الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساركوزي··· متاعب وتردد وقلب ديجولي

ساركوزي··· متاعب وتردد وقلب ديجولي
21 أكتوبر 2007 00:53
خلال الشهر الماضي ملَّ مجلس بلدية ''سانات''، القرية الواقعة في قلب فرنسا وتضم 380 نسمة، من الرئيس ''نيكولا ساركوزي'' إلى حد قرر المجلس إزالة الصورة الرسمية للرئيس المعلقـــة في مقر البلديـــة، وأوضـــح ''هنري سوثـــون'' -عمدة البلدة البالغ من العمر 81 عاماً- بعدما وصف الخطوة بأنها ''متمردة قليلا''، أن المجلس البلدي لا يوافق على أسلوب ''ساركوزي'' الإمبريالي والأناني في العمل· وقال عمدة البلدة، الذي يعتبر نفسه رجلا من اليسار، ''إن قرارنا نهائي، وليس عندي ما أضيفه''، مؤكدا أن سكان القرية صوتوا لصالح الاشتراكيين لمنع وصــول ''ساركوزي'' إلى السلطــة، ولــكن هذا لم يحدث· فبعد مرور خمسة أشهر على رئاسة ''ساركوزي'' بدأ شعور بعدم الارتياح يطفو إلى السطح، ليس فقط في أوساط خصومه السياسيين، بل حتى داخل أروقة الحكومة وحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم الذي ينتمي إليه؛ فقد طرح الرئيس البالغ من العمر 52 عاماً دفقاً من المبادرات الاقتصادية والسياسية تهدف إلى تغيير الطريقة التي تنجز بها الأمور في فرنسا، وهو ما أثار العديد من الأسئلة حول وجود استراتيجية متماسكة تدعم تلك المبادرات الإصلاحية؛ وبإسناده بعض المناصب العليا إلى شخصيات تنتمي إلى اليسار، أغضب ''ساركوزي'' الكثير من الموالين لمعسكر المحافظين، كما أنه أربك العديد من وزرائه من خلال معارضة أقوالهم علــى المـــلأ· في الماضي وتحديداً في عام 1995 تم التخلي عن محاولة مماثلة تهدف إلى إلغاء الامتيازات المرتبطة بالمعاشات بعد تنظيم إضرابات لثلاثة أسابيع شلت الحياة الاقتصادية بفرنسا؛ ومع ذلك أبدا ''بيرنارد تيبو'' -زعيم أقدم اتحاد فرنسي وأكثره نفوذا- استعداده للتفاوض، مؤكداً عدم رغبته في تنظيم إضراب يدوم طويلا· وفي الوقت نفسه يراهن ''ساركوزي'' الذي نظم حملته الانتخابية على أساس تغيير البلد ودفع فرنسا ''للعمل أكثر والكسب الأكثر''، على مساندة الرأي العام، قائلا ''لقد انتخبت لكي أعالج بالضبط هذه القضايا''· وفي هذا السياق يقول ''كلود جيو'' -كبير موظفي ساركوزي وأحد أقرب مستشاريه-: ''إنه يعرف الرغبة القوية لدى الفرنسيين للتغيير، لقد ركز على ذلك طيلة حملته الانتخابية ونجح في إغراء الرأي العام· واليوم هو فقط يفعل ما قال إنه سيفعله، وأعتقد أن ذلك سيستمر في اجتذاب الرأي العام''· بيد أن الإغراء لوحده قد لا يكون كافياً لإحلال التغيير· ففرنسا تعتبر البلد الأكثر إنفاقاً على القطاع العام في الاتحاد الأوروبي مقارنة بناتجها الإجمالي المحلي، كما أن الموازنة العامة لسنة ،2008 التي يصل عجزها إلى 59 مليار دولار، تفترض نسبة نمو كبيرة لا يعتقد حتى الذراع الإحصائي للحكومة أنه قابل للتحقيق؛ ويوضح هذا الأمر الوزير الأول ''فرانسوا فيون''، الذي قال في الشهر الماضي بأن الدولة في فرنسا دخلت مرحلة ''الإفلاس''، وفي هذا الصدد يقول ''مانويل فالز''، أحد السياسيين الاشتراكيين ''المشكلة الأساسية بالنسبة لساركوزي ليست في التغيير الذي يريده، لأن البلاد انتخبته من أجل ذلك، بل في المتاعب التي يواجهها الاقتصاد اليوم''، مضيفاً أن ساركوزي ''ليس من معتنقي الليبرالية الاقتصادية مثل ''تاتشر''، أو ''ريجان'' بل يظل ديجولي القلب، لذا فإن الاستراتيجية التي اختارها لا تخدم النمو الاقتصادي''· لكن ''ساركوزي'' ليس من النوع الذي يقبل الانتقادات، أو التفكير السلبي، فراح بدلا من ذلك يعتمد على حكومة موازية من المستشارين، وفي بعض الأحيان تعيينهم كوزراء· فبعد تركيزه في حملته الانتخابية على القضايا التي تهدف إلى استمالة الناخبين من أقصى اليمين المتطرف في الجبهة الوطنية، لجأ ''ساركوزي'' بعد فوزه إلى اليسار حتى يبدد الانطباع من أن الإصلاح سيكون مؤلما، وعلى سبيل المثال كان على الحكومة تغطية 13 مليار دولار من العائدات بعدما أقر البرلمان قانونا لتخفيض الضرائب في فرنسا، وعندما أعلنت وزيرة المالية ''كريستين لاجارد'' بأن موازنة 2008 تعكس سياسة قوية، تعرضت لانتقادات من قبل كبير موظفي الرئيس ''ساركوزي'' وهو نفس الانتقاد الذي وجه للوزير الأول ''فيون'' عندما أعلن بأن مبادرة إصلاح الخدمة المدنية أصبحت جاهزة للانطلاق· وقد انتقدت الموازنة العامة لسنة 2008 التي اقترحتها حكومة ''ساركوزي'' بأنها لم تقلل من الإنفاق العمومي، أو التخفيف من الدين، فضلا عن فشلها في الحد من العجز الذي تعاني منه الموازنة· وفي هذا الإطار أكدت صحيفة ''لوموند'' في افتتاحيتها ''من دون تماسك حقيقي، أو طموحات واقعية يبدو أن خطط الحكومة ترمز إلى التردد أكثر منه إلى شيء آخر''· مراسلة نيويورك تايمز في باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©