السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

آسيا الوسطى مستقبل إمدادات الطاقة العالمية

آسيا الوسطى مستقبل إمدادات الطاقة العالمية
25 ابريل 2009 00:05
بعد أن ظلت تعيش في ظل الدولة الروسية منذ القرن التاسع عشر رسخت دول آسيا الوسطى خلال العقد الماضي حضورها واستقلالها على الخريطة العالمية للطاقة بفضل ما تمتلكه من مصادر هائلة للنفط والغاز• ولقد أضحت كل من دولتي كازاخستان وتركمانستان تكتسب أهمية متزايدة كدولة منتجة للنفط والغاز بينما تدفقت عليها الاستثمارات الهائلة باعتبارها الدول المستقبلية المزودة للنفط في العالم• وهنالك حقل كاشامان النفطي في كازاخستان الذي يعتبر الجديد الأكبر من نوعه الذي تم اكتشافه في فترة الثلاثين عاماً الماضية• أما انتاج الغاز في تركمانستان المجاورة فقد تضاعفت إلى أربعة أمثاله في خلال فترة العقد الماضي ليصل إلى مستو؟ 67 مليار متر مكعب في عام 2007 وفقاً لإحصائيات تقرير مراجعة الطاقة العالمية الذي تصدره شركة بريتش بتروليوم وبشكل جعلها تكتسب المزيد من الأهمية كمنتج للغاز بحيث تفوقت على هولندا• وفي ذات الوقت فإن توجه جاذبية مركز الاقتصاد العالمي نحو الشرق أدى أيضاً إلى تعزيز ونفوذ منطقة آسيا الوسطى التي طالما كانت تعتبر بعيدة ونائية عن الأسواق التجارية الأكبر أهمية• إلا أنها الآن أضحت من الناحية الاستراتيجية تتخذ لنفسها موقعاً متوسطاً ما بين الزبائن التقليديين في أوروبا والاقتصادات الناشئة المتسارعة النمو في القارة الآسيوية• والآن فقد أصبح بإمكان النفط والغاز أن يتدفقا بكميات هائلة ليس فقط نحو روسيا وإنما إلى الشرق إلى الصين وغرباً عبر بحر قزوين إلى تركيا ثم إلى دول الاتحاد الأوروبي• وكما يحدث غالباً وفي معظم الأحيان فإن الأمر ربما كان يحتاج إلى حدوث أزمة حتى يتنبه العالم لأهمية إمدادات الطاقة القادمة من منطقة آسيا الوسطى• ففي يناير من العام المنصرم أقدمت تركمانستان على قطع إمدادات الغاز إلى إيران لفشلها في دفع الفواتير المستحقة• ونتيجة لذلك فقد سارعت إيران إلى قطع إمداداتها إلى تركيا بسبب قسوة فصل الشتاء قبل أن تقوم الأخيرة بوقف الإمدادات المتجهة إلى اليونان• ثم تلا ذلك النزاع التجاري في منطقة بحر قزوين بين روسيا وأوكرانيا حول إمدادات الغاز لكي يصبح بعد ذلك أحد أهم المسائل التي تتصدر أجندة الاتحاد الأوروبي حالياً• ولكن بحر قزوين استمر يشكل عائقاً يصعب تجاوزه أمام تدفق صادرات النفط والغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي• إذ إن بناء خطوط الأنابيب عبر البحر إلى القارة العجوز بات من غير المرجح أن يمثل حلاً مناسباً خاصة في ظل معارضة روسيا وإيران لمثل هذه الخطوات• أما الاقتراح الذي يطالب ببناء منصات أمام سواحل اذربيجان وتركمانستان بحيث يتم ربطها عبر الحدود فوق بحر قزوين أصبحت لا تعتبر ممكنة من الناحية العملية• وبات الحل الوحيد يكمن في شحن النفط بواسطة الناقلات قبل وضعه في خط أنابيب باكو - تيبليسي ثم تصدره إلى الساحل التركي، إلا أن السعة سوف تبقى محدودة كما أن هذه الطريقة لن تصبح ذات جدوى اقتصادية إلا بعد أن يباع النفط بأسعار عالية نسبياً• وعلى كل فإن سوق الغاز الأوروبية أصبحت تدلي بتأثيرات قوية على الإمدادات النفطية في بحر قزوين بسبب ارتباطها بالدولة الروسية• فقد ظلت شركة جاز بروم المحتكرة لصادرات الغاز الروسي تشتري الغاز من دول آسيا الوسطى قبل أن تبيعه للاتحاد الأوروبي ولعل أحد أسباب النزاع الذي اندلع بين روسيا وأوكرانيا في شتاء العام 2005-2006 يعود إلى أن مشتروات الغاز الأوكراني تم وضعها ضمن أسس تجارية تقليدية وبأسعار أقل كثير من مستويات أسعار السوق• وهو الأمر الذي جعل تركمانستان تطالب بالتحول بعيداً عن هذه الدفعات التقليدية التي ظلت تستلمها من شركة جاز بروم قبل أن تدخل مؤخراً في مفاوضات صعبة مع السلطات الروسية بهدف رفع الأسعار• علماً بأن سعر الغاز التركمانستاني المباع لشركة جاز بروم قد تضاعف الآن إلى أربعة أمثاله في خلال فترة السنوات الأربع الماضية من حوالى 42 دولارا لكل ألف متر مكعب وإلى 150 دولاراً في الوقت الحالي• ورغم ذلك فإن نفس هذا الغاز ظل يباع في أسواق الاتحاد الأوروبي وحتى في الأسابيع الأخيرة بسعر يزيد على 500 دولار لكل ألف متر مكعب• وفي ظل توفر أسواق بديلة لروسيا مثل الصين في الشرق فإن أسعار صادرات الغاز من آسيا الوسطى سوف يصبح بإمكانها أن ترتفع قريباً من المستويات العالمية• ومما لاشك فيه فإن تزامن وجود قاعدة غنية بالموارد مع تزايد فرص التصدير أصبح يرسخ الاهتمام بالمنطقة حتى على الرغم من تأثيرات انخفاض أسعار النفط على الصناعة العالمية• ولربما أن الازدهار المتوقع لن يكون كافياً لتجاوز الأضرار التي سوف تخلفها الأزمة المالية العالمية• ولكن ومهما كان حجم الاضطرابات التي سوف تحملها الأشهر أو السنوات القليلة القادمة فإن الأسس الجوهرية للتنمية والتطوير سوف تجلب معها في نهاية المطاف المستقبل الباهر لصناعة النفط والغاز في آسيا الوسطى• عن ''فاينانشيال تايمز''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©