الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رواندا··· من الإبادة الجماعية إلى التكنولوجيا المعلوماتية

رواندا··· من الإبادة الجماعية إلى التكنولوجيا المعلوماتية
23 أكتوبر 2007 01:46
في غضون العامين المقبلين، سيتم ربط جميع المدارس في رواندا تقريبا -من البلدات النائية في الجبال إلى المناطق الحضرية- بشبكة الإنترنت؛ والأمر لا يتـــعلق بخدمة "Dial-up" البدائية والبطيئة، وإنما بخدمة الإنترنت عالية السرعة باستعمال كابلات الألياف البصرية، وتحدد رواندا لنفسها هذا الهدف وهي بلد لا يتوفر على الثروات النفطية الهائلة التي تزخر بها أنجولا أو السودان، أو ماس الكونجو أو جنوب أفريقيا، أو حتى نحاس زامبيا المجاورة، وهو ما يمثل دليلا على قوة الخيال والطموح· رواندا بلد يطمح أن يصبح مركزا إقليميا لتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا، في هذا السياق، يقول ''ألبيرت بوتاري'' -وزير الطاقة والاتصال الرواندي-: ''في عام 2000 قررنا التحويل من بلد يرتكز اقتصاده على الزراعة إلى اقتصاد قائم على التكنولوجيا''، والواقع أنه بالنظر إلى شبكتي الألياف البصرية المحيطة بالعاصمة ''كيجالي'' ومشاريع ربط مدن وأقاليم البلاد بالشبكة الوطنية، يمكن القول إن رواندا قد قطعت شوطا كبيرا نحو إتمام الربط الشبكي في البلاد· ولكن إذا كان حلم رواندا في أن تصبح ''سنغافورة أفريقيا'' -أي مركزا لتكنولوجيا المعلومات بالنسبة لدول أفريقيا الشرقية والوسطى الغنية بالموارد- يمثل مبعث فخر بالنسبة للحكومة، فإنه يشكل في الوقت نفسه مصدر قلق بالنسبة لبعض الروانديين· إذ ينظر المسؤولون الحكوميون وأصحاب الشركات الخاصة إلى التكنولوجيا العالية باعتبارها أفضل طريقة للرقي بواحد من أقل بلدان العالم تقدما، إلى وضع أفضل يؤهله للتنافس على صعيد دولي؛ في حين يرى نشطاء حقوق الإنسان المحليون أنه يجدر بمال رواندا أن يُنفق بشكل أكثر عقلانية على أمور أساسية مثل توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء· والحقيقة أن البلدان مثل رواندا، التي تصنف من بين أقل بلدان العالم تقدما، لا يمكنها أن تتحول إلى مراكز إقليمية للتكنولوجيا العليا بدون عراقيل؛ ذلك أن 60 في المائة من الروانديين يعيشون تحت خط الفقر -المحدد أنه يعادل أقل من دولار في اليوم-؛ بيد أن هناك بعض المؤشرات التي تبعث على الأمل والتفاؤل، ذلك أن 70 في المائة من الكبار في رواندا يستطيعون القراءة والكتابة، مما يجعل من البلد -إضافة إلى عامل كثافة السكان الذين يتحدثون جميعهم تقريبا نفس لغة الـ''كينيارواندا''- مكانا مؤهلا أكثر ليكون مركزا إقليميا للإنترنت مقارنة بجيران رواندا الأغنياء بالموارد والمتنوعين عرقيا والأقل تعليما· ومن خلال استثمار 65 مليون دولار على الإنترنت عالية السرعة -التي تندرج في إطار استراتيجية تمتد على مدى عشرين عاما وتهدف إلى تحويل البلاد من اقتصاد زراعي إلى اقتصاد للخدمات عالية التكنولوجيا- تأمل رواندا الاستفادة من موردها الأهم والوحيد، ألا وهو شعبها· وفي هذا الإطار، يقول ''أنتوان بيجيريمانا'' -رئيس شركة للبرامج الحاسوبية بكاليفورنيا لها مشاريع في رواندا-: ''ثمة تراتبية في المجتمع، فكل ما تقرر الحكومة فعله تفعله، لأن المجتمع يتبعها بانضباط كبير''، مضيفا ''صحيح أنه يمكن استغلال هذه الثقافة للقيام بأمور سيئة جدا مثل الإبادة الجماعية، ولكن يمكن استعمالها أيضا في أمور جيدة وإيجابية من أجل تحسين أحوال المجتمع''؛ والأمر الأساسي يكمن في استعمال التكنولوجيا التي تلائم ظروف رواندا وميزانيتها، وهكذا، فبالنسبة للمناطق الحضرية، سيتعين على رواندا أن تستورد أجهزة كمبيوتر في حدود 200 دولار· أما بالنسبة للمناطق الريفية حيث توجد الكهرباء بشكل ضعيف أو تنعدم، فإنه يوصي باستيراد أجهزة كمبيوتر تعمل بالطاقة الشمسية بقوة 12 فولت- 8 وات ويصل سعرها 70 دولارا· بيد أن مخططات رواندا في مجال التكنولوجيا العالية لا تلقى ترحيبا من قبل الجميع؛ فقد وصفت صحيفة ''نيوز لاين'' المستقلة المخطط بأنه هدر للمال العام، بينما انتقدت عدة منظمات هذه المخططات باعتبارها استثمارا في الغنى على حساب الفقراء؛ وفي هذا الإطار، يقول أحد نشطاء حقوق الإنسان الذي رفض الإفصاح عن اسمه: ''هذه الفكرة متقدمة جدا على الوضع الحالي لأغلبية الشعب''، مضيفا ''لا يمكنك أن تبني مدرسة وتأخذ طفلا إلى المدرسة قبل أن توفر له ما يأكل، ولا يمكنك الاستثمار في سياسة بعيدة المدى كهذه، في وقت يعاني فيه الناس من الفقر''· غير أن ''بيتر نييجينا'' -صاحب إحدى مقاهي الإنترنت في ''كيجالي''- كان أكثر حماسا عندما قال: ''لست أدري ما إن كنا سنصبح مثل سنغافورة، إلا أنه أمر جيد أن نعرف إلى أين نمضي''· ومن جانبه، يقول ''لوران بيسانسون'' -الخبير في مجال الاتصال بمكتب البنك العالمي في ''جوهانسبورغ''-: ''الأمر لا يتعلق بالاختيار بين الماء وشبكة الصرف الصحي من جهة، وتوفير الإنترنت عالية السرعة من جهة ثانية، ولكن إذا نظرنا إلى المدى المتوسط أو البعيد، فمن شأن الاستثمار العمومي في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، إضافة إلى التقنين الحكيم، أن يساعد على تجاوز الأساسيات، ويكون عاملا رئيسيا في استثمار القطاع الخاص الإضافي؛ وفي رواندا، أعتقد أن استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال لن يمكِّن نصف السكان الذين يستطيعون القراءة والكتابة من التقدم فحسب، وإنما سيعمل أيضا على الرقي بالنصف الثاني''· مراسل كريستيان ساينس مونيتور في كيجالي، رواندا ينشر بترتيب خاص مع كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©