الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا ومهزلة الرحلات الآمنة

أميركا ومهزلة الرحلات الآمنة
22 أكتوبر 2007 00:01
عليك أن تنظر إلى كل هذا الحبر والوقت اللذين أهدرا في الكتابة عما يحدث في خطوط طيران ''ساوثويست'' الأميركية، فقد فرضت إجراءات سلامة تهدد باستبعاد الكثير من المسافرين من الانضمام إلى الرحلة الجوية المعينة، ما لم يلتزموا بالشروط والإجراءات الأمنية المحددة· وضمن ذلك فقد تعين على إحدى النادلات إطالة تنورتها وشد ياقة بلوزتها للأعلى قبل الصعود إلى متن الطائرة، بينما فرض على مسافر آخر إلى ولاية فلوريدا ارتداء قميصه مقلوباً لإخفاء شعار رأت فيه الخطوط ما يهدد أمن وسلامة الرحلة! وعلى رغم ما تثيره هذه الإجراءات من ضحكات وسخرية إزاء ما يحدث، إلا أن من الواجب القول إن وزارة الأمن الوطني، وإدارة أمن النقل التابعة لها، قد قطعتا شوطاً بعيداً في ابتكار مثل هذه الإجراءات التي ستؤدي حتماً لحرمان عدد كبير من المسافرين من الصعود إلى متن الطائرات، دونما أي ذنب ارتكبوه· يعد برنامج ''الرحلات الآمنة'' آخر حلقة في سلسلة الابتكارات الأمنية المنسوبة لإدارة أمن النقل، وبموجب إجراءات هذا البرنامج فقد أصبح من واجب الحكومة -وليست شركات وخطوط الطيران- مراجعة أسماء المسافرين ومقارنتها بقوائم أسماء الأفراد الموضوعين تحت الرقابة الأمنية، أو المشتبه بهم، قبل إبراء ذمتهم والسماح لهم باستكمال إجراءات سفرهم والصعود إلى الطائرات· ربما كان الكنديون أكثر من تبرم منه، والسبب أن رحلات بعض الشركات وخطوط الطيران التي تمر مجرد مرور فوق الأجواء الأميركية، تطالب بالحصول على معلومات وبيانات عن المسافرين فيها، أكثر مما يطالب به المسافرون داخل الولايات المتحدة نفسها، بل وتطالب الشركات هذه ركابها بتوفير المعلومات المطلوبة عنهم قبل ثلاثة أيام على الأقل من موعد إقلاع الرحلة المعينة، والمعلوم أن كندا قد تعاونت سلفاً مع جارتها الأميركية في إجراءات أمن الرحلات هذه، بما فيها الإعداد المسبق لقوائم المسافرين والبيانات المطلوبة عنهم، لكن وكما قال ''فريد جاسبر'' -نائب رئيس ''الاتحاد الكندي للنقل الجوي-: فما فائدة قوائمنا أصلاً، طالما أنها لن تكون كافيـــة لأميركـــا ولن تقتنع بها في نهاية الأمر؟! كما أبدى ''اتحاد العمل الفيدرالي الأميركي'' ضيقه من الإجراءات نفسها، وعبر عن ردود فعله المستنكرة إزاء رسالة كان قد بعث بها ''مايكل شيرتوف'' -وزير الأمن الوطني- إلى رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، والتي فصل فيها سياسات السلامة الجوية الجديدة، وقد حوت على مساس واضح بإجراءات أمن خصوصية جميع ركاب ومسافري الاتحاد الأوروبي، من ناحية المطالبة بضرورة الكشف عن الأصل العرقي للمسافرين، وكذلك الكشف عن دياناتهم وآرائهم السياسية والفلسفية، إلى جانب عضويتهم في النقابات المهنية والعمالية، بل وحتى حالاتهم الصحية وأنماط حياتهم الجنسية· والسؤال الذي أثاره ''اتحاد العمل الفيدرالي الاميركي'' رداً على غرابة السياسات هذه: ''منذ متى كان الانتماء النقابي للأوروبيين -دعك عن أنماط الحياة الجنسية للفرنسيين والألمان والهولنديين والبريطانيين والإيطاليين- مهدداً إرهابياً لأمن أميركا وسلامتها''؟! وورد في هذا السياق تعليق ''إدوارد ويتكيند'' -رئيس مكتب المدير التنفيذي لإدارة نقابات النقل باتحاد العمل الفيدرالي- بالقول: ''لا أحسب أن لجمع المعلومات الخاصة بالعضوية النقابية للأوروبيين، أدنى علاقة بالسياسات أو الإجراءات التي تتبناها وزارة الأمن الوطني، بقصد الحد من المخاطر الأمنية والإرهابية التي تهدد بلادنا· بل إن في ذلك تجاوزاً كبيراً إلى مناطق الخطر والتعدي على خصوصية المواطنين الأوروبيين''· ومما يدعو إلى السرور احتجاج بعض أعضاء الكونجرس عليها أيضاً، وكان تساؤل هؤلاء مختلفاً نوعاً ما من ناحية: هل تهتم إدارة أمن النقل بتفتيش طائرات الشحن بالحزم والدقة التي تتبعهما في تفتيش الركاب؟ ولم لا تتبع إجراءات التفتيش الأمني هذه في محطات صيانة الطائرات الأميركية مثل مصر وسنغافورة؟ وكان أشد أعضاء الكونجرس سخرية وتهكماً من هذه الإجراءات ''كلير ماكاسكيل'' -السناتور الديمقراطية من ولاية ميزوري- إذ قالت: ''أتمنى أن يوازي حزم إدارة أمن النقل في تفتيش ''ماسكرا'' المسافرات الأميركيات وأدواتهن التجميلية، حزماً مشابهاً في تشديد الرقابة الأمنية على محطـــات صيانـــة طائراتنا في الخــــارج''· وأخيراً فإن من المؤكد أن هذه الإجراءات لا تروق لشركات الطيران نفسها ولا لأصحاب الأعمال الذين يكثر تنقلهم وسفرهم جواً؛ والمشكلة أن مطلب تقديم البيانات والمعلومات التفصيلية الخاصة بالركاب في موعد أدناه 72 ساعة قبل موعد الإقلاع، لن يقتصر على الركاب الكنديين العابرين للأجواء الأميركية وحدهم، وإنما يشمل كذلك الركاب الأميركيين وغيرهم· والسؤال الذي يقلق شركات الطيران وأصحاب العمل، بل عامة المسافرين هو: وماذا بشأن من يقرر السفر في الدقيقة الأخيرة قبل الرحلة؟ كاتبة سياسية ومذيعة لأحد برامج الشؤون العامة بإذاعة لوس أنجلوس ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©