الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوش ··· بعد الأيديولوجية يعتمد المهنية

بوش ··· بعد الأيديولوجية يعتمد المهنية
21 أكتوبر 2007 00:54
إليكم هذه السخرية الصاعقة عن الرئيس بوش وهو يشارف على نهاية ولايته؛ ففي قمة ضعفه وفي الوقت الذي ترنحت فيه رئاسته وبلغت مصداقيته إزاء شعبه الحضيض، لجأ بوش إلى تشكيل فريق له من المستشارين، يعتبر كل أعضائه ممن هم الأرفع كفاءة والأكثر براجماتية من الناحية السياسية، قياساً إلى كل مستشاريه الذين عاونوه منذ توليه مهام منصبه الرئاسي في البيت الأبيض في عام ·2001 لكــم ألا تصدقوا ما أقوله في هذا الشأن، ولكن استمعوا إلى تعليقات أذكى خصومه الليبراليين والديمقراطيين عن هذا الفريق الذي اختاره، فيما يعد أذكى قرار له في هذا العام الكارثي الخامس من ولايتــه· من هـــؤلاء قال ''ويليــام جلاستون'' -المستشار السابق للشؤون الداخليــة في إدارة الرئيس بيل كلينتون-: ''لقد ذهلت حقاً لاختيار بوش لهذا الفريق الباهر من المستشارين؛ وهم في اعتقادي من أقوى العناصر داخل البيت الأبيض وخارجــه''· أما ''رتشـــارد دانزينج'' -وزير البحرية السابق في إدارة كلينتون، ومستشار السياسات الخارجية لحلمة المرشح الرئاسي الديمقراطي باراك أوباما لعام 2008-، فقد جـــاء تعليقـــه كمــا يلي: ''أعتقـــد أن تعيين بوش لفريـــق من المستشارين أكثر براجماتيـــة قد أفضى إلى تحسن في سياساته''· ولكي نضرب مثالاً واحداً لأعضاء هذا الفريق هنا، فلنتحدث عن ترشيح بوش للقاضي الفيدرالي المتقاعد ''مايكل موكازي'' كي يتولى منصب ثالث مدع عام له في ولايته الحالية؛ فالمعروف عن ''موكازي'' أنه ليس أيديولوجياً له خصوم وأعداء، كما أنه ليس ''بوشي'' تابعاً، بل المعروف عنه أنه قانوني مهني من الطراز الأول، وأنه مستقل برأيه، وأن الشيء الوحيد الذي جذب إليه البيت الأبيض هو خبرته الواسعة في مجال قانون الأمن القومي، إلى جانب احتمال مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه في المنصب دون جدل كبير بينه والإدارة· وإذا ما بدا هذا المثال ناصعاً ومقنعاً، فإنه يلزم القول إن ''موكازي'' ليس حالة استثنائية في اختيار أعضاء فريق المستشارين الأخير هذا· فبالنظر إلى عدد من الوظائف الاستشارية العليا الأخرى أيضاً فقد اضطر حتى أكثر منتقدي إدارة بوش وأشدهم عداءً له إلى الاعتراف بأن التغييرات الأخيرة التي طرأت على طاقم بوش، تعد الأكثر إيجابية طوال فترة ولايتـــه في السنـــوات الخمس الماضية· ومن رأي الكثير من المشرعين وخبراء الأمن القومي أن تغيير ''دونالد رامسفيلد'' وزير الدفاع السابق واستبداله بخلفه الحالي ''روبرت جيتس'' كان قد مضى عليه وقت طويل قبل أن يتحقق أخيراً· هذا ويعرف عن ''جيتس'' أنه من خريجي المدرسة السياسية التقليدية الواقعية، وقد عمل مع ''بوش الأب''· وفي الوقت نفسه كان قرار تغيير قيادة وكالة سي آي إيه بتعيين الجنرال ''مايكل هايدن'' بدلاً لـ''بورتر جوس'' ما يعبر عن خطوة جدية نحو ''تسليم الخبز إلى خبازه'' أي تعيين شخصية مهنية ذات خبرة واسعة في مجال العمل الاستخباراتي، بدلاً من ترك زمام قيادتها لسناتور سابق ليس له من مؤهل أو كفاءة للخدمة، عدا عن صلاته الوثيقة بقيادات الجمهوريين· كما وجد بوش في شخصية ''هنري بولسون''، الرئيس السابق لـ''جولدمان ساكس'' ضالته في كفاءة اقتصادية قادرة على تولي منصب وزير خزانته ومستشاره الاقتصادي، فضلاً عن كونه الناطق الرسمي باسمه في هذا المجال· وعلى رغم الانتقادات الكثيرة التي وجهت إلى ''مايكل شيرتوف'' وزير الأمن الوطني، خاصة فيما يتعلق بضعف استجابته لكارثة إعصار كاترينا، إلا أنه يظل أفضل بكثير من سلفه ''توم ريدج''· أما داخل البيت الأبيض، فتظل السلطة حكراً بيد موظفي واشنطن القدامى، من أمثال رئيس الطاقم ''جوش بولتين'' والمستشار ''فريد فيلدينج'' وزميله ''إد جليسبي''؛ ولهؤلاء جميعاً عيون مفتوحة على ما يمكن أن يطرأ من تغيرات على إدارة البيت الأبيض في ظل وجود كونجرس يهيمن عليه الديمقراطيون؛ غير أنه يلزم الاعتراف بأن قادة ''مافيا تكساس'' التي صحبت بوش لحظة وصوله إلى البيت الأبيض، قد انفضّ سامر معظمها· واليوم لم يعد هناك وجود لكارل روف ولا لدان بارتليت ولا هارييت مايرز، ولا لجو ألبوف أو جونزاليس· وبذهاب كل هذا العدد من المستشارين الذين ارتبط وجودهم بالسياسات الكارثية التي وسمت إدارة بوش خـلال السنـوات الماضية، فقد انفتحت أبواب البيت الأبيض لاستقبال طاقم جديد، طالما نظرت إليه الدوائر الجمهورية والمحافظــة في واشنطن على أنه أقل خطراً على شــؤون الحكــم وتصريف مهــام الرئاسة· أما فيما يتصل بالحرب على العراق، فقد انفض سامر دعاة الحرب وقارعي طبولها ومهندسيها من أمثال ''دونالد رامسفيلد'' والجنرال ''تومي فرانكس'' و''جورج تنيت'' رئيس المخابرات السابق، إلى جانب كبار مستشاري البنتاجون السابقين من شاكلة و''ولفوفيتز'' و''دوجلاس فيث''· وعلى رغم بقاء اثنين من أشهر صقور الحرب ومروجيها: ''ديك تشيني'' الذي لا يزال يتولى منصبــه كنائب للرئيس، و''كوندوليزا رايس'' مستشارة الأمن القومي السابقة، التي تولت مهام الخارجية حالياً، إلا أنهما أصبحا محاصرين بالشكوك والانتقادات الحادة الموجهة لمسار السياسات المطبقـــة في عراق ما بعـــد الحــرب· كما يجدر الذكر بأن في تعيين بوش للجنرال ''ديفيد بترايوس'' والسفير ''رايان كروكر'' لقيادة العملين العسكري والدبلوماسي في بغداد ما يدعم وجهة هذا التحول المهني -بدلاً من الولاء السياسي- في سياسات بوش للعام الحالي· وفي كــل هذا ما يعبر عـن وجهـــة إيجابيــة بالتأكيـــد· غيـر أن السؤال هو: ما هي التوصيات التي سيشير بها طاقم المستشارين هذا إلى بوش؟ وهل سيستمـع إليها؟! مراسل صحيفة واشنطن بوست في البيت الأبيض ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©