ألمانيا تتجه إلى التزلج على الجليد الصناعي

بعد أن بدأت أشهر الأماكن والمنتجعات المتخصصة بالتزلج على الثلوج على سفوح جبال الألب الأوروبية تفقد سحرها وخصوصيتها بسبب تناقص هطول الثلوج في المواسم الشتوية، وجد المختصون حلاً مناسباً يتمثل في إنشاء الأنفاق الثلجية المبردة، واعتباراً من الصيف المقبل، سوف يتمكن هواة التزلّج من ممارسة رياضتهم المفضلة في أرقى المنتجعات الألمانية وفي عزّ موسم الصيف· ويتألف نفق التزلّج الثلجي من أنبوب متعرج ذي قطر واسع كجسم الأفعى، ويكون مبنياً بالإسمنت المسلح وقد يبلغ طوله ألفي متر، وتم بالفعل بناء أول هذه الأنفاق في مدينة أوبيرهوف الواقعة شرقي ألمانيا والشهيرة بغاباتها الكثيفة· ويتضمن النفق الجديد طبقة من ثلج اصطناعي يتم تحضيره بواسطة تجهيزات ضخمة للتبريد المتواصل، وهو مجهّز بأحـــــدث نظــــام للإضاءة، ويتضمن نوافذ واسعة تطلّ على الغابات الكثيفة والمناظر الخلابة· وأوضح رالف لوثير المدير العام للمشروع أن تكلفته الإجمالية بلغت 13 مليون يورو ''20 مليون دولار'' وتوقع أن يسجّل عوائد سياحية كبيرة بسبب الإقبال الكبير الذي تحظى به رياضة التزلج وخاصة في أوساط السياح الذين يقصدون ألمانيا· وكان تقرير صدر عن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي قبل بضعة أشهر قد أشار إلى أن ارتفاع معدل درجة حرارة الكرة الأرضية بمقدار درجتين فحسب، سوف يهدد المستقبل السياحي لمنتجعات التزلج على الجليد التي دأبت على جذب أعداد غفيرة من السياح سنوياً إلى منتجعات التزلج الشهيرة المنتشرة على سفوح جبال الألب في سويسرا والنمسا وألمانيا، وتوقع التقرير أن تنخفض عوائد هذه الصناعة المزدهرة إلى نحو ثلث عوائدها الحالية· وبدأت العديد من شركات الاستثمار السياحي هناك بالتفكير في نقل نشاطاتها إلى القمم الجبلية الأكثر ارتفاعاً، لأن ثلوجها قادرة على الصمود لمدة أطول أمام الارتفاع المتواصل في درجة حرارة الأرض· وتُروى في هذا الصدد قصة طريفة مفادها أن مطعم ''جينتيانا'' في منطقة دافوس السويسرية الشهيرة بمسطحاتها الجليدية المثالية لرياضة التزلج على الجليد، أصبح يشكو من نقص الثلج المتساقط حتى بدأ صاحبه بالتفكير في استثمار المنطقة بزراعة العنب المعروف أنه ينمو في الأجواء المشمسة· ويبلغ قطر نفق أوبيرهوف الثلجي 17 متراً، وكان قد فاز بموافقة السلطات المحلية على ترخيصه خلال شهر مارس الماضي، ويقول لوثير في وصفه: ''هذا أول نفق تزلج صناعي يتم إنشاؤه في ألمانيا، وهو من دون شك الأكثر تطوراً في العالم أجمع، وهناك عدة أنفاق مشابهة تم إنشاؤها في فنلندا والسويد وسيبيريا إلا أنها لا تقاس بمدى تطور نفق أوبيرهوف''· وأشار لوثير إلى أن النفق الجديد سوف يستخدم أيضاً لإجراء الألعاب الثلجية الشتوية وسوف يفتتح أبوابه رسمياً أمام السيّاح وهواة رياضة التزلج في شهر يونيو المقبل· ويقول ستيفان شوارزينباخ أحد كبار المسؤولين في الفيدرالية الألمانية للتزلج على الجليد إن النفق الجديد هو جزء من مشروع متكامل لإنشاء الأنفاق الثلجية الاصطناعية، وهو المشروع الذي تم إعداده في إطار التصدي للمشاكل المستعصية الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي التي تشهدها الأرض· وكانت التظاهرات الرياضية الألمانية ذات العلاقة بالتزلج على الجليد، قد نقلت العام الماضي إلى أعالي جبال الألب النمساوية، أما الآن فإن في وسع ألمانيا إعادتها من جديد إلى بلدها· ورفض شوارزينباخ بشكل قاطع الاحتجاجات الصادرة عن نشطاء الدفاع عن البيئة في ألمانيا والذين أشاروا إلى أن إنشاء مثل هذه الأنفاق يتطلب استخدام عدد ضخم من المحركات والمولدات الكهربائية التي تحرق الوقود، مما سيعني أن هذه المشاريع تسهم في زيادة التلوث واحترار الأرض· عن صحيفة ''فاينانشيال تايمز''