التغيير المستمر سمة المؤسسات الفعالة

التغيير هو العملية الوحيدة المستمرة بالمؤسسات؛ والمؤسسة الفعالة هي التي تتخذ خطوات متأنية لتدير التغيير بسلاسة ولن تنجح المؤسسة دائماً في ذلك ولكنها على الأقل ستحاول، فيمكن لعملية التغيير أن تحدث صداماً، ويمكن أن يكون الهدف الأدنى لمحاولات إدارة التغيير هو تخفيف آثاره على المؤسسة وعلى الموظفين· ولايكمن مفتاح النجاح لإدارة التغيير فقط في القائد الذي يميل للتغير والذي تسانده آليات التغيير الفعّالة فيجب على القائد أن يسلم أيضاً بأن التغيير ينفذه العاملون وأن تصرفهم ومساندتهم هما الأهم، ومن أهم أهداف إدارة التغيير هو تحقيق الالتزام بالتغيير· ويقول تقرير نشر في صحيفة ''وول ستريت جورنال'' انه في عصر المنافسة العالمية والابتكارات التكنولوجية والاضطرابات وعدم الترابط والفوضى يكون التغيير حتميا وضروريا، وعلى المؤسسة أن تعمل بكل إمكانياتها لتوضيح السبب في ضرورة التغيير ومدى تأثيره على كل فرد· علاوة على ذلك فيجب أن تبذل كل الجهود لحماية مصالح من يتأثرون بالتغيير، ومقاومة التغيير أمر حتمي وهنا يأتي دور الإدارة المحترفة في التغلب على المقاومات بأسلوب محنك، وهذا ما يجرنا للحديث عن مجموعة من الافتراضات التي يجب أن تضعها الإدارة في اعتبارها، خاصة عندما نعلم أن دورها لا ينحصر في الشؤون الإدارية فقط بل يتعداه ليتصل بالشؤون الإنسانية من خلال غرس القيم الإيجابية في نفوس الموظفين· وبالعودة إلى الافتراضات فإن على إدارة التغيير ألا تفترض أن جميع موظفي الشركة لديهم القابلية والاستعداد الطبيعي للتكيف مع التغيير في ظل مقاومة التغيير التي يتعذر اجتنابها، ولذلك فإنه يجب السيطرة على عملية التغيير وردود أفعال العاملين· وستنشأ لا محالة عقبات ومعوقات ومشكلات غير متوقعة وردود أفعال سلبية من جانب من يواجهوا بحقيقة التغيير، ومن الضروري تقديم رد على النقد المشروع الموجه للتغيير ومبررات إحداثه كما هو مخطط له، ولا تتوقع كذلك أن يقبل الجميع على هذا التغيير دون مساعدة، وهنا يجب تصميم برامج تدريبية تتلاءم مع احتياجات الموظفين· ولا تفترض أيضاً أن جميع الموظفين سيعلمون بشكل سلس ومنطقي وهذا ما يدعونا إلى الإشارة إلى أفضل الوسائل التي تحفز الموظفين ومن ثم تحقيق الأهداف المرجوة من المشروع حيث يميل الأفراد بشكل عام إلى العمل وفق اهتماماتهم، والمسئول عن هذه التغييرات لابد له من البحث عن حل الألغاز وفك الشفرات التي تقف وراء أفعال كل شخص ومتى عرف الحل ارتفعت درجة التفاهم بين الموظفين وبالتالي قلت المقاومة والمعارضة· ولا تفترض أن التغيير سيحدث بشكل أوتوماتيكي فور الإعلان عنه· حيث لابد من الاتصال والتواصل بين جميع الأطراف لما لهذا من دور كبير في بث روح الطمأنينة في نفوس من يرون أن التغيير أمر غامض ومبهم· ولا تفترض كذلك أن الشركة المقبلة على التغيير ستعمل بشكل نشيط وحيوي وهنا لابد من الإشارة إلى أن الشركة وأي شركة تعكس موظفيها سواء من حيث الرؤى أو الأسلوب وهذا ما يتطلب التعاون بين الجميع وتبادل الأفكار لآلية التغيير، وعلى المدير تشجيع مثل هذا الأمر وإزالة الحواجز بين مختلف الموظفين، كما يحتاج المدير ألا يكون الرئيس فقط بل في أوقات يستلزم عليه بأن يكون المدرب والمتدرب فالعلم لا حدود له، وأن يفتح أبوابه للجميع ويتقبل كافة الآراء بصدر رحب· ومن المسائل المهمة الأخرى ألا تفترض الإدارة أن تغيير ثقافة الشركة أمر سهل ويسير، فالثقافة متأصلة وتحتاج إلى وقت وجهد لتغييرها بالتدريج وفق ما يتلاءم مع وضع الشركة ووضع موظفيها، وليس بالضرورة تنفيذ كافة أفكار التغيير وفق ما هو مخطط لها حرفياً حيث قد تتغير بعض الأفكار والرؤى في منتصف الطريق بعد البدء في مشروع التغيير· أما فيما يتعلق بمدراء التغيير، فالتقرير يورد مجموعة من الافتراضات التي يوضح إحداها أن مدير التغيير في أي جهة عمل لابد وأن يمنح صلاحيات محددة وسلطة واضحة بقرار مكتوب ينص فيه على أنه القائد الفعلي لمشروع التغيير هذا· كما يركز التقرير على أهمية شخصية مدير التغيير وضرورة أن يتحلى بقدرات خاصة ومهارات معينة، فعلى سبيل المثال يظهر هنا التأثير العميق على الآخرين لما يسمى بالكاريزما وسحر الشخصية، إن المشاريع التي في حاجة إلى التغيير يجب أن تدار بواسطة مدير أو بالأحرى قائد ذي خبرة عميقة في هذا المجال، وإذا تعذر الحصول على مثل هذا القائد لابد من إيجاد فريق محترف يدعمه· إن تحقيق التغيير الدائم يتطلب التزاماً شديداً وقيادة مثالية من صفوة المسئولين، ومن الضروري فهم ثقافة المؤسسة ومستويات التغيير التي قد تكون فعالة، يجب أن تتناسب طبيعة المسئولين عن إدارة التغيير ومهاراتهم القيادية على جميع مستوياتهم مع ظروف المؤسسة واستراتيجيات التغيير الخاصة به، والتغيير يتضمن الفشل كما يتضمن النجاح وحالات الفشل يجب أن نتوقعها ونتعلم منها·