الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«يوغي» خرافات فرعونية تدمر عقول أطفالنا بسلاح الفضائيات!

«يوغي» خرافات فرعونية تدمر عقول أطفالنا بسلاح الفضائيات!
26 ابريل 2009 00:42
«في قديم الزمان، حينما كانت الأهرامات حديثة العهد بالبناء، لعب ملوك مصر لعبة قوة هائلة، تبارزوا فيها بالوحوش من أجل الثراء والحكم، ومن ألعاب الظل هذه نشأت حرب هددت العالم بأكمله، إلى أن جاء فرعون عاقل سجن قوى الشر وأغلق الباب السحري، وكان قدره أن يحبس داخل الأحجية، ولكن حتى القدر لا يبقى للأبد! ومضت 5000 عام بقيت فيها أسرار الألفية بعيدة عن الأنظار، لكن شاباً اسمه (يوغي موتو) وجد القطع المفككة وبقي سرها يحيره ويطوف في رأسه، ولأنَّ أسرار الصحراء لن تبقى مخفية على الدوام اكتشف (يوغي) أدكن أسرارها، وحل لغز أحجية الألفية لتتملكه روح الفرعون العائد، وتظهر ألعاب الظلام مرة أخرى للوجود». هذه الديباجة أعلاه هي ما جذب الصغار وعشاق «الإنميشن» من الكبار لمسلسل الكرتون الشهير( يوغي يو)، خرافة السر وعودة الفرعون الصغير أضافت إلى تلألأ الألوان وحماسة المنافسة بعداً من «التشويق والإثارة»، كما تروج قنوات الكرتون لهذا المسلسل، وكما اكتشفنا نحن أيضاً في هذا التحقيق الذي أثبت أنَّ أوقات كثير من الأطفال تذهب هدراً في متابعة تفاصيل غرائبية، ناهيك عن ما يتضمنه من تقديم للسحر بوصفه من الأمور المباحة، مع ما يعنيه ذلك من ازالة الحرم عن هذا الجانب الغامض من السلوك، إضافة إلى تشريع العنف في أذهان الأطفال الذين يشاهدون الصراع كيف يحسم اعتماداً على قواعد القوة وحدها..! في عيون الأطفال الحديث عن «يوغي» هو القاسم المشترك بين الأولاد، طلاب الرابع والخامس التأسيسي جميعهم تقريباً يعرفون المسلسل وأبطاله، ابن السنوات العشر حمد عبدالله الكعبي من متابعي اليوغي، يحاول أن يشرح لي بتعابير وجهه ويديه الصغيرتين لماذا يحب يوغي، ويقول: لا يعرف الكبار مسلسل يوغي، ولا تحبه البنات أيضاً، فشقيقتي تشاجرني دائماً، لكنهم لا يعرفون أنَّه «مسلسل التشويق والإثارة» ـ يستعمل هنا الثيم الذي يصاحب إعلان المسلسل- إن الكبار يتابعون المسلسلات الخليجية والأخبار، لكن يوغي بطل. أسأل حمد: كيف يكون يوغي بطلاً؟ ويرد بعفوية: اسمعي، يوغي يفكر، هو لاعب ماهر يمسك بأوراق التنافس، ويعرف كيف يستعمل الوحوش! يتابع بحماس: يوغي وأصحابه طلاب في معهد القتال، يتنافسون باستعمال بطاقات توضع في أجهزة، في كل بطاقة هناك وحش ما، وبمجرد وضعها في الجهاز يظهر الوحش للحقيقة ويصارع وحش الخصم، إنها «مبارزة الوحوش». يقاطع سعود راشد ابن عمه حمد، ويقول: لم يعد يوغي مثيراً الآن، كان طلاب المدرسة يتابعونه أكثر منذ عدة أشهر، لكنهم اليوم لا يتحدثون عنه كثيراً. يتابع سعود برزانة تضيفها إليه سنوات عمره الاثنتا عشرة: يوغي هو الفتى الطيب الذي حل لغز الألفية، منافساته دائماً للخير، علَّمه جدُّه القتال بالبطاقات، فصار يستعملها للقضاء على وحوش الشر. عن نفسي أنا لم أعد أتابع المسلسل كثيراً، لكن زملائي يحبونه، إنهم يقتنون بطاقات اللعب والدفاتر المميزة بصور يوغي، والأقلام وغير ذلك من الأغراض، أما أنا فمللته، وأعطيت ابن عمي أوراق اللعب خاصتي. هذه المرة يتدخل حمد، ليريني البطاقات التي يملكها: أعطاني سعود بطاقات إنجليزية، كان يترجم لي ما فيها، لكن هذه البطاقات عربية أفهم المكتوب فيها من دون مساعدة، انظري هذا سلايبر (قالها وهو يرفع بطاقة رسم عليها وحش أحمر ينفث ناراً) إنَّه واحد من أقوى الوحوش، حلمت أنني ألعب بهذه البطاقة مع يوغي قبل عدة أيام! حديث حمد وسعود الكعبي ليس مستغرباً في نظر الاختصاصي الاجتماعي عبدالرحمن هيكل سليم، الذي يؤكد «أنَّ الأطفال هم الفئة التي تتعامل ببراءة مع كل من هم حولهم، ولديهم استعداد لقبول كل جديد خاصة إذا كان في قالب جذاب، لهذا نرى أن بعض الأيدي الخفية قد امتدت لتغيير سلوكهم ومعتقداتهم، وكبح جماح طموحهم، وذلك من خلال بعض المسلسلات الكرتونية التي تهدف إلى تدميرهم، والمسلسلات الكرتونية كثيرة من غرندايزر ومازنجر مروراً بالبوكيمون ووصولاً إلى يوغي يو، تحمل كلها خرافات وأساطير تهدف إلى الدخول في عمق تفكير الأطفال». الآباء والأمهات عمران طفل عمره ثماني سنوات كان يتابع يوغي يومياً، قبل أن تستهويه لعبة اليويو، يقول «قصة اليوغي شائقة، لكنها صارت طويلة جداً، تابعت المسلسل عدة أشهر، لكنني تعبت منه! كل أصدقائي في المدرسة مهتمون به، أما أنا فأجد أنَّه صار عادياً، اقتنيت أوراق اللعب من قبل لاتبارى بها مع أصدقائي، لكنني تخلصت منها بمجرد أن حصلت على اليويو الذي يلعب به أبطال مسلسل كرتون آخر صرت أتابعه مؤخراً! ولا تخفي لمى سميح عوادة، والدة عمران، قلقها من تأثير مسلسلات الرسوم المتحركة على صغيرها، وتقول: أنا عادة لا أحب رسوم الكرتون، ولم أفكر أن أشاهد أكثر من عدة لقطات، ولأن لدي أطفالاً صغاراً ومسؤوليات كثيرة لا يمكنني أن أتفرغ لمتابعة الرسوم المتحركة مع صغاري، ومع ذلك أحاول التحكم بأوقات مشاهدتهم للرسوم المتحركة، ولا أسمح لهم بمشاهدة التلفزيون إلا قبل الغداء، وبعد أن ينهوا واجباتهم المدرسية. وتتابع لمى: ألاحظ أن عمران يردد كلمات يلتقطها من الرسوم المتحركة، بالإضافة إلى أنَّه يتشاجر مع شقيقته لمشاهدة ما يحبه في الوقت الذي يعرض فيه شيئاً تريد الفتاة أن تراه. وفي هذا السياق يقول الاختصاصي الاجتماعي عبدالرحمن هيكل: لسنا ضد الترفيه والتسلية، ولكن يجب وضع معايير وضوابط تحد من خطورتها، ووضع استراتيجيات التربية الصحيحة التي تساعد على الحد من الآثار السلبية للمسلسلات الكرتونية غير الهادفة، كما أهمس في آذان المربين من المعلمين وأولياء الأمور لتدريب الأطفال على التفكير في ما يشاهدونه ومناقشتهم، والتشجيع على التحليل النقدي لآثارها حتى يكتشف بنفسه آثارها السلبية. تقليد ومحاكاة محمد عبدالرحمن، أب لثلاثة أولاد، يتحدث عن ولعهم بمسلسل يوغي، ويقول: مشكلة صغاري أنهم سريعو التأثر، ولأنهم أولاد فهم دائمو الشجار، والغريب أنهم يتحولون إلى «أبطال كرتون» أثناء شجارهم، فيتحدثون بالعربية الفصحى! وليس من المستغرب أن تسمع أحدهم يقول لشقيقه تباً لك! يصمت محمد قليلا ليستذكر موقفاً قريباً ويقول: قبل عدة أيام كنت أمشي معهم في الشارع، فحاول أحدهم أن يجري من دون أن يراقب خلو الشارع، وحينما نهرته، أجاب بعفوية: يوغي يعبر الشارع أمام السيارات بسرعة من دون أن يصيبه مكروه. بخلاف التقليد والكلام الفصيح، يجد محمد أن هناك صعوبة في إقناع أولاده بعدم شراء ألعاب الكرتون، يقول: هم مغرمون بالرسوم المتحركة، ويعشقون أن تتزين غرفتهم بصور سوبرمان وسبايدر مان ويوغي، يحاولون الحصول على أوراق اللعب من أصدقائهم في المدرسة، إن لم يجدوها في البقالة، والغريب أنهم مستعدون لشراء 10 بطاقات بدرهم بينما سعر المجموعة التي تضم حوالي 100 ورقة لا يتعدى درهمين في المحال العادية. تصرفات أبناء محمد يجدها الاختصاصي عبدالرحمن هيكل تصرفات متوقعة، ويقول: مسلسل يوغي وغيره من المسلسلات تقوم على تنمية الخيال الواسع لدى الأطفال الأمر الذي ينعكس في حياتهم وتصرفاتهم، فيتخيلون أموراً غير حقيقية ويربطونها بالواقع، وليس من المستغرب أن يكون شجار الصغار نابع أساساً من اكتساب صفة العنف والسلوك العدواني عبر التقليد والمحاكاة، وتقمص شخصيات الوحوش التي تعرض في هذا المسلسل». ما هو اليوغي حين سألنا عبدالأحد – بائع في محل ألعاب أطفال، عن لعبة اليوغي أجاب باقتضاب: هذه اللعبة توزعها شركة صغيرة (لم يذكر اسمها) تباع بأسعار ما بين درهمين إلى عشرة دراهم حسب المحل، يعمد الكثير من الأولاد الصغار لشرائها، ومنها نسختان إحداهما عربية وأخرى أجنبية. اكتفى عبدالأحد بهذا القدر من الحديث، بينما بدأنا البحث عن أصل اليوغي. لم يكن كاتب المسلسل كازوكي تكاشي kazuki takahashi يتوقع كل هذا النجاح لعمله حين بدأه في1998 لكن يوغي – الذي عرض منه جزءاً أولاً فشل فشلاً ذريعاً في اليابان- سرعان ما غزا العالم بأجمعه، وصارت له دبلجات عديدة بمختلف اللغات الحية. قام المسلسل على أساس فكرة التنافس بين لاعبين اثنين، يملك كلاهما بطاقات تسمى ببطاقات الوحوش، كل بطاقة مختصة بوحش معين ولها عدد من النقاط تصف قوتها التدميرية أو الدفاعية، واللاعب الذي يملك العدد الأكبر من النقاط والوحوش الأقوى يستطيع أن يقضي على وحش اللاعب الآخر واخذ نقاطه. وعلى الفكرة نفسها تسابقت شركات ألعاب الأطفال لإنتاج بطاقات تشبه بطاقات وحوش اليوغي، صارت تنتشر بينهم في البيوت والمدارس، تباع بأثمان زهيدة. لعبة اليوغي الورقية اللعبة التي أخذت شكل بطاقات تشبه ورق الكوتشينة أو البتّة، كتب في أعلاها اسم الوحش مثل» التنين الأبيض أزرق العينين»، أو اسم السلاح المستعمل مثل «قوة الرعد»، ثم تبرز صورة الوحش أو السلاح في مستطيل يحتل ثلاثة أرباع البطاقة، وتحته يظهر شرح لعدد نقاط الوحش الهجومية والدفاعية. الغريب أن هناك أسلحة تستعمل في هذه اللعبة تحوي كلمات وعبارات منافية للأخلاق، منها سلاح (الاغتصاب) الذي يمنح مستعمله 3000 نقطة، أما إذا رضي المنافس باستعمال السلاح ضده يحصل المنافس أيضاً على 1200 نقطة! هناك أيضاً وحوش من تصنيف «حارس المقبرة»، أو «روح الفرعون»! وبخلاف أسماء الوحوش ترجمت البطاقات إلى اللغة العربية بشكل سيئ، أضاف غموضاً على ما تحتويه فصعب فهم ما فيها على الصغار الذين باتوا يستعينون بالكبار لشرحها
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©