هنري: الديوك أهم من أرقامي

ستبقى الأرقام القياسية هي حلم كل رياضي ورياضية في كل الألعاب، وسيبقى تحطيم مثل هذه الأرقام متعة ما بعدها متعة عند النجوم الموهوبين مثلما نلمس ذلك بوضوح في ألعاب مثل السباحة والعدو ورفع الأثقال والوثب الطويل والعالي وغيرها من الألعاب التي تعتمد على الأرقام وهي عادة ألعاب فردية، ويختلف الحال قليلاً في كرة القدم فهي رغم أنها لعبة جماعية إلا أن تحطيم الأرقام القياسية وارد فيها من خلال الأهداف التي يسجلها اللاعبون في شباك المنافسين سواء مع الأندية التي يلعبون لها أو مع منتخبات بلادهم· وآخر الأرقام التي تحطمت في عالم الساحرة المستديرة جاء من فرنسا عندما نجح النجم الهداف تيري هنري في تحطيم الرقم القياسي للأهداف التي يسجلها لاعب مع منتخب بلاده وهو الرقم الذي كان مسجلاً باسم ساحر فرنسا المعتزل ميشيل بلاتيني الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (41 هدفاً) والطريف أن تيري هنري نجح خلال ثلاثة أيام فقط في معادلة رقم بلاتيني ثم تحطيمه وتجاوزه بفارق هدفين ليصبح 43 هدفاً عندما سجل هدفي منتخب بلاده في مرمى فريق ليتوانيا في التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية التي ستقام عام ·2008 ولا ينبغي أن ننظر إلى الرقم القياسي على إطلاقه لأنه لا يعكس الصورة الحقيقية لمعنى الرقم وقيمته، وإنما الرقم النسبي هو المُعبّر الحقيقي عن قيمة أي رقم ولتقريب المسألة أقول إنه اذا كان تيري هنري قد عادل رقم بلاتيني (41 هدفاً) بعد 96 مباراة لعبها مع منتخب بلاده ما بين رسمي وودي، فإن بلاتيني قد سجل أهدافه الـ 41 في 72 مباراة فقط وهو ما يعني أن المعدل النسبي عند بلاتيني أفضل منه عند هنري وهو 5,57 هدف في كل مباراة بالنسبة لبلاتيني مقابل 5,43 هدف في المباراة بالنسبة لتيري هنري، الأمر الذي يعني أن بلاتيني ما زال هو الأفضل لأنه سجل أهدافه في عدد أقل من المباريات· والمعدل النسبي الذي أتحدث عنه يدفعني إلى القول بأنه لا بلاتيني ولا هنري الأفضل وإنما الأفضل منهما بمعيار المعدل النسبي للرقم هو الفرنسي الهداف جوست فونتين الذي سجل 30 هدفاً مع منتخب بلاده في 21 مباراة فقط ومنها 13 هدفاً في كأس العالم 1958 بالسويد وهو انجاز لم يلحق به أحد حتى الآن وربما لن يلحق به أحد مطلقاً فرصيده النسبي هو 1,42 هدف في كل مباراة· ولم يكن ميشيل بلاتيني بحاجة إلى القول بأنه ما زال يعتبر نفسه أفضل من تيري هنري وفقاً للمعدل النسبي، وإنما اعترف لمجلة فرانس فوتبول الفرنسية بأنه سعيد بأن يكون هنري هو الذي حظم رقمع القياسي وقال: الأرقام القياسية خلقت لتحطيمها، وأنا لم أعد أشغل نفسي بما فعلته في مشواري كلاعب لأنني أمارس الآن وظيفة أخرى· وأضاف بلاتيني: هنري لاعب حاسم صاحب أهداف مصيرية وأسهم بقوة في نجاح الكرة الفرنسية في السنوات الأخيرة واعتقادي الشخصي أن انجازاته على مستوى الأندية ليست على نفس مستوى ما يملكه من موهبة، وهو على أية حال يستطيع أن يحقق المزيد والأفضل· ومن جانبه قال هنري: أنا أيضاً سعيد بأنني تجاوزت الرقم القياسي لنجم كبير مثل بلاتيني ولكن الأهم عندي أن يجتاز منتخب فرنسا بنجاح التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية، فالتأهل أكثر أهمية من الرقم القياسي الشخصي· وبمنتهى التواضع يعترف هنري بأنه لولا الآخرين ما كان يمكنه أن يصل إلى هذا الرقم القياسي ويعلق قائلا: اذا كنت أسجل فالفضل في ذلك يرجع إلى زملائي في المنتخب· أرقام تفصيلية ونشرت مجلة فرانس فوتبول إحصائية بتفاصيل الأهداف التي سجلها كل من بلاتيني وهنري حيث سجل بلاتيني خمسة أهداف في نهائيات كأس العالم (بطولتي 1982 و1986) وتسعة أهداف في التصفيات المؤهلة لبطولة كأس الأمم الأوروبية و12 هدفاً في تصفيات بطولات كأس العالم وهدف واحد في تصفيات كأس الأمم الأوروبية و14 هدفاً في مباريات ودية دولية للمنتخب ليكون المجموع 41 هدفاً· أما هنري فقد سجل 6 أهداف في نهائيات كأس العالم وخمسة في نهائيات كأس الأمم الأوروبية وهدفين في تصفيات كأس العالم و11 هدفاً في تصفيات كأس الأمم الأوروبية و4 أهداف في كأس القارات و15 هدفاً في مباريات دولية ودية مع المنتخب· واذا كان الفرنسي العبقري جوست فونتين قد عرف أن شخصاً ما يدعى بلاتيني سيحل محله يوماً ما فإن هذا الأخير عرف بدوره يوم أعلن اعتزاله اللعب عام 1987 أن ثمة خليفة سيحل محله إن آجلاً أو عاجلاً ويحطم هذا الرقم، وها هو تيري هنري ينجح بعد عشرة أعوام بالتمام والكمال من أول مباراة دولية لعبها مع المنتخب وكانت يوم 11 اكتوبر 1997 في مدينة لانس الفرنسية ضد منتخب جنوب أفريقيا، وسجل مع الأرسنال الانجليزي 226 هدفاً في 370 مباراة في كل المسابقات مجتمعة، بينما لم يسجل بلاتيني سوى 104 أهداف مع فريق يوفنتوس تورينو الذي لعب له في سنوات الثمانينات· ويبقى أن نعرف أن هنري سجل 11 هدفاً من أهدافه الـ 43 في عام واحد فقط هو عام 2003 بينما سجل في عام مونديال ألمانيا 2006 ثمانية أهداف أحلاها هدفه في مرمى البرازيل في دور الثمانية لكأس العالم من التمريرة الحاسمة التي مررها له نجم فرنسا زين الدين زيدان، وكان ذلك تحديداً يوم أول يوليو 2006 في فرانكفورت· والـ 43 هدفاً التي سجلها هنري كانت في 31 منتخباً مختلفاً فمنها أربعة أهداف في مرمى منتخب مالطة وهدفين في مرمى كل من منتخبات السعودية وقبرص والدانمارك واسكوتلندا ومصر وجزر الفارو والبرتغال وسويسرا وليتوانيا وهدف واحد في مرمى كل من جنوب أفريقيا والجزائر وألمانيا والبرازيل والكاميرون والصين وكولومبيا وكوريا الجنوبية وكوستاريكا وكوت ديفوار وايرلندا واليونان واسرائيل وإيطاليا واليابان والمغرب ونيوزلندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وتوجو وتركيا·