الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المندوس.. خزانة تحمل أمانة الجدات لعروس الحاضر

المندوس.. خزانة تحمل أمانة الجدات لعروس الحاضر
25 ابريل 2009 00:12
يلفت الأنظار بصفائحه المعدنية اللامعة وبنقوشه اليدوية وزخارفه الجميلة التي تضفي عليه جمالاً من نوع خاص ليغدو تحفة فنية أصيلة تنثر عبق الحياة الماضية البسيطة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا الذين صنعوا بأبسط الأدوات كل ما يحتاجونه بفن ومهارة وإتقان. إنه «المندوس» الصندوق الخشبي الذي مثّل لأجدادنا خزانة الثياب والأشياء الثمينة، وتناقلته الأجيال حتى يومنا هذا.. لكن هل لايزال المندوس يحافظ على مكانته وقيمته الكبيرة التي كان يحتلها في البيوت قديماً؟ تقول غاية الظاهري- خبيرة التراث في «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث»: المندوس -جمعها المناديس- صناديق خشبية تختلف حسب نوع الخشب الذي صنعت منه، ويعتبر أجودها هو المصنوع من خشب «القرط» نظرا لصلابته ومقاومته للماء والعوامل الجوية كالرطوبة وغيرها، لذا يشبّه بقوة وصلابة الصخر كونه يعمر طويلا إذا تمت المحافظة عليه، كما يتميز بلونه البني المحمر ويعتبر من المقتنيات الثمينة التي تورث بل إنه من أهم ما تجهز به العروس، ويسمى هذا النوع من المناديس «سرَتي مشمَس». سمي لاحتوائه على جيوب أو أدراج داخلية سرية تُدس فيها الأشياء الثمينة كالمجوهرات واللؤلؤ والنقود والأمانات وعقود البيع والشراء، وعقود الزواج وغيرها، ويقفل عليها بقفل منفصل غير القفل الخارجي للمندوس، وهو مزين من الخارج بدبابيس نحاسية لامعة تعكس الضوء الساقط عليها، ليكون المندوس بذلك تحفة فنية رائعة تفتخر النساء بشرائه، خاصة هذا النوع بالذات، إذ لا يكتمل جهاز العروس إلا به». وتشير الظاهري إلى بعض أنواع أخرى من المناديس، فتقول: «هناك «مناديس» أخرى مصنوعة من خشب شجر «السدر» تتميز بندرتها وارتفاع ثمنها ومتانتها، كونها تصنع من جذع واحد يحفر في جذع الشجرة بعد قطعه وبدون استخدام المسامير أو المادة اللاصقة إذ يصنع بطريقة تسمى تداخل الخشب، وبعد أن ينتهى من صنعه النجار يتولى الصائغ عملية تزيينه أو الحفر عليه فهذا النوع من الخشب يعرف بسهولة الحفر والنقش عليه حيث يقوم صاحب «المندوس» باختيار النقش أو التصميم الخاص بالزينة وفق رغبته مستعينا برسومات موجودة عند الصائغ خاصة بزينة «المناديس» على شكل ألواح جصية أو طينية». وتسترسل الظاهري، وتقول: «ثمة أنواع من «المناديس» تستخدم لحفظ أشياء مختلفة ولكنها لا تسمى «مناديس» بالمعنى المتعارف عليه، ومنها «السحارة» عبارة عن صندوق مصنوع من خشب عادي لا نقوش عليه ولا تزيين بالنحاس، يكاد لا يخلو منه بيت نظرا لتكلفته البسيطة واستخداماته الكثيرة بجانب المندوس. وكذلك هناك صندوق يسمى «التنكة» مصنوع من المعدن الملون، وفي الغالب يتم استيراده من الهند وتوضع فيه «زهبة العروس» أي جهازها. وتبين الظاهري أن هناك نوعاً آخر من الصناديق يسمى «البشتخته» وهو صندوق صغير يشبه صندوق المجوهرات لكنه يحتوي من الداخل على تقسيمات وجيوب سرية لها أقفال خاصة تحفظ بها النقود واللؤلؤ وأدوات فرزه وأوزانه وغيرها، ويستخدمه النواخذة والتجار والأغنياء أكثر عن غيرهم، حيث يضعون فيه مقتنياتهم الثمينة، كما أنه يصنع من الداخل من الخشب ويلبس من الخارج بالمعدن لحمايته من الحريق أو الرطوبة أو تسرب الماء إليه». يواصل أهل الإمارات وعمان وغيرهم من دول الخليج العربية اقتناء «المناديس» حتى يومنا هذا، وإن كانت هناك فروقات بينها في الماضي والحاضر، تشير إليها الظاهري، تقول: «شكلت صناعة «المناديس» في الماضي حرفة أصيلة اتخذها الأجداد، وكانوا يمضون في صناعة واحدها نحو شهر وأحياناً شهرين، ويتفاخر صانعها بمهارته في صنع هذه القطعة الفنية القيّمة التي سيورثها للأجيال من بعده، أما الآن فلم تعد هذه الحرفة تجد اهتماما عند جيل الشباب كما أن توفر المال يدفعهم لشراء الصناديق التي يريدونها جاهزة». وتشير الظاهري إلى رغبة الدولة في إحياء هذه الحرفة التراثية ومنع اندثارها عبر صناعة المناديس في المنشآت الإصلاحية واستيراد بعضها الآخر من الخارج، ولكن الحديث منها لن يبلغ جودة صنع ونوعية خشب ونحاس «المندوس» الذي كان يصنع قديماً، كما أنه في الماضي كان يستخدم لأغراض في غاية الأهمية لكنه الآن يستخدم كنوع من الكماليات والاكسسوارات التي توضع في المنزل ويقدم كهدية للعروس، أو توضع فيه العطور أو البخور أو الحلوى المراد تقديمها هدية».
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©