الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صندوق النقد الدولي••• دور أكثر جرأة

صندوق النقد الدولي••• دور أكثر جرأة
25 ابريل 2009 00:21
داخل قاعة فسيحة للمؤتمرات وسط العاصمة الأميركية واشنطن، يجتمع كبار الشخصيات مرتين في العام في إطار اجتماعات دورية لصندوق النقد الدولي؛ غير أنه قريباً، قد تلعب هذه القاعة دوراً بارزاً ضمن عملية تحول الصندوق إلى معادل حقيقي لمنظمة الأمم المتحدة في الاقتصاد العالمي• هذه الصورة، صورة صندوقِ نقدٍ دولي خضع لتغيير جذري - تغيرَ دورُه في الاقتصاد العالمي خلال السنين الأخيرة إلى دور استشاري في الغالب - بدأت تتضح ملامحها من خلال الوثائق الداخلية للصندوق وحوارات وتقارير لمراكز بحثية• ومن المنتظر أن يشرع وزراءُ مالية البلدان الكبرى في الانكباب على بحث التفاصيل الصعبة لتغيير شكل صندوق النقد الدولي نهاية هذا الأسبوع، حين يلتقون في واشنطن بمناسبة الاجتماع نصف السنوي للمنظمة• ولئن كانت التغيرات، التي أشار إلى خطوطها العريضة باختصار الرئيسُ أوباما وزعماء آخرون من مجموعة العشرين في لندن في وقت سابق من هذا الشهر، قد تستغرق أشهراً، بل سنوات، حتى تتجسد، فإن الصندوق متأكد من أنه سيلعب دوراً مركزياً في إدارة الاقتصاد العالمي• ونتيجة لذلك، فإن واشنطن تستعد لتصبح مركز القوة بالنسبة للسياسة المالية العالمية، على غرار نيويورك التي حولتها الولايات المتحدة إلى مركز عالمي للدبلوماسية• اليوم، تزداد مهمة صندوق النقد الدولي اتساعاً، لدرجة أن مديره دومينيك ستراوس قال في حوار معه إن المنظمة - التي عرفت تقليصاً لعدد موظفيها العام الماضي قبل أن تجتاح الأزمةُ المالية العالمَ - قد تعمل على زيادة موظفيها خلال الأشهر المقبلة، مع إمكانية خلق عشرات الوظائف المجزية في العاصمة• وتعليقاً على هذا الأمر، يقول ''سي• فريد برجشتون''، مدير معهد ''بيترسون'' للاقتصاد الدولي: ''إن صندوق النقد الدولي يتغير، ومعه ستكون ثمة تغيرات كثيرة بخصوص الطريقة التي يدار بها الاقتصاد العالمي''، مضيفاً ''إن دوره سيتغير بشكل جذري؛ فنحن نتحدث عن مراقبة التحفيز المالي، والانتقال نحو تنظيمات أكثر حزماً وصرامة بالنسبة للمؤسسات المالية، و إدارة الاقتصاد العالمي على نحو لم نره من قبل''• والواقع أن الأزمة الاقتصادية بدأت منذ بعض الوقت في إحداث تغير ثقافي عميق متمثل في ابتعاد صندوق النقد الدولي عن المهمة التي طالما اضطلع بها: نشر الرأسمالية عبر العالم• فالصندوق، الذي أُسس في نهاية الحرب العالمية الثانية بهدف الحفاظ على الاستقرار في أسواق العملات العالمية، أصبح يعرف لاحقاً بـ''مقرِض الخيار الأخير'' بالنسبة للدول التي تعاني الأزمات، ولاسيما حين اجتاحت الحرائق المالية آسيا وأميركا اللاتينية في التسعينيات؛ غير أن تدخلاته من أجل المساعدة سببت البؤس والشقاء لكثير من البلدان الفقيرة، لأنها غالبا ما كانت مشفوعة بمطالب بالتقشف المالي وإصلاحات السوق الحرة باعتبارها علاجاً للبلدان النامية حتى وإن كان ذلك يعني أن تضطر البلدان إلى تقليص الإنفاق على قطاعي الصحة والتعليم• وإضافة إلى ذلك، يتوقع ''ستراوس'' أن يصبح صندوق النقد الدولي أقل أيديولوجية؛ فإذا كان منتقدوه يقولون إنه مازال يربط قروضه طويلة الأمد للبلدان الفقيرة بكثير من القيود، فإن الصندوق وافق خلال الأسابيع الأخيرة على قروض غير مربوطة بأي قيود لفائدة بلدان تتوفر على سجلات اقتصادية قوية حيث منح المكسيك 47 مليار دولار وبولندا 20,5 مليار دولار• في هذه الأثناء، تهب بلدان نامية - ومنها بلدان كانت زبونة للصندوق ذات يوم- لنجدة هذه المؤسسة المالية الدولية في إطار تعهد زعماء العالم في لندن بزيادة حجم الصندوق إلى تريليون دولار• وفي هذا الإطار تعتزم الصين، التي لديها حقوق تصويت أقل من بلجيكا، منح الصندوق أكثر من 40 مليار دولار مقابل تمثيل أفضل في مجلس الإدارة، في حين وعدت البرازيل، التي استفادت من إنقاذ مالي ضخم من الصندوق في أواخر التسعينيات، بتقديم 4,5 مليار دولار للمنظمة• بل إن ثمة حديثاً اليوم حول إمكانية أن يأتي المدير المقبل للصندوق- والذي جرت العادة أن يكون أوروبياً، بينما يكون مدير البنك الدولي أميركيا - من أحد البلدان النامية حيث كان علق ســــتراوس على هـــــذا الموضوع قائلا: ''لم لا؟''• مثل هذه التغيرات، بالنسبة لمنظمة طالما أثارت تخوفات وتحفظات العالم النامي، كانت في السابق من الأمور التي لا يمكن التفكير فيها• وفي هذا السياق، وخلال الأسبوع الماضي في ''ريو دي جانيرو''، قال الرئيس البرازيلي ''لولا دا سيلفا''، وهو زعيم نقابي سابق: ''لقد أمضيتُ عشرين عاماً من حياتي في حمل الملصقات التي تقول ''لا نريد صندوق النقد الدولي''• أما اليوم، فيقول وزير المالية إننا سنقرض الصندوق مالا''• إلى ذلك، يتجه صندوق النقد الدولي أيضاً نحو لعب دور قيادي كهيئة مراقبة للاقتصاد العالمي؛ غير أن جدلا كبيراً يدور حول بعد ونطاق الأحكام والقرارات التي قد يُصدرها، إضافة إلى الصلاحيات التي قد تُمنح له من أجل تطبيقها• فإلى جانب ''مجلس الاستقرار المالي'' الموجود مقره في سويسرا، يعتزم صندوق النقد الدولي تطوير معايير وقواعد خاصة للإدارة المالية، ابتداء بالقواعد التي تخص رواتب المدراء، وانتهاء بطرق تلافي انتشار الأصول السامة عبر البنوك العالمية• لكن لا أحد يتحدث بشكل جدي عن السماح للصندوق بفرض عقوبات من أجل ضمان احترام قراراته على غرار ما تفعله الأمم المتحدة• بل إن ثمة رفضاً قوياً حتى لمنح الصندوق سلطات مماثلة لتلك التي تتمتع بها منظمة التجارة العالمية في جنيف، والتي تُصدر أحكاماً وقرارات ملزِمة حول انتهاكات قانون التجارة العالمية• ويقول ''موشين خان''، مدير قسم شؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى السابق في الصندوق: ''من المفترض أن يقوم الصندوق بدور تنظيمي أكبر ويحاسب حتى البلدان الغنية••• ولكن عليّ رؤية ذلك حتى أصدقه، لأنه إذا كان ما سيقوله الصندوق لا يعجب البلدان الكبيرة، فإن الصندوق يحجم عن قولها''• أنتوني فايولا - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©