإيرادات بين مختلف الأطراف ناهيك عن دخول شركات النفط العالمية إلى جميع مناطق الدول• وبرغم مرور سنوات من المناقشات والمفاوضات وإصدار العديد من المسودات المختلفة فإن هذا القانون لم يعد ضمن أولويات الأجندة في البرلمان كما أن المحاولات الرامية لمراجعته سوف تحتاج إلى مراجعة الدستور العراقي الذي يحكم العلاقة بين بغداد والحكومة المحلية في اقليم كردستان• عن ''اندبندنت'
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©