الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

احتدام الجدل بشأن مسار أسعار النفط

20 أكتوبر 2007 00:25
في الوقت الذي أصبحت أسعار النفط فيه تتحرك حول مستوى 90 دولاراً للبرميل فإن الجدل قد احتدم فجأة بين المتفائلين والمتشائمين بشأن مسار أسعار النفط، فهناك من يعتقد بأن سبب الصعود يعود الى محدودية الانتاج وارتفاع الطلب، وهناك من ينحو باللائمة على المضاربات العشوائية والتوتر السائد في الظروف الجيوسياسية· ويبدو أن وكالة الطاقة الدولية الجهة المراقبة للطاقة في الدول الغربية تتبع المجموعة الأولى بينما تقف منظمة الدول المصدرة للنفط في مقدمة الجبهة الثانية، الا أن الانقسام بين هاتين المجموعتين أصبح كبيراً لدرجة أن بعض المتعاملين باتوا يعتقدون جازمين بأن أسعار النفط ستصل عما قريب الى مستوى 100 دولار للبرميل بينما يتنبأ البعض الآخر بحدوث اصلاح يجبر الأسعار على التراجع نحو مستوى 60 دولاراً للبرميل· وكما ورد في صحيفة الفاينانشيال تايمز مؤخراً فقد انضم صندوق النقد الدولي أول من أمس الى فريق المتشائمين عندما حذر قائلاً ''إن أسواق النفط العالمية ما زالت تعاني من قدر كبير من المحدودية والافتقاد الى المعروض، وفي ظل ما تشهده السعة الاحتياطية من محدودية وتراجع فإن المخاوف الجيوسياسية باتت بإمكانها أن تؤدي وبسرعة الى ارتفاعات جديدة للأسعار باستطاعتها أن تترجم في تضخم كبير الحجم''، وفيما يبدو فإن هذه الملاحظات المتزامنة مع موافقة البرلمان التركي على شن عمليات عسكرية ضد المتمردين الأكراد في العراق قد ساعدت مؤشر نايمكس الخاص بمبيعات نوفمبر لنفط غرب تكساس لأن يرتفع الى مستوى قياسي الى 89 دولاراً للبرميل· وهناك بعض المستثمرين الذين يتفقون مع رؤية صندوق النقد الدولي وبخاصة أن سوق الخيارات حيث يشتري المتعاملون عادة التأمين ضد تقلبات الأسعار باتت تشير الى أن هناك فرصة بين كل ست فرص لأن ترتفع الأسعار الى ما فوق 95 دولاراً للبرميل قبل نهاية العام 2008 والآن فقد شهدت العقود الآجلة البعيدة الأمد ارتفاعاً حاداً في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن ارتفع سعر عقد نايمكس WTI لتسليمات ديسمبر ،2015 الى ما فوق 75 دولاراً للبرميل، اما عقد تسليمات ديسمبر 2008 فقد تحرك بالأمس الى مستوى 79 دولاراً للبرميل· لذا فقد أصبح من المؤكد تقريباً ان النفط في خلال فترة الثماني سنوات المقبلة لا يمكن شراؤه حالياً بأقل من 75 دولاراً للبرميل، ومما لا شك فيه فإن هذه الحركة التصاعدية على خلفية المنحنى التجاري للمبيعات المستقبلية يشير الى أن الأسعار القياسية الحالية في السوق الفورية لديها أساسات صلبة تقف عليها وبشكل يجبر البنوك في وول ستريت على زيادة توقعاتها للأسعار بالنسبة للعام ،2008 والفترة التي تلي ذلك· ويبدو أن ايجوين واينبرج في كوميرز بانك في فرانكفورت قد انضم الى هؤلاء عندما رفع من سقف توقعاته للأسعار بالنسبة للعام المقبل من 63 الى 70 دولاراً للبرميل بسبب ما دعاه ''التوترات الجيوسياسية المستجدة والضعف العام الذي يساور الدولار وارتفاع تكاليف الإنتاج بالإضافة الى استمرار الطلب النشط من القارة الآسيوية''· أما منظمة الأوبك التي تسيطر على 40 في المئة من الإنتاج العالمي للخام فقد رفضت من جانبها الدعاوى القائلة بمحدودية السوق والقت باللائمة عوضاً عن ذلك على المضاربات وضعف الدولار والتوترات في الشرق الأوسط كأسباب أدت الى ارتفاع الأسعار بنسبة 10 في المئة في الأسبوع الماضي، وقال عبد الله البدري السكرتير العام لمنظمة الأوبك ان ''السوق استمر يشهد تدفقاً جيداً للتموينات كما أن المخزونات ظلت في مستويات مريحة'' ولكن مخزونات النفط الخام والمنتجات مثل الجازولين وغاز التدفئة تراجعت الى مستوى 35,5 يوم فقط للاستهلاك الى أقل متوسط لها في خمس سنوات بعد التدني الكبير في مستوى المخزون في الشتاء الماضي والى مستوى أقل مما كان عليه عادة في فصل الربيع، والى ذلك فإن احصائيات وكالة الطاقة العالمية تشير الى أن المخزون قد تناقص في الفترة ما بين يوليو وسبتمبر بمستوى 360 ألف برميل يومياً تناقصا حادا مع متوسط الزيادة الذي شهده طوال فترة 10 سنوات بحوالي 260 ألف برميل يومياً· أما جيفري كوري رئيس ادارة بحوث السلع في جولد ساشز في لندن فقد مضى يقول ''ان السحوبات من المخزون في الربع الثالث من العام نادر الحدوث حيث تتبعه عادة ارتفاعات في الأسعار مع حلول الشتاء كما حدث في عامي 1999 و،''2002 بل أن الاتجاه الحالي للطلب والعرض بات يشير الى حدوث انخفاض آخر حاد في المخزونات في الربع الرابع من العام تاركاً السوق عرضة لآلام الشتاء القارس أو المعاناة من أي مشكلة جيوسياسية قد تحدث، ولقد ظلت المخزونات محدودة على وجه الخصوص في أوروبا ومنطقة آسيا الباسيفكية ولكنها أعلى من متوسطها في خلال خمس سنوات في أميركا الشمالية· وعلى العكس من ذلك فقد ذكرت كيفن نوريش في باركليز كابيتال من جانبه ان العوامل الجوهرية سوف تبقى وتستمر داعمة للموقف حتى في موسم الشتاء بحيث تقلل من امكانية حدوث ارتفاع اضافي في الأسعار، ومضى يقول ''إن التركيز مؤخراً على السياسة الخارجية لتركيا كسب في ارتفاع الأسعار قد اسيء تفسيره واستخدامه'' ووفقاً لما ذكره ميشيل ديفيز رئيس إدارة البحوث في شركة سودين المعنية بتعاملات السلع في لندن ان الزيادات المتسارعة الحالية في الأسعار قد جعلت السوق عرضة لاصلاحات عبر عمليات لجني الأرباح· وفيما يبدو أن هناك العديد من المضاربين الذين ينتظرون على الهامش لأول اشارة لتراجع الأسعار، وتنصب دعاوى المتفائلين الرئيسية على أن التباطؤ الاقتصادي الذي تمخض عن أزمة الائتمان والرهن العقاري الأميركي سوف يعمل على تخفيض استهلاك النفط الخام وبخاصة في العام المقبل، واكتسبت هذه الرؤية المتفائلة دعماً واسناداً مهماً بالأمس من بيانات المخزون التي كشفت عن ارتفاع في مخزونات النفط الخام الأميركي بمستوى 1,8 مليون برميل في الأسبوع الماضي وبشكل أحبط التوقعات التي كانت تشير الى ارتفاعها بمستوى لا يزيد على 9000 برميل فقط، وعلى نفس المنوال مضت هيلين هيلتون رئيس إدارة بحوث السلع في مجموعة ستاندارد تشارترد تقول ''بتنا نتوقع تصحيحاً سعرياً بعد هذه المستويات'' وهي تتنبأ بانخفاض في أسعار النفط الى متوسط 75 دولاراً للبرميل في الربع الرابع من العام اي اقل بنحو 15 دولاراً من المستويات الحالية· وعلى الجانب الآخر تقدر وكالة الطاقة الدولية أن النمو العالمي في استهلاك النفط سوف تتسارع وتيرته في العام المقبل ليبلغ مستوى 2,1 مليون برميل يومياً مقارنة بكمية 1,2 مليون برميل في هذا العام، كما يبدو أن صندوق النقد الدولي قد انضم أيضاً لقائمة المتشائمين عندما أشار من جانبه الى أن ''النشاط الاقتصادي للدول الغنية أصبح ضعيفاً وسوف يتأثر بشكل ملحوظ إذا ما امتدت موجة التباطؤ لتشمل الأسواق الناشئة التي تشهد نمواً كبيراً ومهماً في استهلاك النفط''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©