مسابقة أمير الشعراء نفضت الغبار عن تراثنا الشعري

تشهد الساحة الثقافية في موريتانيا حالياً حراكاً غير مسبوق، حيث أصبح الحديث عن الشعر والشعراء حديث الساعة في الشارع والمكتب وفي الصالونات التي كانت حكراً على السياسة والسياسيين، ويعيد الموريتانيون الفضل في ذلك للشاعرين الموريتانيين اللذين تألقا في مسابقة أمير الشعراء التي نظمتها قناة أبوظبي مؤخراً والتي فاز ولد الطالب بالمرتبة الثانية فيها بعد الشاعر الإماراتي كريم معتوق· ولأول مرة تتعاطى الحكومة الموريتانية مع حدث ثقافي بهذا المستوى من الاهتمام، حيث أشرفت وزارة الثقافة على حملات التعبئة لمناصرة القصيدة الموريتانية، كما كرمت الشاعرين في حفل ساهر في مبانيها بحضور شخصي لمعالي وزير الثقافة ولإعلام محمد فال ولد الشيخ الذي يسعى- حسب ما أفادنا به في هذا الحوار- لتجسيد خطة شاملة للنهوض بالثقافة في بلاد المليون شاعر· وفي هذا الحوار الخاص لـ''الاتحاد'' كان ولد الشيخ حريصاً على أن يجدد تحياته لدولة الإمارات على جهودها في دعم الثقافة والمثقفين في كل أنحاء الوطن العربي· والتالي نص الحوار: بلد مليون شاعر كوزير للثقافة ما ذا يعني لك تألق القصيدة الموريتانية في فضاء الشعر العربي من خلال مسابقة ''امير الشعراء'' التي نظمتها دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً بالنسبة لي تألق القصيدة الموريتانية بواسطة الشاعرين المبدعين محمد ولد الطالب وابوشجة شيء مهم جداً ويبعث على الفخر والاعتزاز بهما وبالقصيدة الموريتانية، وهو أيضاً تأكيد جديد على أن موريتانيا تستحق لقب بلاد المليون شاعر الذي أطلقه عليها بعض الأشقاء العرب في نهاية الستينيات من القرن الماضي· ولكن العديد من النقاد الموريتانيين ينزعجون من هذا اللقب، معتبرين أنه عبارة تدليلية أكثر من كونها حقيقة نقدية أنا اعتقد أن لقب بلاد المليون شاعر فيه الكثير من الصواب، لأنك لا تكاد تدخل بيتاً موريتانياً إلا وجدت فيه شاعراً، وقبل شهرين نظمت وزارتنا مهرجان الشعر الوطني السنوي ولاحظت إقبالاً مكثفاً للشعراء والشاعرات، وحسب ما أفادني به رئيس رابطة الأدباء والكتاب الموريتانيين فإن العاصمة نواكشوط وحدها فيها 1200 شاعر اغلبهم من الشباب، وهؤلاء الشعراء لديهم مواهب جيدة واعدة لا ينقصها سوى الرعاية والتأطير· مسؤولية من هناك جانب من المسؤولية يتعلق بنا نحن في الوزارة، وهناك جانب يتعلق بالروابط التي يحمل هؤلاء عضويتها، وبالنسبة لنا في الوزارة لن ندخر أي جهد في دعم وتاطير الشعراء الشباب· ما هي أسباب تهميش الثقافة والمثقفين في موريتانيا هناك أسباب مختلفة تضافرت لتفرز وضعية غير ملائمة لازدهار الثقافة خاصة عندما يكون هناك جو سياسي يخنق المواهب ويقيد الحريات العامة للفرد والمجتمع· وما هو رأيك في المثل القائل إن ''الأدب مأساة أو لا يكون'' أي أنه من رحم المضايقات، والمعاناة تولد الأعمال الأدبية والفنية الخالدة صحيح: ''مقولة الأدب مأساة أو لا يكون'' مشهورة، لكن هناك مقولة أخرى تقول إنه في ظل تقييد الحريات لا يمكن أن يكون هناك إبداع، وأنا شخصياً أميل لهذه المقولة، لأنه كلما شعر المبدع بالحرية كلما أبدع أكثر· الثقافة ما هي آلياتكم لتجسيد طموحكم للثقافة على أرض الواقع عندنا استراتيجية نعمل على تطبيقها في هذا المجال تسعى للتعريف بهذه المدن ليكون السائح على علم بها، وقبل ذلك نعمل على أن تكون مدننا التاريخية الأربع مجهزة بالبنى التحتية الضرورية لإقامة السياح· هذه الاستراتيجية تحت التنفيذ أم تحت الإعداد لا، نحن الآن في طور إعداد هذه الاستراتيجية بالتعاون مع وزارة السياحة· إذاً هذه استراتيجية جديدة، وقبل اقل من سنة كانت الوزيرة التي سلمتك حقيبة الثقافة تحدثني عن استراتيجية جديدة للثقافة، وقبل سنتين كانت هناك استراتيجية وطنية للثقافة، ألا ترى أن الثقافة ستغرق في بحر الاستراتيجيات على كل حال أنا لن ابتكر شيئاً جديداً، وسيكون عملي امتداداً لما أنجز قبلي· جوائز للشعر في حفل التكريم أيضاً كنت تخبئ مفاجئة سارة للشعراء، حيث أعلنت عن جوائز سنوية للمبدعين في مجال الشعر ماذا عن هذه الجوائز نعم: أعلنا عن تلك الجوائز، وكانت مبرمجة في خطة عمل الوزارة، ولكنني وجدت الفرصة مناسبة في حفل كبير كهذا لأعلن عنها مباشرة للمهتمين بها، وهي مع الأسف ستكون جوائز متواضعة بالنسبة لما شاهدناه في الإمارات العربية المتحدة، ولكن حسبها أنها ستكون بمثابة دعم وتشجيع للمبدعين وتحفيزهم على الإبداع، لان قناعتي الخاصة أن هناك الكثير من الطاقات والمواهب يجب تاطيرها لتبدع أكثر، وربما تتاح لها فرص للفوز بجوائز دولية وعربية أهم من الجوائز المحلية المتواضعة· في العام الماضي خلال المرحلة الانتقالية كان هناك مهرجان دولي للشعر هل ستنظم وزارتك الطبعة الثانية من هذا المهرجان بكل صراحة بالنسبة للمهرجان الدولي للشعر لا اعتقد انه يمكننا تنظيمه، لأننا حكومة جديدة، ولدينا ميزانيات محدودة، ومهرجان من هذا النوع مكلف جداً، وحتى من حيث النتائج والمردودية لست شخصياً مقتنعاً أن مهرجاناً كهذا له فائدة تذكر على الثقافة الموريتانية، وحسب رأيي الخاص يجب أن نتدرج في الأمور حيث ننظم مهرجاناً في السنة القادمة على مستوى المغرب العربي، وبعد ذلك ننظمه على المستوى العربي، وهكذا حتى نتدرج في خطواتنا· التعاون الثقافي وما ذا عن التعاون الثقافي الثنائي مع الدول العربية نحن نسعى لتطوير التعاون الثنائي بيننا مع كل الدول العربية، وقد نظمنا أسبوعاً ثقافياً في الجزائر بمناسبة احتفالات الجزائر بلقب ''عاصمة الثقافة العربية'' وقد كان أسبوعاً ناجحاً، وأشاد به المشاركون والصحافة الجزائرية رغم ضعف الوسائل المتاحة لتنظيمه متى ستحمل العاصمة الموريتانية ''نواكشوط'' لقب ''عاصمة الثقافة العربية'' اعتقد أن هناك سنوات تفصلنا عن هذا اللقب لسببين: أحدهما أن هناك دولاً سبقتنا لحجز اللقب، والثاني هو أننا نحتاج للتحضير الجيد وتوفير بعض البنى التحتية، فحتى الآن لا تتوفر لدينا مسارح أو قاعات العروض، وهذه اعتبرها اولويات بالنسبة لي، وقبل أن تكون جاهزة لا يمكننا الحديث عن استضافة أي عمل ثقافي أو فني ذا طابع دولي أو إقليمي· معنى كلامك أن موريتانيا غير جاهزة لاستضافة لقب ''نواكشوط عاصمة الثقافة العربية'' لا، هذا اللقب مرتبط بأمور أخرى لا تتعلق فقط بالمهرجانات، فاحتفالنا بنواكشوط عاصمة الثقافة العربية ستشاركنا فيه كل الدول العربية بتنظيم أسابيع ثقافية تعرض المشهد الثقافي والفني والتراثي الخاص بها، وهذا يستدعي منا رصد مبالغ طائلة من المال· الإمارات و أمير الشعراء كنت حريصاً على أن ابعث بتحية تقدير واحترام لدولة الإمارات العربية المتحدة التي يعود لها الفضل في تنظيم مسابقة ''امير الشعراء'' الهامة في هذا الظرف الحساس من التاريخ العربي، والتي- كما أسلفت- نجحت إلى حد غير مسبوق في توحيد العرب على كلمة سواء، فاعتقد انه في كل بيت عربي كان هناك من يتابع فعاليات تلك المسابقة الرائعة في جلساتها الأسبوعية التي نفضت الغبار عن تراثنا الشعري وأعادت الاعتبار للقصيدة العربية بعد أن كادت تهجر بفعل العولمة وثورة التقنية المتسارعة، وهذه جهود طيبة للاهتمام بالثقافة والمثقفين تذكر للإمارات فتشكر· كما كنت حريصاً على تهنئة الشاعر الإماراتي عبد الكريم معتوق الفائز بلقب أمير الشعراء لإبداعه المتميز وتمثيله المشرف لوطنه الإمارات، وأنا أجدد له من خلالكم التهنئة خاصة أنه بعث لي من خلالكم بالشكر والامتنان على تهنئتي له·