الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائريون يعيشون أجواء استثنائية بفعل تراكم الثلوج

الجزائريون يعيشون أجواء استثنائية بفعل تراكم الثلوج
13 فبراير 2012
تعيش الجزائر منذ مطلع الشهر الجاري أجواء استثنائية بفعل تراكم الثلوج في أغلب ولاياتها الشمالية، ولم تُحرم منها حتى الصحراء بعد أن وصلت الثلوج إلى دائرة «جامْعة» ولاية وادي سوف، جنوب شرق الجزائر، ليعيش بذلك سكانُها ظاهرة مناخية غير مسبوقة. وأدخلت الثلوج البهجة على قلوب الكثير من الجزائريين الذين استمتعوا بمناظرها والتقطوا صوراً تذكارية لها، بينما خلفت معاناة لدى الكثير منهم بفعل شدة البرودة ونقص أسطوانات الغاز ووقود التدفئة وانقطاع الطرقات والتيار الكهربائي والتموين بالمواد الغذائية. (الجزائر) - بعد نحو يومين فقط من التوجه إلى الخالق تعالى بصلاة الاستسقاء في أواخر يناير الماضي بعد تأخر الأمطار هذا الموسم، بدأت تهطل على مختلف أنحاء الجزائر أمطارٌ غزيرة تبعتها موجاتٌ من الثلوج، وحتى الجزائر العاصمة التي لم ينزل بها سوى نزر يسير من الثلوج في فبراير 2005، نالت نصيبَها الوافر منها هذه المرة، فبلغ سُمكُها في أعالي «بوزريعة» 20 سنتمتراً، بينما تراوحت بين 30 و40 سنتمتراً في أغلب مناطق البلد لتصل إلى ذروتها في مرتفعات ولايات بجاية وتيزي وزو وسكيكدة وميلة وجيجل، حيث بلغ علوّها المترين، بحسب ناصر مخيلف، مسؤول بوزارة الأشغال العمومية. وعُزلت الكثير من القرى عن العالم الخارجي ووجد سكانها أنفسهم محاصرين داخل بيوتهم وعاجزين حتى عن الخروج للتمون بالمواد الغذائية، ما دفع الجيش إلى التدخل لإلقائها من المروحيات. برد شديد أعقب ذلك موجة برد شديدة إثر انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الـ 9 درجات تحت الصفر بولاية «البيَّض» غرب الجزائر وسبعة تحت الصفر بباتنة وسطيف شرق البلد ليلاً، وبلغت اثنتين تحت الصفر نهاراً، بحسب ديوان الرصد الجوي الذي أوضح أن هذه الموجة من البرد قادمة من سيبيريا. وأدى تساقط الثلوج أياماً، إلى انقطاع 316 طريقاً في 30 ولاية جزائرية بحسب وزارة الأشغال العمومية، حيث توقفت حركة المرور ببعضها أياماً متتالية، وأعلنت ولاية «البيَّض» على إثرها توقيف الدراسة في كل مؤسساتها الدراسية إلى غاية تحسن حالة الطقس، بينما توقفت الدراسة جزئياً ببقية الولايات، وكثرت الغيابات عن العمل في ولايات كثيرة لتعذر التحاق العمال والموظفين بأعمالهم. ولوحظت في ولايتي سطيف وباتنة (290 و367 كلم على التوالي شرق الجزائر)، أن حركة المرور في طرقاتها، الرئيسة والثانوية على السواء، كانت بطيئة حذرة بفعل تراكم الثلوج على الطرقات، وزاد من خطورة الأمر أنها كانت مكسوّة بطبقة رقيقة من الجليد، فضلاً عن صعوبة في الرؤية لاستمرار هطول الثلوج، وأدت السياقة في هذه الأجواء إلى وقوع 48 حادث مرور خلف 10 قتلى و122 جريحاً في يوم واحد، بحسب الرائد عزوط لطرش من قيادة الدرك الوطني. بينما أعلنت الحماية المدنية مقتل 9 أشخاص بفعل تسرب الغاز الذي زاد عليه الطلبُ للتدفئة. مرحٌ ومداعبات لم يكن تراكم الثلوج كله معاناة للجزائريين، فقد خلق بالمقابل أجواء استثنائية أدخلت البهجة إلى قلوب الكثيرين، وفي مقدمتهم الفلاحون الذين استبشروا خيراً بموسم فلاحي جيد وحمدوا الخالقَ على سرعة الاستجابة لصلاة الاستسقاء التي أداها الجزائريون مؤخراً، حيث ستحيى الأرض بعد مواتها وتنضج الغلال وتيْنع الثمار، كما ستضمن مزارعُهم وبساتينُهم مواسمَ من الري بعد أن شارفت السدود على الامتلاء، وأعلن وزير الموارد المائية عبد المالك سلال، أن نسبة امتلاء السدود بلغت 68 بالمائة، وهي نسبة لم تُسجَّل منذ سنوات. واكتست الطبيعة حلَّة بيضاء ناصعة باهرة الجمال امتدت على مئات الكيلومترات وجعلت آلاف المسافرين عبر الطريق السيار شرق - غرب الممتد على 1266 كيلومتراً يتوقفون في مناطق عديدة رائعة الجمال لالتقاط صور تذكارية أو أشرطة فيديو أو التمتع بتأمل هذه اللوحات الربانية الجميلة قبل أن تذوب، بينما وجدها الشباب والأطفال فرصة لتبادل الرشق بكريات الثلج في أجواء من الضحك والمرح. يقول عمار السايح، من ولاية عنابة شرق الجزائر وهو يقف في ولاية البويرة، 120 كلم شرق الجزائر، رفقة عدد من أصدقائه «إنها أجواء رائعة أنستنا ما عشناه من برد، المناظر خلابة، والمتعة مع الأصدقاء لا تُضاهى، هي أجواء قد لا تتكرر لسنوات، وعلينا اغتنامها». ارتفاع الأسعار أفضت هذه الأجواء الاستثنائية أيضاً إلى ندرة أسطوانات الغاز ووقود التدفئة والمواد الغذائية والتهاب أسعارها، خاصة في المناطق المعزولة؛ إذ ارتفعت أسعار أسطوانات الغاز في الجزائر العاصمة، بحسب بعض السكان، وبلغت مستوى خيالياً في ولاية البيَّض حيث وصلت إلى 1400 دينار (نحو 70 درهماً إماراتياً)؛ أي ضعف سعرها الحقيقي بـ 7مرات كاملة. إلى ذلك، يقول يوسف تيشات من ولاية بومرداس «هناك ندرة حادة في أسطوانات الغاز بفعل انقطاع طرق التموين استغله المضاربون لرفع أسعاره، المواطن المسكين مضطر لشراء أسطوانة الغاز بأي ثمن، لأنه لا يحتمل أن يرى أطفاله وهم يرتجفون أمامه من شدة البرد، هذا إن كان محظوظاً ووجد أسطوانة غاز أصلاً». إلى ذلك، أوضح السعيد عكراش، مدير مؤسسة المشتقات النفطية، أن هذا التذبذب إلى المضاربة وكذلك الانقطاع المؤقت لطرق التموين يعود إلى «الطلب على أسطوانات الغاز كبير جداً ويتجاوز 650 ألف أسطوانة يومياً، الغاز متوافر وستنتهي الأزمة في غضون أيام». وفضلاً عن ذلك، التهبت أسعار الخضراوات بفعل ندرة العرض، فتضاعفت البطاطا من 35 ديناراً إلى 70 ديناراً للكيلو جرام بأسواق الجزائر العاصمة و60 ديناراً بأسواق باتنة، وارتفع سعر الطماطم من 70 إلى 160 ديناراً، والكوسة من 80 إلى 150 ديناراً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©