الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

فجوة رقمية في أفريقيا·· والصحوة ليست غداً

فجوة رقمية في أفريقيا·· والصحوة ليست غداً
22 أكتوبر 2007 23:25
في عالم الانفجار المعلوماتي الذي أصبح يعيشه البشر بكافة أحاسيسهم، أصبحت للبنى التحتية الرقمية دورها الفعّال في تحقيق النقلات التطورية للشعوب· ولم يعد في وسع دولة ما أو أمة من الأمم أن تنفض غبار التخلف إذا لم تعمد إلى نشر استخدام الكمبيوتر وتطبيقات الإنترنت على أوسع نطاق· ويبدو أن قارة أفريقيا لم تعِ هذه الحقيقة حتى الآن، مما جعلها تتحمل الآثار الاقتصادية والاجتماعية المدمّرة للتخلّف في تكنولوجيا المعلومات والتأخر في الانفتاح على المخزون الرقمي العالمي· ويقول تقرير نشرته مجلة (ذي إكونوميست) في عددها الأخير إنه عندما يتعلق الأمر بالحديث حول القوة الحاسوبية، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو أن هناك هوّة عميقة تفصل القارة الأفريقية عن عالم بثّ المعلومات عبر الإنترنت بالحزمة العريضة· ولا تزال أعداد من يمتلكون وسائل الإبحار في الإنترنت في القارة يقلّ عن 4 بالمئة؛ وهم يدفعون أعلى تكلفة في العالم للتمتع بهذه الخدمة؛ وحيث يتراوح الرسم الشهري للاشتراك فيها بين 250 و300 دولار بالرغم من أن الاتصال بالشبكة هو الأكثر بطئاً في العالم أجمع· ثم إن التجارة الإلكترونية لا تكاد تكون معروفة على الإطلاق في هذه القارة المنعزلة· ولو حاول المرء تمثيل دول أفريقيا التي تنتشر جنوبي الصحراء الأفريقية الكبرى وفقاً لمعدل الدخول إلى الإنترنت لبدت جميعاً بحجم دولة صغيرة كأيرلندا· وهناك 28 من أصل 48 دولة تنتشر في وسط وشرقي أفريقيا من التي تتصل بالشبكة العالمية (الويب) باستخدام أقدم تكنولوجيا معروفة على الإطلاق للاتصال بالأقمار الاصطناعية· وإذا ما أغفل المرء الوصلات الإلكترونية بالشبكة في شركات استثمار مناجم الألماس ومعسكرات القوات التابعة للأمم المتحدة، فيمكن أن يلاحظ غياب أي اتصال على الإطلاق بالإنترنت في مناطق شاسعة من القارة تضم الكونجو والسودان بالرغم من أنهما الدولتان الأكثر اتساعاً في أفريقيا· وحتى في دول مثل أوغندا، والتي قررت أن تصحو من غفلتها الرقمية وتبادر إلى تحقيق الاتصال بالشبكة العالمية، فإن ما تنجزه في هذا الميدان هو عمل متواضع جداً لا يمكن أن يرقى لمستوى تلبية الحاجة المتزايدة للسكان والتي أصبحت تفرضها سنن التطور والخروج من دائرة التخلف· وأشار تقرير مجلة (ذي إيكونوميست) إلى أن بحثاً ميدانياً أنجزته شركة مايكروسوفت أثبت أن 200 أوغندي فقط يستخدمون البريد الإلكتروني بشكل منتظم· وتظهر إحصائيات (مايكروسوفت) أيضاً أن عدد مستخدمي البريد الإلكتروني في غربي أفريقيا أكبر بقليل؛ ويعود ذلك إلى الكابل تحت البحري القديم المتصل بمحطة (سات-3) التي تحقق بدورها الاتصال اللاسلكي بالإنترنت عن طريق الأقمار الاصطناعية، والذي يحقق سرعة أكبر وتكلفة أقل في الاتصال بالشبكة العالمية· وفي شرقي أفريقيا، هناك الكابل تحت البحري الشهير الذي يمتد لمسافة 9900 كيلومتر عبر قاع المحيط الهندي من جنوب أفريقيا حتى السودان، والذي يفترض فيه أن يسهم في زيادة سرعة الاتصال بالإنترنت في المناطق الوسطى والشرقية لأفريقيا خلال السنوات القليلة المقبلة إلا أنه لم يوضع في حالة التشغيل حتى الآن· ويعاني الأفارقة أيضاً من العمل بأنظمة رقمية بالية عفا عنها الزمن، وبالانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، والافتقاد لمواقع محلية يمكن إثراؤها على الشبكة· ويضاف إلى كل ذلك أن التخاطب بين مستعملي الإنترنت يتم باستخدام العديد من اللغات المحلية، مما يجعل من العسير إنشاء واستخدام مواقع الشبكات الاجتماعية المتخصصة بتحقيق التواصل الرقمي بين مرتادي الشبكة عبر العالم· ومن المنتظر أن تسوء الأمور أكثر وأكثر بالنسبة للأفارقة لو استمرت ظاهرة الاحتكار الحكومي لقطاع الاتصالات· إلا أن من حسن الحظ أن معظم الحكومات الأفريقية رفعت أيديها عن هذا القطاع الحساس لصالح شركات عالمية لتشغيل الموبايل تتميز بمستوى أعلى من الشفافية والرغبة في نشر التقنيات المتطورة والاستثمار فيها· وتذكر إحصائية أنجزها البنك الدولي أن هذه الشركات العالمية جلبت حتى الآن أكثر من 25 مليار دولار للاستثمار في هذا القطاع في القارة السمراء· ويبدو للبعض أن للتخلّف وجهه الآخر، ذلك لأن تخلف القارة الأفرقية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يفتح أمام المزيد من الشركات العالمية فرصاً ذهبية للاستثمار فيها· وبهذا يمكن لهذه الشركات أن تحقق الأرباح المنشودة وتسهم في الوقت نفسه بإيقاظ القارة السمراء من غفلتها الرقمية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©