الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حامد الغيثي: تخرجت من مدرسة الحياة و لا أخجل من إعاقتي

حامد الغيثي: تخرجت من مدرسة الحياة و لا أخجل من إعاقتي
12 يناير 2009 00:26
ليسوا ضعفاء ولا عاجزين ، يحملون بين جوانحهم عزماً وإرادة وصبراً وإيماناً بالله عز وجل وبقدره بعد أن اختار لهم أن يكونوا ممن ابتلاهم واختبرهم بفقدان إحدى نعمه كالسمع أو البصر أو العجز عن الحركة ، عوضهم سبحانه بمواهب وامكانات وقدرات خلاقة ·· إنهم أصحاب الإعاقات من ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن يعلموننا كيف نجتاز المحن، ونتخطى العقبات والمصائب ونتكيف مع الحياة ومعطياتها· حامد حمدان سليمان الغيثي، شاب في مقتبل العمر،ابتليّ بإعاقة حركية سببها شلل دماغي أصيب به منذ ولادته، ودأبت أسرته على علاجه وتوفير سبل الراحة والأمان له ما أمكنها ذلك من جهد ونفقات، فلم تنبذه ولم تهمله كما تفعل بعض الأسر، وانما رضيت بمشيئة الله سبحانه، وأحاطته بكل سبل العناية والرعاية· حامد الغيثي، يبلغ من العمر نحو 25 عاماً يتحدث بثقة عن نفسه ويقول: ''لقد حرمني المرض وإجراء العمليات المتكررة من التعلم في سن مبكرة، لكنني أمتلك من المعرفة والثقافة ما يفوق خريج الجامعة، لأنني لا أترك وسيلة يمكن أن أثقف بها نفسي إلا واستفدت منها أو مارستها منذ طفولتي، فوالدي له اهتمامات أدبية ويكتب الشعر، وحرص ولا يزال يقرأ لي الكتب المتنوعة، ومن ثم عشقت لغة الضاد، وأصبحت أتحدث بها باتقان، كذلك أعشق الشعر القديم وأحفظ منه الكثير، وأتابع نشرات الأخبار والبرامج السياسية والثقافية وغيرها بانتظام ··· '' وأضاف الغيثي بحضور ولباقة بارزين : ''تعلمت في مدرسة أهم من المدارس التقليدية، هي مدرسة الحياة، وتعلمت الكثير من خلال مجالستي لأصحاب الخبرات والتجارب الذين أحتك بهم وأحاورهم، وأقلد الأنموذج الايجابي فيهم، فأنا منفتح على الآخرين لا أخاف ولا أخجل من إعاقتي على الاطلاق !'' علت مسحة حزن على وجه الغيثي عندما قال: ''ليت والدي أدخلني المدرسة في سن مبكرة لأتعلم القراءة بدلا من انشغاله بعلاجي الذي لم أستفد منه إلا القليل ···''، لكنني أعلم أنه لم يكن بوسعه أن يقصر بحقي بأى صورة من الصور''· وأضاف الغيثي: ''لقد التحقت حديثا بمدرسة عبد الرحمن الداخل لتعليم الكبار في الفترة المسائية، وأنا الآن في بدايات تعلمي القراءة ، وكم ترددت في ذلك خوفا من عدم القدرة على التكيف مع غيري من الأصحاء لكنني تجاوزت ذلك كله والحمد لله''· أشرقت ابتسامة دافئة على وجه الغيثي عندما تحدث عن التحاقه بمركز العين لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي وصفه بأنه أكثر مكان يشعر فيه بالراحة والطمأنينة والفرح، وذلك لأنه يرى إعاقات غيره فيعرف أنه ليس الوحيد الذي لديه إعاقه في هذا العالم، بل هناك الكثيرون غيره، وربما يكونوا أسوأ حالا منه، ويجد نفسه هناك بين أناس يحترمونه ويحبونه ويشحذون همته نحو مواصلة دراسته ومواكبة الحياة والتكيف معها، وأوجز وصفه للمركز بقوله: ''المركز حياتي!''· شهادة حق أخبرنا محمد خميس الحدادي - مدير المركز - عن الغيثي بقوله: ''حامد شاب اجتماعي ومحبوب ولديه صداقات مع جميع موظفي ومنتسبي المركز لما يتمتع به من لباقة وكياسة وثقافة عالية، ورغم أنه تجاوز السن القانونية لمنتسبي المركز، لكننا اعتبرناه متطوعا ومستمعا يحضر بانتظام إلى المركز كل صباح دون انقطاع ، كما أنه كان يرفض دخول المدرسة خوفا من حرمانه فرصة الحضور إلى المركز، لكننا بعد محاولات جادة ومتكررة أقنعناه بالحضور صباحا والذهاب إلى المدرسة مساء'' وسره ذلك ···'' ويثني الحدادي على والد الغيثي لمواظبته على التواصل مع المركز وحضور الاجتماعات والندوات التي تعقد لأولياء الأمور'' · كما أشارت نعيمة الشامسي - الأخصائية الاجتماعية بالمركز - الى الغيثي وقالت: ''لقد عملنا جاهدين على تعزيز ثقة حامد بنفسه وبالآخرين، ولم نعامله كإنسان معاق بل كفرد سوي، لقد كان في عزلة وانطوائية قبل التحاقه بالمركز، ونحن كما يؤكد والده أننا نجحنا في إخراجه منها، كما نحفزه ونقوي شخصيته من خلال اشراكه في المناسبات والاحتفالات التي يقدمها المركز من خلال إلقاء الكلمات التي نعدها له بالإضافة إلى مشاركته في الإذاعة المدرسية ···'' وتتمنى الشامسي من المجتمع أن يغير نظرته الى المعاق، وذلك بالنظر إلى إمكاناته وقدراته لا إلى إعاقته· كما وأعرب الحدادي مدير المركز عن أمله في أن تضاعف المؤسسات والجهات المختصة بأمور ذوي الاحتياجات الخاصة من جهدها في توفير خدمات أخرى لهم هم بأمس الحاجة إليها، وأن تأخذ هذه الجهات المشورة من مراكز التأهيل فيما يحتاجه المعاق من خدمات وحاجات ليواصل حياته ويأخذ حقوقه كغيره من أفراد المجتمع.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©