الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المقاطعة الأوروبية تقلق إسرائيل

المقاطعة الأوروبية تقلق إسرائيل
17 فبراير 2014 23:27
وأنت تقود سيارتك على الطريق المنحني من القدس إلى البحر الميت، وفي وقت تنفتح فيه التلال الصحراوية على غور الأردن، تلتقي عينك بمئات الصفوف من أشجار النخيل المثقلة بأفخر أنواع التمور. هنا في غور الأردن، وهو عبارة عن شريط ضيق في الضفة الغربية تزدهر فيها الزراعة الإسرائيلية، ينمو أكثر من ثلث تمور «المجدول» في العالم. كما أن كل صادرات العنب الإسرائيلية، إضافة إلى محاصيل وفيرة من الفلفل والأعشاب، تأتي أيضاً من هذه المنطقة القاحلة. ويعتبر الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لإسرائيل، ويمثل التبادل معه نحو ثلث تجارتها الإجمالية، وقد كان لوقت طويل هو الوجهة المفضلة لمنتوجات غور الأردن الزراعية. ولكن هذه الفواكه والخضراوات تُزرع على أراض تحتلها إسرائيل منذ 1967، وتلك مشكلة بالنسبة لعدد متزايد من المستهلكين الأوروبيين الذين يرون في شراء تلك المنتوجات دعماً وتأييداً للمصادرة والسيطرة غير القانونية على أراضٍ ومصادر مائية فلسطينية. وهذه الحملة أخذ تأثيرها يصبح محسوساً. ففي العام الماضي، فقد مزارعو غور الأردن ما يقدر بـ29 مليون دولار، أي 14 في المئة من العائدات، لأنهم اضطروا للبحث عن أسواق بديلة لصادراتهم، مثل روسيا حيث الأسعار أكثر انخفاضاً بما بين 20 و60 في المئة. كما أن صادرات الفلفل إلى أوروبا الغربية توقفت كلياً، وصادرات العنب من المحتمل أن تتوقف هي أيضاً تدريجياً هذا العام بسبب ضغط المستهلكين. وعلى مدى سنوات، كان القادة الإسرائيليون يقللون من شأن المقاطعة، إذ يقولون إن كميات أقل من التمور أو الفلفل في عربات التسوق الأوروبية لا يمكنها أن تؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي، ولكن خلال الأشهر الستة الماضية، أكدت مجموعة من البنوك الأوروبية، وصناديق التقاعد، وشركات الهندسة، والمشرعين، استياءها من المستوطنات الإسرائيلية، وبدأ الزعماء الإسرائيليون يأخذون التهديد هذه المرة على محمل الجد. ففي التاسع من فبراير، عقد رئيس الوزراء نتنياهو اجتماعاً خاصاً لوزراء الحكومة قصد صياغة استراتيجية ضد المقاطعة الاقتصادية المتزايدة. وخلال هذا الاجتماع، دفع أحد الوزراء، على ما يقال، في اتجاه تخصيص ميزانية بقيمة 28 مليار دولار للرد على الحركة بحملات إعلامية وقانونية قوية. والواقع أن ذلك لا يعني أن محفظة إسرائيل المالية بدأت تعاني الضغط - فالانخفاض في صادرات غور الأردن العام الماضي مثل 0,01 في المئة فقط من إجمالي الصادرات الإسرائيلية لعام 2013- ولكن ثمة تخوفاً من أن يكون تزايد المعارضة للسياسات الإسرائيلية مؤشراً على استياء متزايد من فكرة إسرائيل نفسها. وفي هذا السياق، يقول يسحاق ماير الذي شغل منصب سفير إسرائيل إلى بلجيكا وسويسرا في التسعينيات: «إن العقوبات هي ما يتعين علينا نحن الإسرائيليين أن نخشاه أكثر، لأنه يعني استياء العالم». ووفق استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية في 2013، فإن موقف الرأي العام الأوروبي من إسرائيل ما فتئ يتدهور، حيث انخفضت معدلات الرضا الشعبي بـ8 في المئة في إسبانيا وألمانيا إلى رقم واحد. وحتى في بريطانيا، التي تُعتبر أول بلد أوروبي دعم رسمياً إقامة دولة يهودية، فإن 14 في المئة من المواطنين فقط لديهم رأي إيجابي عن إسرائيل اليوم. والواقع أنه لطالما قوبلت السياسات الإسرائيلية بمعارضة مواطني ومشرعي الاتحاد الأوروبي على حد سواء، إلا أن الاستياء الشعبي -الذي غذته «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» التي يقودها الفلسطينيون منذ 2005- أخذت تشكل ضغطاً متزايداً على الشركات والحكومات حتى تتخذ إجراءات ملموسة أكثر. وفي هذا الإطار، يقول المواطن الهولندي ديفيد روس إنه يدعم مثل هذه الخطوات لأن «ما تحققه (هذه الحركة) هو التركيز على المشكلة بشكل أكبر»، مضيفاً «إن الناس سيتساءلون: ما الذي نفعله هناك؟ إنها تجلب المشكلة إلى الشوارع». ويمكن القول إنه لا شيء جلب المشكلة إلى الشوارع مثلما فعل تأييد الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون الأخير لشركة المشروبات الغازية «صودا ستريم»، التي تدير مصنعاً في الضفة الغربية، حيث رفضت جوهانسون دعوات للكف عن دعم احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية من خلال تأييدها، وبدلاً من ذلك أشادت بالمصنع باعتباره في زعمها ملاذاً للتعايش يوفر لنحو 500 فلسطيني وظائف هم في أمسِّ الحاجة إليها. غير أن دخول نجمة هوليود لهذا المعترك الساخن منح أيضاً حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» زخماً وانتشاراً جديدين. وفي هذا الإطار، يقول الناشط الحقوقي عمر برغوثي الذي ساهم في تأسيس هذه الحركة: «إن (مقاطعة صودا ستريم)… أدت إلى توعية جماعية للجمهور في كل مكان بالطابع غير القانوني للمستوطنات الإسرائيلية والتعدي على الحقوق الفلسطينية، والأهم من ذلك، بالحاجة إلى مقاطعة الشركات التي تشتغل في المستوطنات لإنهاء التواطؤ في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان». والواقع أن أوروبا حاولت على مدى سنوات استعمال الحوافز في تعاملها مع إسرائيل، حيث أزالت التعرفة الجمركية في وجه صادراتها وعززت التعاون معها في مجالات أخرى، ولكن حرب إسرائيل ضد غزة التي تحكمها «حماس» في 2008-2009 أدت إلى مظاهرات في أوروبا ودفعت مشرعي الاتحاد الأوروبي إلى التكيف مع المزاج الشعبي. كما كتبت كلير سبنسر، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز البحوث اللندني «تشاثام هاوس» في تقرير لها في أبريل 2009. ومن جانبه، يقول دانييل ليفي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في لندن، إن نشاط الشركات الأوروبية ليس رد فعل على أي عمل إسرائيلي معين، وإنما يأتي في وقت باتت فيه الشركات خاضعة للمحاسبة بشكل أكبر أمام جمعيات المستهلكين ومنظمات المجتمع المدني، سواء تعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان في مصانع النسيج البنجلاديشية أو قطع الأشجار في غابات الأمازون. كريستا كيس براينت - القدس سارة ميلر لانا - روتردام ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©