الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رحيل الشاعر العراقي سركون بولص

رحيل الشاعر العراقي سركون بولص
23 أكتوبر 2007 23:08
غيَّب الموت صباح أمس الأول (الاثنين) الشاعر العراقي الكبير سركون بولص عن عمر ناهز 63 عاماً بعد صراع مع المرض في أحد مستشفيات العاصمة الألمانية برلين·· مات وحيداً كما عرف عنه وهو في صحبة الشعر وقصائده·· وهو الشاعر الذي بحث عن حلمه الخاص في القصيدة والاغتراب متنقلاً بين عواصم العالم البعيدة وجغرافية اللغة اللانمطية وجد منذ البدايات من كان يستقبل شعره بترحاب كبير وهي ''مجلة شعر''· سركون بولص أحد جيل التجديد في القصيدة العربية في العراق والذي أطلق عليهم مجموعة الأربعة أو مدرسة كركوك التي قدِمت من كركوك إلى العاصمة العراقية بغداد وهم سركون بولص وفاضل العزاوي وجليل القيسي ومؤيد الراوي وجان دمو وأنور الغساني وزهدي الداوودي· وقدم بولص شكلاً ومناخاً جديداً داخل التجديد العربي نفسه، حتى عُدَّت قصائده بمناخها اللامعهود مكوناً غير مألوف في الشعر· المعنى المختلف والنسيج المتخيل واللا انتماء إلا للشعر قديمه وجديده والذي أتت بمفاهيمه مدرسة كركوك التي ضمت قصاصين مهمين أيضاً·عاش سركون بولص الحياة بكل أبعادها حتى أنه أصبح نموذجاً شعرياً للشعراء الشباب والأب الشعري لقصيدة التجديد الحداثية التي تحتفي بماهو يومي وعادي وما يفرزه اللاشعور عن تجليات في مخيلة الشاعر الذي أنهكته المدن· الثقافة يرد سركون بولص في حوار له منشور بإحدى الصحف العربية رؤيته تجاه الثقافة ويقول: أنا دائما أفكر بأن الثقافة شيء جميل لكنها غير كافية لتفسير التجربة البشرية· هناك نواحٍ كثيرة وفنون أخرى كالرسم الذي أحبه كثيراً، والذي كنت أساوم بينه وبين الكتابة، وقد فكرت بأن أترك الكتابة من أجله ذات يوم، والتمثيل الذي كان يسكن مخيلتي أيضاً، لكن رغبة التمثيل قد انتهت في داخلي بعد أن أرمّد شعري· والتمثيل كما تعرف هو حلم الشباب· ومع ذلك فالسينما فن عظيم له مكانة كبيرة في نفسي· الثقافة مكونة من كل هذه الأشياء، وأضيف إليها أسلوبي في الحياة، أو طريقة سيري في هذا العالم، أو اختياري لوظيفتي، أو انتقائي للأشياء التي تستحق الاهتمام في هذا العالم· هذه الأشياء كلها أعتبرها ثقافة، لكن الثقافة قد تبدو أحياناً أنها موجودة في الكتب فقط أو في المدرسة أو في الأكاديمية، لكن الأمر ليس كذلك، فأنا أحياناً لا أقرأ ولا أكتب لشهور وبعد ذلك أقضي سنوات في القراءة والكتابة· هذه موازنة داخلية لأنك تعرف تركيبتك وما تحتاج إليه· من سيرته ولد سركون بولص في العراق عام ،1944 وعاش حتى الثالثة عشرة في الحبانية (800 كلم غرب بغداد) الزاخرة بالمياه· بعدها انتقل الى كركوك، حيث بدأ كتابة الشعر· في العام 1961 نشرت قصائده في مجلة شعر · وبعدها بخمس سنوات يصل إلى بيروت سيراً على الأقدام، عبر الصحراء وبلا جواز سفر وقصد المكتبة الأميركية، طالباً أعمال آلن جينسبرج وجاك كرواك وآخرين، وأعد ملفاً عنهم في مجلة شعر · وفي بيروت انشغل سركون بالترجمة حتى أنه استأنف السفر حيث كانت وجهته الولايات المتحدة في عام (1969)، وفي سان فرانسيسكو يلتقي جماعة الـ بيتنيكس ويعقد صداقات معهم· وفي ديوانه الأول الوصول إلى مدينة أين والصادر عام (1985) يعكس بوضوح المرحلة البوهيميّة من حياته· ومن كتبه الشعرية الحياة قرب الأكروبول عام (1988)، الأول والتالي (1992)، حامل الفانوس في ليل الذئاب (1996)، إذا كنت نائماً في مركب نوح (1998)· وصدرت له مختارات شعرية مترجمة بعنوان رقائم لروح الكون ، وسيرة ذاتية بعنوان شهود على الضفاف ومختارات قصصية نُشرت بالعربية والألمانية بعنوان غرفة مهجورة · طفلة الحرب إلى طفلة عراقية ولدت في الحرب وفي الحرب ماتت الطفلةُ جاءت، تلك المفقودةُ في الحرب واقفة في نهاية الممرّ، في يدها شمعة أراها كلــّما استيقظت من نومي في الساعة الأولى من الفجر· إنها تنتظرُ ارتطامي بجدار الحقيقة· عيناها الكبيرتان من فظاعة الحكمة تصبُران في أشواك الرُبى حيث أفكاري تجوسُ ليلاً ، يدي التي بإمكانها أن تقطع قيودَها صوتي الذي قد يطرح أسئلة على القاتل أو الربّ تعرف هي أجوبة عليها··· كم طالت الحرب يا طفلة ؟ كم من الليالي في قاع أيّـة بئر ؟ أيّـة أبديّـة للأذى الآتي من كلّ الجهات؟ ماذا كان الجنرالُ ذو الأربع نجمات سيفعل، إن حرموا طفلته من حليبها ليوم واحد؟ تقول الطفلة: لقد أخذوا أهلي في سفينة إلى العالم الآخر· كنت أعرف دوما أنهم سيتركونني هنا، وحدي، على الشاطئ· كنت أعرف··· زيارة أبوظبي سبق لسركون بولص أن قدم إلى أبوظبي عام 1996 احتفاء من الشعراء الشباب الذين يرون فيه أقرب إلى نمط كتابتهم الشعرية، حيث أقيمت له أمسية في المجمع الثقافي بأبوظبي قدمه فيها الشاعر أحمد راشد ثاني كما التقت به ''جريدة الاتحاد'' بحوار طويل عن الشعر والترحال والغربة نشر في الملحق الثقافي آنذاك·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©