الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المزروعي: سالم الجمري رمز من رموز القصيدة النبطية الإماراتية

المزروعي: سالم الجمري رمز من رموز القصيدة النبطية الإماراتية
12 فبراير 2012
قال الباحث والناقد في التراث الإماراتي الدكتور راشد المزروعي إن الشاعر الكبير المرحوم سالم بن محمد الجمري العميمي (1911 ـ 1991) يعتبر “أحد أهم وأبرز شعراء الإمارات الشعبيين، وأحد أشهر شعراء الخليج في الفترة الحديثة”، مضيفاً أنه “إذا كان لشعراء النبط في الإمارات في الفترة الحديثة متحدث وممثل لهم لدى الجماهير، فها نحن اليوم نعيش أجواءه”. وتناول المزروعي في محاضرة له ألقاها صباح أمس في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي سيرة حياة الشاعر الراحل وجوانب من شعره، قائلا إنه “شاعر شعبي أصيل، انغمست البداوة في دمه، ومزجها بالحياة في مدينة دبي، فهو الشاعر الغزلي الغنائي، شاعر البر والبحر، مرهف الحس، عاشق الجمال والمرأة، أبدع فيهما أجمل القصائد وأشهرها، لم يُخفِ ما يقوله بل نشره في جميع البقاع عن طريق تقديمه للجمهور مغنى بالعود، وبصوت الفنان الذي اكتشفه هو نفسه، وأخذ بيده، وكأنه الوسيلة التي أراد أن يقدم بها شعره إلى الجمهور في الإمارات، وهو الفنان علي بن عبدالله بن روغة الزعابي، صديقه ورفيق دربه وملهمه الشعر المغنى الذي شدا به، فأصبحا متلازمين، حتى أن ابن روغة اعتزل الغناء عندما توفي الجمري”. ويؤكد المزروعي قول أحد الشعراء “إن الشعر ليس فيه تلك الروعة والمعنى بعد الجمري وأحمد الهاملي ومحمد بن سوقات”. من حياته ويذكر المزروعي أن سنة ولادة الجمري، كما يذكر ابنه عجلان “كانت السنة التي هجم فيها الانجليز على دبي وسميت (ليلة الانجليز)، لمنع تجارة وتهريب السلاح”، أي في العام 1911 تقريبا، وقد تتلمذ الجمري على الشيخ الشنقيطي، وحفظ القرآن على يد الشيخ أحمد بن سوقات، وبعد أن تعلم القراءة والكتابة، بدأ في سن مبكرة الذهاب مع والده إلى الغوص، فبدأ “تبّابا”، ثم “غيصا” فـ”نوخذة”، وله في ذلك شعر منه: كم غصت في بحر لجته دية نجوم أجني من اللولو رفيع المساما ولا همني بحر وبرد ولا غيوم لو كان غمج مثل غبة “سلاما” كما عمل في صيد السمك وتنقل بين الشارقة ودبي، وتزوج في الشارقة زواجه الأول، لكنه ما لبث أن طلق زوجته، ليعود ويتزوج من جديد، قبل أن يهاجر إلى الكويت في العام 1950 سعيا لكسب الرزق، فعمل في البناء عاملا ينقل الاسمنت والخشب، فترك ذلك آثارا على وضعه الجسماني والروحاني، وبعد عامين يعود من الكويت فيتزوج مجددا، ويغادر إلى الدمام، فيتجه إلى العمل الكتابي (كاتب عرائض) ويتعلم التصوير ويبدأ العمل بهذه المهنة. وفي الدمام يلتقي بعدد من الشعراء الإماراتيين الذين كانوا يعملون هناك، ومنهم عبد اللاه بن عمير الشامسي وسعيد بن هلال الظاهري وإبراهيم الحديدي. ومن الشعراء السعوديين إبراهيم بن دعلوج. ومع عودته إلى دبي العام 1955 اضطر لتطليق زوجته، وبدأ العمل في بلدية دبي التي كانت قد أنشئت حديثا فعمل محصلا للضرائب من الصيادين، وكتب شعرا يشكو فيه للشاعر محمد الهاملي عن السمك والبحر والصيد، لكنه سرعان ما قرر العمل بالتجارة فسافر إلى الهند وزنجبار وسيلان، لكن هذا العمل لم يلائمه فعاد إلى دبي ليعمل في دائرة (الطابو)، وتزوج زواجه الأخير الذي أنجب منه ابنيه الوحيدين حمد وعجلان. مع بن روغة شعريا، كانت مرحلة تعرف الجمري على المغني بن روغة هي الأهم، ويروى عنه أنه قال لهذا المغني “إذا أردت أن تنجح في أغانيك باللهجة العامية، فيجب عليك أن تجيد الغناء البدوي مثل الشلة والونّة وغيرهما، وعلى منوالها حاول أن تناسب ألحانك”. وانتشرت قصائد الجمري بصوت بن روغة بسرعة مذهلة، رغم أنها كانت تسجل في دبي أو قطر وترسل إلى اليونان لطبعها ونسخها على الاسطوانات. وعليه يرى المزروعي أن الأغنية الإماراتية اشتهرت بفضل الجمري فهو “أول من كتب قصيدة الأغنية الشعبية في الإمارات، وقد حذا حذوه بقية الشعراء بعد ذلك.. ومن المعروف أن الجمري قدم للمغني بن روغة أكثر من مائة قصيدة، كما غنى قصائده كل من محمد سهيل وحارب حسن وميحد حمد وسعيد سالم”. أسلوبه الشعري ويوضح الباحث أن أسلوب الجمري تركز في “ألوان الردح الذي اتسمت به معظم قصائده الغزلية، ومن المعروف أن الردح هو الأنسب للغناء البدوي، كما قال الجمري في الونة والمقالات والشعر المثلوث والمربوع والغطاوي والألغاز”. ويضيف بخصوص أغراضه الشعرية أنها “تنوعت ما بين المدح والوطنيات والشكاوى والحكم والاجتماعيات، التي طغى عليها أسلوب المداعبات الذي يطلق عليه الأدب الساخر، إلى جانب الشعر الغزلي الذي تميزت به مسيرته، فأخذ منه ما يعادل ثلاثة أرباع شعره، حتى جاز أن نطلق عليه: بن لعبون الإمارات”. ونظرا لشهرة الجمري على مستوى الإمارات والخليج، كما يقول المزروعي، فقد سعى الكثير من الشعراء للقائه ومشاكاته شعرا، ويذكر المزروعي محطات بارزة في حياة الجمري، فيتوقف عند قصيدته التي قالها عند تولي المغفور له الشيخ زايد الحكم في أبو ظبي حيث قال: يقول الشاعر الجمري مثايل تلاداها الملايا في رسايل وبعد إعلان دولة الاتحاد يرتجل الجمري أمام المرحوم زايد: على بختك الوافر على مجدك العالي هنيّا لك بأيام السعادة والاقبالي أثره الأدبي وعن آثاره الأدبية، يقول المزروعي إنه في العام 1983 صدر الديوان الأول للشاعر بعنوان “لآلئ الخليج”، وطبع على نفقة الشيخ زايد رحمه الله، واحتوى على مائة وإحدى وأربعين قصيدة، ورغم الأخطاء المطبعية، وعدم مراجعته مع الشاعر، إلا أنه كان عملا مهما لناحية توثيق شعر الجمري. وبسبب عدم شموله فقد راح المزروعي نفسه يبحث في مصادر شتى لينجز ديوان يشمل الديوان الأول وقصائد لم تنشر، وصدر عام 2010 من مطبوعات نادي تراث الإمارات في أبوظبي، وستكون هناك طبعة مزيدة ومنقحة من هذا الديوان كما وعد المزروعي الحضور. حصل الجمري على التكريم في ديسمبر 1981 في مهرجان الشعر النبطي في الشارقة، وفاز بالمركز الثاني لقصيدته: غنى الحمام وهيج القلب بغناه وادعى فؤادي مولع عاشق يرف وتوفي الشاعر الجمري في الثامن والعشرين من فبراير 1991 بعد مرض أقعده عامين في الفراش.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©